في نهاية لقائهما المهم، أعطى رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو للرئيس الأمريكي باراك أوباما، هدية، عبارة عن "سفر إستر". هذا الكتاب الذي يتطابق فعليا مع هذه الأيام، تماما مثلما كان الحال في عهد الملك الفارسي أحشويروش، هامان، مردخاي، وإستر. وأنا على يقين بأنه في محيط الرئيس أوباما هناك مستشارون يهود سيمكنهم شرح المغزى من وراء الكتاب فيما يتعلق بالأبعاد الواقعية.
منذ أن اعتلى اليهود منصة التاريخ، وقف في وجههم الكثير من الأعداء والحاقدين. فمعاداة السامية ليست باختراع ظهر في القرن العشرين، ولكنها قديمة وتعود إلى آلاف السنين. وانقسم أعداء اليهود إلى عدد من المجموعات بناءا على مؤامراتهم الشريرة. فرعون مصر أراد أن يقتلهم ويبيد جميع الذكور، فهو لم يكن على علم بأن اليهودية تتحدد طبقا للأم وليس الأب.
وأراد اليونانيون في حقبة متاتياهو الحشموني، والقساوسة الكاثوليك في العصور الوسطى إبادة الثقافة والمعتقد اليهودي، ولكنهم أخطئوا في تقدير مدى تمسك اليهود بإيمانهم. وطمع الزعماء الإقطاعيون في أواخر العصور الوسطى في أموال اليهود، ولم يدركوا مدى كفاءة الزعامات اليهودية في المناورة وقدرتهم على تحريك الأموال من جيب إلى جيب. وأراد هامان وهتلر كل شئ، أرادا سلب الممتلكات، إخضاع الروح وإبادة الجسد. وها هو أحمدي نجاد يسير على دربهما حقا، ويهدد بلا توقف بإبادة دولة إسرائيل، لذا فهو يعد السلاح الذي لم تعرف الإنسانية أكثر منه فتكا.
إستر ومردخاي
ويصف (سفر إستر) مؤامرة هامان، ومدى إصرار مردخاي اليهودي وشجاعة إستر الملكة، وخاصة اليد الخفية التي توجه التاريخ الإنساني. فقد أطلق هامان على هذه اليد (المصير)، بينما يطلق اليهود عليها بعد خمسة آلاف عاما (الرب). ويتضح من خلال سفر إستر أن الرب هو من انتصر على المصير، فشعب إسرائيل حي، أما هامان وجميع أبنائه فقد شُنقوا على الشجرة التي أعدوها بأنفسهم لمردخاي اليهودي. وهناك دليل آخر على الصراع الوجودي غير النهائي بين مفهوم الصدفة في العالم وبين المفهوم الذي يرى في العالم واقع موجه يسير من نقطة بداية إلى نقطة نهاية.
مفتاح إنقاذ اليهود
لقد كان مفتاح إنقاذ اليهود في عهد مردخاي وإستر هو الدمج بين الإيمان والأمل في أبدية إسرائيل، وحدتها الداخلية واستعدادها للعمل أيضا حين تكون فرص النجاح ضئيلة. واليوم أيضا تحتاج دولة إسرائيل مفاتيح النجاح هذه حين تواجه التهديد الإيراني الذي يزداد وضوحا اليوم ويتحول إلى تهديد حقيقي، على الرغم من أن هناك خبراء يحاولون لأسباب غير واضحة التقليل من أهميته.
الأيام الأخيرة في إسرائيل، حين كان رئيس الحكومة في رحلة مهمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تُسمع أصوات تظهر الأمور بصورة مهنية قاتمة تحاول أن تفرض على مواطني دولة إسرائيل حالة من الذعر. ومن الممكن أن نحصي من بينهم زعماء المعارضة، محللين كبار في المحطات الإخبارية، ورجال إقتصاد أوهنهم الإنشغال المستمر بالمال مما أضعف لديهم قيمة الحياة نفسها. وهؤلاء الذين يفتقرون إلى الإيمان يرسمون صورة مشوهة وملتوية لموقف دولة إسرائيل، حتى في الأيام التي نحتاج فيها إلى الوحدة.
إن صراعهم ضد رئيس الحكومة يضعهم في هذا الموقف، ويدرك كل مواطن أن دولة إسرائيل في حاجة لتمرير الخيار العسكري ودفعه قُدما، بينما يرسم هؤلاء المعارضون إنطباعا وكأن الشغل الشاغل لحكومة إسرائيل هو الحرب. من واجب جيش الدفاع ومسئولية الحكومة أن يستعدا للحظة التي لن يكون أمامها خيار، ووقتها سيكون من واجبهما إبادة العدو.
لهذا من المهم أن يقرأ كل واحد سفر إستر، فهو مدهش في مدى واقعيته ومطابقته لهذه الأيام، الأمر الذي يثبت أن التاريخ اليهودي يتكرر، ولكن هذه المرة هناك بعض الإختلاف، وهو أننا نمتلك القدرة على الدفاع عن أنفسنا.
تعليقات
إرسال تعليق