هذه الاسرار الخطيرة مترجمة ومسربة من اقوال جنرال امريكي وهو على فراش الموت. انه احد زعماء (فدرالية الاخوة العالميةIFB) وهي المنظمة السرية التي تتحكم بالعالم من خلال سيطرتها على قيادات امريكا والكثير من الدول الغربية....موضوع هام وارجو قراءته للنهاية
نعم ثمة مشروع سري يخص الشرق الاوسط تقوده هذه(الفدرالية العالمية) يجري تطبيقه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. يهدف هذه المشروع الى منع أي استقرار وسلام وتطور في المنطقة من خلال حروب اهلية ودولية تبقيها دائما ضعيفة متوترة متخلفة. واللجوء احيانا الى التدمير الشامل لبعض البلدان حسب النموذج العراقي، لكي يتم فيما بعد اعادة بنائها بالصورة الملائمة تماما لمصالح امريكا، حسب المبدأ المعروف: النظام ينبثق من الخراب: (Ordo ab chao). هنا مختصر المشروع:
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تم الاتفاق السري بين القوى الغربية على ان ترث امريكا المستعمرات الاوربية الانكليزية والفرنسية، ولكن بطرق استعمارية جديدة تتميز بالتخطيط البعيد المدى، وتعتمد اساسا الوسائل الثقافية والسياسية والمخابراتية اكثر من اعتمادها على الجيوش.
بالنسبة لمنطقة شرق البحر المتوسط(البلدان العربية وتركيا وايران)، فقد توصلت القيادات الامريكية الفاعلة، العلنية والسرية، الى القناعة التالية:
ان هذه المنطقة الواسعة الواقعة شرق البحر المتوسط، شكلت عبر التاريخ المركز الحضاري الخطير المنافس للمركز الحضاري الاوربي(غرب البحر المتوسط). وهي بكل بساطة المنطقة المجاورة مباشرة لاوربا، حيث تمتد من مضيق البسفور التركي الى مضيق جبل طارق المغربي ـ الاسباني. وهذه المنطقة هي التي تفصل اوربا عن باقي العالم القديم(قارتي آسيا وافريقيا). وفيها تشكلت اولا حضارات التاريخ:العراق ومصر وسوريا. ومنها جائت الى اوربا غالبية المعارف والمكتشفات مثل الابجدية، وكذلك العقائد والاديان، ومن ابرزها المسيحية واليهودية والاسلام. ومن هذه المنطقة انطلقت القوى الغازية لاوربا:
فينقيون ثم عرب ثم اتراك. وكانت الامبراطورية العثمانية آخر القوى العالمية الشرقية التي احتلت شرق اوربا وظلت تهدد سلامتها لعدة قرون. ولحسن الحظ نجح الغرب بتدمير هذه الامبراطورية من خلال التأثير في النخب العثمانية نفسها وجعلها تتبنى الثقافة الغربية وتتبنى الفكر القومي التقسيمي الرافض للوحدة الاسلامية العثمانية.
ولخطورة واهمية هذه المنطقة بالنسبة لأوربا، فأنه طيلة التاريخ جهدت القوى الاوربية الفاعلة من اجل اضعافها والسيطرة عليها: الرومان، الصليبيون، ثم الفتوحات الاستعمارية في القرون الاخيرة، حتى سياسة التغلغل والاضعاف والسيطرة الممارسة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الآن!
بالاعتماد على هذا الفهم لتاريخ العلاقة بين الشرق ـ والغرب، فأن (IFB) وضعت استراتيجيتها التي تتمحور حول الهدف الرئيسي والنهائي التالي:
منع اية امكانية لتوفر شروط ثقافية ودينية وسياسية واقتصادية مستقرة وآمنة تسمح لشعوب المنطقة بأن تتقارب وتتعاون وتبني قوة حضارية كبيرة قد تشكل مستقبلا امبراطوية خطرة تهدد سلامة االغرب، ومصالح امريكا بالذات!! بأختصار شديد، ان سلامة الغرب وامنه يستوجب الضمان الاكيد بوجود انظمة ملائمة ومتحالفة مع الغرب ومع امريكا بالذات. وليس هنالك اية امكانية لتحقيق هذه الضمانة الا باللجوء الى المبدأ المعروف(النظام ينبثق من الخراب)، أي العمل على تهيأة جميع الاسباب لتدمير المنطقة بكاملها من اجل إعادة بنائها، دول وشعوب وثقافات وقناعات ومصالح، بما ينسجم تماما مع مصالح الغرب...
ان هذا الهدف الاستراتيجي للتدمير الكامل يعتمد على توفير العامل الاساسي التالي:
خلق التوتر والعداء والتعصب بين الجماعات الاساسية التي تتكون منها مجتمعات الشرق الاوسط. صحيح ان هنالك ما لايحصى من الدول والجماعات السياسية والقومية والدينية، الا ان باحثينا قد توصلوا الى تحديد جماعات فعالة تعتبر اساس مجتمعات الشرق، وهي:
ـ المسلمون السنة، المسلمون الشيعة، العلمانيون، المتدينون، اليهود، المسيحيون، بالاضافة الى الجماعات القومية المختلفة من عرب واتراك وفرس واكراد، وغيرهم.
اما التطبيق الفعلي فقد تركز على المبدأ التالي:
نحن لا نختلق المشكلة... بل نعثر عليها ونساعد على استفحالها. نحن مثل المنقبين عن النفط، لا نصطنعه بل ننقب عنه وما ان نعثر عليه حتى نحفر الابار من اجل تفجيره واستثماره!
بناء على هذا المبدأ شرعت لجاننا المختصة التي تضم العديد من الباحثين من ابناء الشرق الاوسط وغيرهم في مختلف المجالات، للتنقيب عن المشاكل الكبرى الكامنة تحت الارض والمعتم عليها، من اجل اظهارها وانضاجها وتفجيرها. عليه فقد رسمت استراتيجتنا على المحاور الاساسية التالية:
اولا، تدمير الاسلام من خلال خلق العداء والتناحر بين السنة والشيعة. ان هذه النقطة تعتبر من اهم واخطر اهداف استرتيجتنا الكبرى في اضعاف المنطقة وانهاكها وتغذية روح الضغينة والحروب بين شعوبها.
يتوجب التوضيح الى اننا نمتلك نظرة الى الاسلام والمسلمين لم نتجرأ ان نفصح عنها بصورة علنية. لقد اقتنعنا بأن الاسلام، وبعد هزيمة الشيوعية، ظل هو العقيدة الوحيدة في العصر الحديث التي تمتلك هذه الطاقة الروحية العجيبة في مواجهة الحضارة الغربية بكل جبروتها وعنفوانها. اكثر ما يثير دهشتنا في المسلمين، انهم مهما اعترفوا بضعفهم وتخلفهم الحالي، الا انهم يصرون على امتلاك تلك القناعة الدينية العميقة بأن(الله والحق) معهم. ومهما اعترفوا بأن الغرب حاليا هو الغالب والمهيمن والمالك للحضارة والعلم، الا انهم رغم ذلك يصرون على التمسك بـ(ماضيهم التليد) و(مجتمعهم السالف العظيم) الذي حسب اعتقادهم، يفوق بعدله وعظمته الحضارة الغربية الحالية! وبالتالي هم يمتلكون كل المبررات للنظر بعين الاحتقار لحضارتنا الحالية، من اجل بناء حضارتهم الاسلامية الموعودة.
لهذا فأننا قررنا اللجوء الى الحل السحري المعروف لتدمير اية عقيدة عنيدة، أي من خلال المؤمنين بها انفسهم. نعم تدمير الاسلام من خلال المسلمين انفسهم. منذ اعوام الخمسينات ونحن نشتغل على هدفنا هذا بصورة هادئة وحساسة باذلين الجهود والاموال الطائلة، حتى نجحنا اخيرا في بلوغ مرحلة متقدمة. لقد توصلت لجان باحثينا التي تضم مسلمين ومختصين بالاسلام، الى اهم خطوة من اجل ذلك، وتكمن بخلق قطبين متناحرين يشقان الاسلام والمسلمين في الصميم. هكذا في نهاية اعوام الخمسينات، وقع اختيارنا على ان تكون العربية السعودية مركز القطب السني، وايران مركز القطب الشيعي. لقد اشتغلنا بمهارة ودبلوماسية على الدوليتن. فمن ناحية، اوحينا وشجعنا السعودية على نشر الفكر الوهابي بين الحركات الاسلامية وخصوصا الاخوان المسلمين وبناء الجوامع والمؤسسات السنية في انحاء العالم الاسلامي والجاليات المسلمة، وتشجيع الافكار السلفية والمتعصبة ضد الشيعة خصوصا. من ناحية ثانية، استعنا بحليفنا شاه ايران لكي يدعم تأسيس الاحزاب والمؤسسات الدينية الشيعية في العراق ولبنان وباكستان وغيرها من البلدان. لكننا للأسف اضطرننا للتخلص من حليفنا الشاه عندما بلغنا المرحلة الثانية من المشروع، اذ دعمنا ولا زلنا ندعم خفية سلطة الملالي في ايران لكي تكتسب مشروعية اقوى كزعيمة دينية شيعية لشيعة العالم، مرادفة للعربية السعودية كزعيمة سلفية للسنة.
في اعوام السبعينات استفدنا كثيرا من رود فعل المسلمين ضد الاحتلال السوفيتي لافغانستان، وبالتعاون مع حليفتنا السعودية، استثمرنا الكثير من العناصر الشابة المسلمة الثائرة التي وافقت على التعاون معنا لمكافحة الوجود السوفيتي، وشرعنا من خلال عملائنا بتأسيس الحركات السلفية الاسلامية وعلى رأسها الطلبان والقاعدة. من يصدق بأن (ثقافة العمليات الانتحارية الاسلامية) نحن من ابدعها بواسطة لجاننا المختصة، ثم نجحنا من خلال عملائنا ببثها بين الاسلاميين الجهاديين لكي يمارسونها في عملياتهم الارهابية ضد اخوتهم المسلمين انفسهم!
كانت ذروة نجاحتنا في هذا المجال، ما يسمى بـ(كارثة 11 سبتمر 2001). نعم ان عملية تدمير البرجين في نيويورك كانت من صنع(القاعدة)، لكننا نحن من صنع القاعدة، ونحن من هيأ كل اسباب نجاح هذه العملية. فبأسم مكافحة الارهاب الاسلامي، تمكننا من استعادة كل قوانا وتنظيم صفوفنا وابعاد وتصفية كل المعارضين لنا في داخل القيادات الامريكية والغربية، وحركنا اساطيلنا لغزو العالم بدأ من افغانستان ثم العراق.
لا زالت هذا الحركات السلفية تخدم مشروعنا بصورة مباشرة او غير مباشرة من خلال مساهمتها الفعالة في تدمير العالم الاسلامي وتأجيج التناحر الدامي مع الشيعة. اننا تمكنا من خلق شبكات بعيدة عن الشبهة رغم تبعيتها السرية لنا، لكي تغذي وتدعم ماليا وعسكريا ومخابراتيا هذه الحركات الاسلامية العنفية، لاننا ندرك انها بالحقيقة مهما صدقت بمعادات الغرب وامريكا ومهما نجحت بقتل بعضا من جنودنا، الا ان مهمتها الاولى والكبرى تبقى محصورة في تدمير العالم الاسلامي واضعافه من الداخل، ومنحنا كل التبريرات لكي نبعد معارضينا ونمارس هيمنتنا على العالم بحجة مكافحة الارهاب!
وكانت الخطوة الاخيرة في مشروعنا التدميري للاسلام، تتمثل في احتلال العراق لتحويله الى ساحة للصراع الدامي والشامل بين القطبين السنة والشيعة.(هذه النقطة العراقية الخطيرة سوف نفصلها في الجزء الثاني الذي سينشر قريبا).
ثانيا، منع أي تقارب بين الجماعات القومية الاساسية التي تشكل الشرق الاوسط، من خلال دعم التيارات القومية العرقية المتعصبة ذات الاحلام الامبراطورية والتوسعية، مثل تيارات القومية العربية والايرانية والتركية والكردية.
فتيار القومية العربية مثلا، قد لعب دورا كبيرا في تأسيس وبث ثقافة الحقد القومي المتعصب ضد جيران العرب من اتراك وايرانيين، وكذلك فرض ثقافة العزل والتغريب للجماعات القومية غير العربية التي تتعايش مع العرب في ذات اوطانهم، مثل الاكراد والتركمان والزنوج وغيرهم.
لقد نجحنا في منع أي تفاهم وسلام بين الاكراد وشركائهم في اوطانهم، من خلال دعم الجماعات القومية الكردية المتعصبة والانفصالية ومدها بالسلاح والدعم المعنوي والاعلامي.
ان لجاننا المختصة هي التي صنعت للأكراد تلك الفكرة الرومانسية عن(كردستان الكبرى) وضخت في متعلميهم تلك الأساطير القومية والأوهام الكبرى عن تراث قومي عظيم، ليس له أي اساس من الحقيقة الا في داخل لجاننا المختصة. بهذه الآيدلوجية القومية المتعصبة غذينا تلك الاحزاب والحركات التمردية الانفصالية في بلدان الشرق الاوسط من اجل اضعاف أي حكومة قوية قادرة على توفير السلام والاستقرار. لحسن حظنا ان الاكراد، رغم كل هذه التجارب الطويلة والكوارث المستمرة، لم يدركو حتى الآن ان الرابح الوحيد من كل هذه التمردات، نحن وحدنا، بالاضافة الى تلك القيادات القومية المدعومة من قبلنا. لا زالوا حتى الآن بكل حماس يقدمون انفسهم كوقود للمحارق القومية التي نطبخ عليها مشاريعنا.
ثالثا، منع أي تقارب بين العلمانيين والمتدينين، من خلال دعم الاتجاهات المتعصبة والمتطرفة لدى الطرفين. اننا بالوقت الذي سخرنا كل امكاناتنا الاعلامية والثقافية والسياسية من اجل نشر الثقافة الغربية وتشجيع النخب العلمانية الحداثية، فاننا بنفس الوقت وبصورة غير مباشرة دعمنا دائما التيارات السلفية والمتعصبة من خلال التركيز الاعلامي على رموزها ونشاطاتها والتحالف مع العربية السعودية مركز السلفية السنية في الشرق. بل اننا كثيرا ما دعمنا التيارات اليسارية والماركسية لانها بعدائها المتعصب للدين تساهم بصورة فعالة في تغذية الانشقاق العلماني ـ الديني وتعمق التطرف. فمؤسستنا الاعلامية والثقافية هي وراء انتشار تلك الفضائيات المتحاربة والمتطرفة في العالم العربي: اما دينية سلفية ظلامية، أو حداثية تتبنى آخر الصرعات الغربية فنيا وثقافيا واجتماعيا.
رابعا، منع أي تقارب بين العرب(مسلمين ومسيحيين) واليهود. ان أي تقارب عربي ـ يهودي يمكن ان يشكل اكبر خطر على الهيمنة الغربية. يجب تذكر الحقيقتين التاليتين:
ـ ان اليهود شرقيين بديانتهم وثقافتهم وانتمائهم واصلهم. بالاضافة الى انهم ظلوا خلال القرون الطويلة في تقارب وتحالف مع المسلمين وساهموا في صنع حضارتهم.
ـ ان الجاليات اليهودية في بلدان الغرب نشطة ومهمة، واي تقارب عربي ـ يهودي، يعني ان تتحول هذه الجاليات اليهودية الى جاليات شرقية فعالة تخدم مصالح الشرق وحضارته المنافسة للغرب.
لهذا فأن غايتنا الاولى والكبرى من تكوين اسرائيل ودعم وجودها وقوتها، ان تقوم بدور القوة الشريرة المانعة لأي تقارب عربي ـ يهودي. اننا نبذل كل امكانياتنا لكي نخلق التوتر الدائم بين الطرفين، وندعم بصورة خفية العناصر المتعصبة، ونغذي القوى العسكري الحربية لديهما ونشيع النميمة والاحقاد في وسائل الاعلام. فنحن الذي كنا ندعم بصورة غير مباشرة الجماعات الفلسطينية المتطرفة من امثال ابو نضال، الذي ساعدنا بتصفية الكثير من الكوادر المثقفة والسلمية الفلسطينية. ونحن ايضا جهدنا بكل امكانياتنا لكي نفشل انتفاضة الحجارة لانها كانت سلمية ومناقضة لكل سياستنا بتأجيج العنف، واقنعنا اسرائيل لكي تتفق مع عرفات، حتى نجحنا اخيرا بتسهيل عملية فوز حماس الاسلامية والاستحواذ على غزة لكي يدوم الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني، والاسرائيلي ـ الفلسطيني. لكننا بنفس الوقت نحرص على ان نوحي للجميع بأننا نفعل المستحيل لكي نقارب بينهما، وبين حين وآخر نمارس مسرحية دبلوماسية اعلامية للتوسط بينهما، تنتهي عادة بالفشل وديمومة الصراع! بفضل سياستنا هذه، نجحنا في منع أي تقارب عربي يهودي، وبنفس الوقت تخلصنا من ازعاجات اليهود وعدائهم التاريخي للمسيحية وللغرب من خلال تحويل هذا العداء ناحية العرب، اخوتهم في الدم والتاريخ.
خامسا، منع أي تقارب مسيحي ـ اسلامي في الشرق الاوسط ، خصوصا في(لبنان، والعراق، ومصر)، من خلال دعم العناصر المتعصبة لدى الطرفين، وتشجيع التوترات والحروب والمذابح بينهما. والعمل على خلق نخب مسيحية دينية وعلمانية مرتبطة تماما بالغرب وتشعر بأن مسيحيتها تعني بأنها غربية وليست شرقية. وكذلك تشجيع الهجرة المسيحية الى بلدان الغرب وفتح الابواب لهم. للأسف اننا لم ننجح بتنفيذ مشروعنا بتكوين دولة مسيحية في لبنان لتكون مركز تجمع مسيحي الشرق، على غرار اسرائيل. بصورة لم نتوقعها تراجع القادة المسيحيين عن اتفاقاتهم معنا. ان هدفنا النهائي من هذه السياسة يهدف الى تفريغ مجتمعات الشرق من الوجود المسيحي (بعد ان افرغناها من الوجود اليهودي بتكوين اسرائيل)، وكذلك من باقي الاقليات الدينية، لكي يصبح شرقا مسلما بكل معنى الكلمة. ان وجود اليهود والمسيحيين وباقي الجماعات الدينية وتعايشهم مع المسلمين، يصعب علينا كثيرا مواجهة الشرق واتهامه بالتعصب والتخلف ومعادات الغرب لأننا مجتمعات مسيحية ويهودية! اننا نبتغي ان يتحول الشرق الى اسلامي 100% لكي تسهل علينا مهمة اقناع شعوبنا ونخبنا بمواجهة هذا الشرق ومعاداته باعتباره قوة اسلامية كاملة خطرة.
ـــــــــــ
2
هذه هي الأسباب السرية جدا لأحتلال العراق!
هذا هو الجزء الثاني قبل الاخير من اعترافات صاحبي الحكيم الامريكي، وهو على فراش الموت، احد زعماء(فيدرالية الاخوة العالميةIFB )، المنظة السرية العالمية التي تتحكم بامريكا وغالبية الدول الغربية:
لا احد يدرك كم(العراق) مهم بالنسبة لنا نحن في (IFB). لقد نجحنا بالتضليل على السببين الاكبرين لاحتلالنا له، من خلال التركيز على السببين المعروفين الذين اتفق عليهما الجميع:
1ـ ان العراق، جغرافيا هو مركز الشرق الاوسط. السيطرة عليه تعني السيطرة على قلب الشرق الاوسط، جغرافيا وعسكريا وحضاريا.
2ـ وهو كذلك اقتصاديا يمتلك اكبر خزين نفطي، بالاضافة الى النهرين والكثير من المعادن المهمة المكتشفة وغير المكتشفة.
لكن بالحقيقة ان هذين السببين ثانويين في استراتجيتنا الخفية. فلو كانا هما الاساسيين كما اوحينا للجميع، لما اضطررنا ابدا لاحتلال العراق، لأن صدام حسين كان مستعدا لتقديم كل التنازلات لنا، يمنحنا حق استثمار البترول كما نرغب، وكذلك التعاون العسكري الكامل معنا بما فيه انشاء قواعد عسكرية مشتركة في انحاء العراق.
لكن طموحاتنا ازاء هذا البلد اكبر من امكانات صدام مهما اراد التنازل لنا، اذ تتجاوز الى حد بعيد المصالح النفطية والعسكرية، الى مصالح استراتيجية سياسية وعقائدية وتاريخية تعتبر هذا البلد من اخطر المناطق في استراتجيتنا الكبرى للسيطرة على العالم، وبالتالي تتطلب حضورنا المباشر في ارض العراق:
1ـ سياسيا ـ دينيا، وهذه نقطة مهمة جدا : ان شعب العراق يتنوع الى سنة وشيعة (بالاضافة الى الاكراد والتركمان والمسيحيين وغيرهم)، ويقع مباشرة وسط القطبين الاسلاميين المتصارعين: القطب الشيعي الايراني والقطب السني السعودي. وهذا يعني انه البلد الوحيد المهيأ جغرافيا وسكانيا، لأن يكون ساحة للصراع بين القطبين المتحاربين وتعميق الشقة في العالم الاسلامي اجمعه بين الشيعة والسنة.(سنفصل هذه النقطة بعد قليل).
2ـ رمزيا وباطنيا، وهذه النقطة تعتبر واحدة من اكبر اسرارنا التي نجهد لاخفائها : ان للعراق اهمية روحية تاريخية خطيرة بالنسبة لنا نحن اعضاء (IFB)، لحسن الحظ لم ينتبه لها احد غيرنا. ليس صدفة ابدا ان رئيسنا بوش اختار يوم اعلان الحرب الاولى على العراق عام 1991 ليعلن عن نهاية نظام القطبين المتنافسين وانبثاق (النظام العالمي الجديد) أي ميلاد اول حضارة عالمية موحدة في التاريخ.
القيمة التاريخية والباطنية العظمى للعراق
اننا نؤمن من خلال قناعاتنا الباطنية السرية المورثة بأن الكون تتحكم به قوى جبارة خفية مجهولة، لغتها هي الرموز الكونية المعروفة، من اهمها ابراج النجوم. ان هذه القوى الجبارة منذ خلق الارض قد اختارت بعض المناطق لتكون مقرات ثابتة لها. يبدوا انها قد اختارت الشرق الاوسط ليكون موطنها وارض نشاطها وابداعها التاريخي والحضاري. وقد اختارت عاصمتين لها: (العراق) ليكون مركز الابداع الناري الفعال والاجتياحي والتوسعي. و(مصر) لتكون مركز الابداع المائي الانكفائي والمستقر. لهذا فأن هذين البلدين بقيا مركزا حضارة وتاريخ الشرق الاوسط وعموم العالم القديم، طيلة آلاف الاعوام. ليس صدفة ابدا انهما كانا مقرا لاولى واعظم حضارات البشرية، لأن تلك الحضارات كانت من صنع تلك القوى الجبارة المجهولة.
من المهم التوضيح: أن الحضارة المصرية لا تخيفنا لانها طيلة التاريخ ظلت حضارة مسالمة، لم تنبثق فيها دولة توسعية ولم تمارس الغزو الخارجي الا لاسباب دفاعية، اذ ظلت دائما معتكفة على ذاتها وعلاقتها مع الجيران قائمة على الحماية والدفاع وليس التوسع والغزو. انها حضارة روحانية أخروية جوهرها تقديس الحياة الاخرى، لهذا فأن اعظم رموزها هي (الاهرام)، اتي هي اساسا قبورا للملوك، وكتابها المقدس هو(كتاب الموتى) الذي فحواه كيفية تجاوز يوم الحساب وبلوغ الآخرة!
بينما الحضارة النهرينية هي النقيض تماما، انها مادية دنيوية لا تؤمن بالحياة الاخرى ولا بجنة موعودة، بل غايتها الدنيا والمتعة، لهذا فأن اعظم رموزها هو (برج بابل والجنائن المعلقة) وهي رموز دنيوية غايتها العظمة والمتعة، اما كتابها المقدس فهو(قصة كلكامش) الذي اعلن صراحة استحالة بلوغ الخلود وان غاية الانسان هو التمتع بالدنيا. نعم أن الروح العراقية نقيض الروح المصرية، لأنها نارية استحواذية توسعية، فكان العراق مقرا لامبراطوريات كبرى توسعية منذ البابلين والآشوريين، وصولا لأخطرها امبراطورية العباسيين التي حكمت نصف آسيا وشمال افريقيا طيلة قرون. بل ان هذا البلد كان كذلك مقرا وعاصمة لامبراطوريات اجنبية كبرى، مثل امبراطوريتا الاسكندر المقدوني ثم الساسانيين الذين اختاروا المدائن عاصمة لهم.
لهذا فأننا في (فيدرالية الاخوة العالمية) قد آمنا بأن الحضارة المصرية لا يمكنها ان تنافسنا، فبقينا دائما في علاقة ايجابية معها بل جعلناها ركنا مقدسا في عقيدتنا الباطنية وتبنينا الكثير من رموزها الدينية. ونجهد دائما لتسليط الاضواء عليها في وسائل الاعلام والمؤتمرات والجامعات والمتاحف والمكتبات.
اما الحضارة العراقية فهي منافسنا الاكبر لأنها الاقرب الينا، فحضارتنا الغربية هي صورة محدثة عنها، أي ذرورة الحضارة المادية الدنيوية. أننا نعرف ونعترف بأن جذور حضارة الغربية ترجع الى بابل، ونحن لا نتنكر لها، بل نخشى ان نعلن عن ذلك صراحة لألا تسرقنا هذه الحضارة وتستولي علينا، فتصبح (بغداد) هي (باريس ولندن ونيويورك). انها الروح التي نحتاجها ونقدسها في اعماقنا، لكننا لا نريد ان نعترف بها، الا بعد التيقن من قدرتنا على السيطرة عليها. نحن مثل الابناء اليافعين، نحتاج الى الكثير من النضج والاستعداد لكي نتصالح مع معلمنا الاول ونتمكن من التفاهم الايجابي معه والاستفادة من خبراته وثرواته. ان العراق حضارة خطيرة بقدرما هي جبارة وغنية وعظيمة. انه اشبه بالحيوان الحيال المفترس الذي يحتاج الى الكثير من القوة والسيطرة والمراوغة والتركيع والتجويع من اجل تدجينه وترويضه. ان أي ضعف من قبلنا ازاء هذه الروح العراقية النارية المتحفزة سوف يمنحها الفرصة التاريخية المنتظرة لكي تثب علينا وتلتهمنا مثلما التهمت غيرنا من قبلنا. انظرو الى صدام، كان يكفي بعض الغفلة والدعم والتساهل من قبلنا، حتى يشرع فجأة بتنفيذ مشروعه الامبراطوري الشرق الاوسطي، من خلال التوغل في ايران ثم احتلال الكويت للسيطرة على العربية السعودية لينفث حلمه الامبراطوري الموروث والمتجذر في ارض موطنه!
لهذا فأننا منذ سنوات طويلة تمحورت سياستنا ازاء هذه الحضارة الخطرة في ناحيتين:
ـ التعتيم عليها في جميع وسائل الاعلام والمؤسسات المعنية، رغم تقديسنا السري لها. بل العمل على تشويهها من خلال التركيز على الموقف التوراتي منها ومسألة(سبي اليهود) ونقمة الله على بابل وتدميرها. والتعتيم ايضا على دور العرب والمسلمين والحضارة العباسية في تنوير اوربا.
وجعل(الف ليلة وليلة) وحكايات العبيد والجواري هي الصورة الاعلامية الوحيدة الشائعة في الاعلام العالمي.
ـ بنفس الوقت، فأننا نجهد بكل امكانياتنا للتعمق في معرفة تواريخ وتفاصيل وخفايا هذه الحضارة من خلال النبش والتنقيب والدراسات السرية، على امل فك اسرارها والسيطرة عليها والاستعداد لمواجهة كل مفاجأتها الغير منتظرة. أننا نؤمن ان هنالك اسرار كبرى تحت الارض تركتها القوى الجبارة المؤسسة لها والمتحكمة بالكون. بل ربما هنالك ادوارا مفترضة لقوى معينة قادمة من كواكب اخرى قد ساهمت بتأسيس الحضارة في سومر وبابل. لهذا فأن من اهم غايات اجتياحنا العراق والسيطرة عليه، ان نستحوذ على آثاره المهمة وننقب بصورة سرية عن بعض الآثار الخاصة التي تقودنا الى تلك الاسرار المخفية الخطيرة. ليس صدفة ان اولى خطواتنا في اول يوم لسيطرتنا على العراق، اننا هيئنا لسرقة المتحف العراقي وتدميره من اجل التعتيم على استيلائنا على بعض الآثار المهمة. كذلك قمنا بالسيطرة على الموقعين الاثريين لمدينتي (بابل) و(اور)، وحولناهما الى معسكرين خلال عدة سنوات من اجل التغطية على عمليات التنقيب السرية بحثا عن بعض الآثار الهامة التي ستساعدنا على فك اسرار هذه الحضارة الجبارة والسيطرة عليها.
نعم صحيح تماما ادعائنا بأننا اتينا لكي نبني العراق، ولكن ما لم نقله بوضوح، اننا سوف نبنيه بعد ان ندمره ونفكك مفاصله وندرسه ونفهم اسراره ونضمن تماما كل مفاجأته ووثباته الغادرة. فبسيطرتنا الروحية التاريخية على العراق نضمن سيطرتنا الفعلية على الشرق الاوسط كله، وبالتالي عموم العالم.
القيمة السياسية ـ الدينية للعراق
في مطلع الالفية الثانية اقتضت المرحلة الاخيرة من مشروعنا التدميري القائم على التقسيم الطائفي للعالم الاسلامي، ان نفرض الممارسة الفعلية لهذا الصراع أي بلوغ مرحلة الحرب الدامية بين الطرفين. وقد وقع اختيارنا على العراق حيث تتوفر فيه افضل الشروط الملائمة للصراع الشيعي ـ السني. اذن موقع العراق الجغرافي المجاور لايران والسعودية خصوصا ثم باقي المشرق العربي بالاضافة الى تركيا، وانقسامه الطائفي الواضح جعلنا نختاره كأفضل ساحة للصراع الشيعي الايراني ـ السني السلفي السعودي!
طبعا هنالك اسباب مكملة داعمة اخرى، فهو ليس فقط ملتقى القطبين الاسلاميين، بل ايضا ملتقى التنوعات القومية لبلدان الشرق الاوسط: عرب ، اكراد، تركمان، مسيحيون، وغيرهم..
هكذا، اننا بعد ان قمنا باضعاف وخنق العراق حربيا واقتصاديا وبشريا طيلة اعوام التسعينات، نجحنا بفضل دعم اصدقائنا القادة الاكراد والاسرائيليين والايرانيين والسعوديين، ان نقنع قادة العراق وباقي الناقمين على صدام ، ان يكونوا اداة طيعة في مشروعنا التدميري للعراق وللعالم الاسلامي بأجمعه، بحجة مكافحة الدكتاتورية وبناء الديمقراطية!
يتوجب التنويه بدور صديقنا صدام، فهو قد خدمنا منذ صعوده الى السلطة عام1979 ، اذ قام باعدام القادة البعثيين المناوئين لسياستنا وتخريب الوحدة مع سوريا، ثم دخول الحرب التدميرية مع ايران، ثم اجتياح الكويت، وتوفير كل الحجج لنا بضرب العراق وحصاره وتجويعه واذالاله حتى اجتياحه واحتلاله. بل ان المسكين قد خدمنا دون قصد حتى بعد اطاحتنا به، اذ نجحنا من خلال مسرحيات محاكمته التلفزيونية ان نخلق منه بطلا عربيا سنيا راح ضحية المتعصبين الشيعة، وهذا الامر لعب دورا حاسما في تغذية الصراع الطائفي!
منذ عام 2003 تمكنا بصورة تفوق التوقع ان نجعل من العراق ساحة مكشوفة ومثال فاضح لكل المسلمين للصراع الدامي المحتدم بين القطبين الشيعة ـ السنة. بل جعلنا منه ارضا لعذابات المسيحيين والصابئة وباقي الجماعات، بلالاضافة الى اسطورة عذابات الاكراد قبل ذلك. نعم طيلة عقدين من الزمان جعلنا من العراق ارض الخراب ومركزا للظلام الذي ينتظر المنطقة بأجمعها. آملين ان نجعل منه فيما بعد ارض النظام والاستقرار والبحبوحة ومركزا لشرق اوسط ديمقراطي منسجم تماما مع مصالحنا.
ستراتجيتنا الحالية في العراق
ان خلاصة سياستنا الحالية في العراق، ان يبقى لسنوات طويلة قادمة تحت سيطرتنا الكاملة(مباشرة وغير مباشرة) سياسيا وعسكريا. والعامل المهم الذي نجحنا بتأسيسه ونعمل على ابقائه، اننا جعلنا الدولة العراقية منقسمة طائفيا وقوميا، بحيث لايمكنها ان تكون دولة مركزية قوية، وهي عرضة سهلة لتفجيرها والتحكم بها. فترانا دائما عندما يستقوي الاكراد ويضعف العرب نبادر الى خلق الخلافات بين الاكراد وتسهيل ضربهم من قبل دول الجوار. وما ان يستقوي العرب حتى نبادر الى تأجيج الصراع الطائفي بينهم ونعطي المجال لبروز الدور الكردي واستخدام ورقة كركوك. واذا ما لا حظنا توحد الاطراف العراقية كلها وبروز نوع من الثقة بالدولة والشعور بالاستقرار وبروز ميول الوطنية المعادية للامريكان، حتى نبادر بتحريك عملائنا وتسهيل الامر للارهابيين للقيام بعمليات تدميرية تزعزع هيبة الحكومة وتحيّ الاحقاد الدينية وتشجع هجرة الشباب والكوادر، وبالتالي تبرير الاعتماد علينا من اجل حمايتهم من الارهابيين!
هل تعلم، بأننا نحن من يشجع التغلغل الايراني في العراق ونعمل اعلاميا على تضخيمه اضعافا اضعاف، من اجل اخافة الدول العربية وتركيا ودفعها لكي تتصارع في ارض العراق، وايضا اخافة العراقيين ودفعهم للتمسك بنا لحمايتهم من الخطر الايراني.
خذ مثلا، مسألة تأخير تكوين الحكومة خلال اشهر طويلة. كان يكفي منا بعض الضغوط البسيطة على قادة الاطراف المتنازعة لكي يضطروا للاتفاق والموافقة على تكوين الحكومة المناسبة. لكننا تقصدنا الحيادية ولعب دور الاب الناصح الطيب الذي لا يمتلك سلطة حاسمة ازاء الضغوط الايرانية والسعودية والسورية.. كل هذا من اجل ان يدوم ضعف الدولة ويفقد العراقيين ثقتهم بنخبهم وقادتهم ويدعم شعورهم الطفولي بأنهم بحاجة لدورنا الابوي الناصح والحامي لأمن البلاد!
ومن اكبر دلائل نجاحنا الكبير في التحكم بعقول العراقيين وباقي العالم، اننا اوهمناهم بأننا عازمون على ترك العراق بعد ان فشلت سياستنا به. وبين حين وآخر نجري مسرحية اعلامية عن انسحابات عسكرية خداعة. بينما يكفي القليل من الحكمة للتفكير بالامر التالي:
اننا شيدنا في المنطقة الخضراء في بغداد اكبر واضخم واقوى سفارة في تاريخ البشرية. مساحتها 104 هكتارات وتعد أكبر بستة إضعاف من مجمع الأمم المتحدة في نيويورك، وبعشرة أضعاف من سفارتنا في بكين. كلفتها حوالي مليار دولار وتكلفة إدارتها السنوية مليار دولار. فيها 20 مبنى و1000 موظف، وهي تعتبر مدينة مستقلة حيث تضم السكن والاسواق وكل وسائل الترفيه ومولدات الطاقة والتنقية والتصفية، حتى يمكنها العيش مستقلة تماما لعدة اعوام!
فكيف يصدق انسان حتى لو كان له عقل طفل، اننا نشيد مثل هذه السفارة الاسطورية في بلد ندعي بأننا في الطريق لمغادرته؟!
ـــــــــــــ
3
هكذا نتحكم بكم، وكذا يمكنكمالنهوض
سياسة الراية الخداعة
طبعا اننا ما بلغنا هذه النجاحات الكبرى في تدمير العراق خصوصا كنموذج لبلدان الشرق الاوسط، الا لاننا استعنا بخلاصة تجاربنا السابقة التي نفذناها في العالم، والتي اطلقنا عليها تسمية (سياسة الراية الخداعةـ False Flag) والتي تعني قيامنا نحن انفسنا بعمليات ارهابية ضد مصالح بلادنا وننسبها الى خصومنا لكي نعطي التبرير لاعلان الحرب عليهم. وقد انجزنا عمليات ناجحة كثيرة في هذا الخصوص، من ابرزها هجومنا نحن ضد اسطولنا(Pearl Harbor) عام 1941 الذي منحنا الحجة لمهاجمة اليابان والقاء القنبلتين الذرتين عليها ثم احتلالها. كذلك التخطيط لعملية(opération Northwoods) عام 1962 بتكوين ميليشيات كوبية تقوم بعمليات ارهابية ضد قاعدتنا في كوبا من اجل اعطاء الحجة لمهاجمة كوبا واحتلالها. لكن الرئيس كندي اعترض، ثم اعترض كذلك على مشروع مهاجمة فيتنام، فاضطررنا للتخلص منه ونسبنا اغتياله الى شخص معتوه.
كذلك تجربتنا بتنظيم ميليشيات سرية في انحاء اوربا بعد الحرب العالمية الثانية تحت اسم(Stay- Behind) من اجل مكافحة النفوذ الشيوعي وتنفيذ عمليات ارهابية تنسب الى اليسار المتطرف، فتمنح حجة لتدخلنا وتجبر الحكومات الاوربية للاعتماد علينا. وضمن هذا السياق في اعوام الستينات والسبعينات طبقنا خصوصا في ايطاليا وتركيا سياسية اسميناها (ستراتيجية الاضطراب ـ Strategy of Tension) خلقت التوتر والعنف من خلال العمليات السرية ودعمت انصار امريكا وبررت تدخل العسكر لتحجيم اليسار وقمعه.
وكانت ذروة نجاحاتنا في تطبيق سياسة (الراية الخداعة) في الشرق الاوسط، هي عملية تدمير برجي نيويورك عام 2001 وخلق اسطورة(بن لادن والقاعدة)، ثم نجاحنا الفائق في العراق بتأجيج الحرب الطائفية ونشر العنف والاحقاد، من خلال فرضنا سياسة (اجتثاث البعث) التي كانت لأجتثاث الدولة العراقية نفسها. بالحقيقة نحن ليس لدينا أي مشكلة مع البعث، فهو كان حليفنا السري لسنوات طويلة، وكان من السهل جدا الابقاء عليه مع بعض التغييرات الشكلية بالاسم والشعارات، ليلعب دورا ايجابيا ضمن الدولة الجديدة، كما حصل في الانظمة الاشتراكية السابقة حيث ابقي على الشيوعيين ضمن الخارطة الجديدة. لكننا كنا ندرك ان الابقاء على البعث يعني الابقاء على الدولة وعلى البلد قويا مستقرا، وهذا خطر علينا لانه يعني سهولة تمكن العراقيين من توجيه حقدهم علينا وتخريب مشروعنا. لهذا اقنعنا عملائنا وحلفائنا بتبني سياسة الاقصاء والاجتثاث، ثم تنفيذ عمليات الاغتيال للكوادر والعلماء والقادة العسكريين والحزبيين من خلال (فرق الموت الشيعة) المدعومة من قبلنا، بذلك تهيأت الاجواء الكاملة لـ(الميليشيات السلفية السنة) لكي تلعب دورها الارهابي المطلوب. وقد ساعدنا حلفائنا القوميين الاكراد كثيرا في تنفيذ سياستنا هذه لقاء فرضنا على (الارهابيين)عدم شمول المنطقة الكردية بعملياتهم التخريبية.
الاعلام اخطر اسلحتنا الحديثة
كما قال رئيسنا (ريغان) ان فشلنا بحرب فيتنام كان بسبب فشلنا بأستخدام الاعلام)! لهذا فأننا شرعنا منذ اعوام الثمانينات، ثم مع الثورة التكنلوجية العظمى في مجال الاعلام في اعوام التسعينات دخلنا بقوة بأستخدام وسائل الاعلام في التأثير الحاسم على الحكومات والتحكم بمواقف الشعوب. وقد نجحنا الى حد كبير في المزج العلمي الفائق الدقة بين (فن الاعلام) و(فن المخابرات)، إذ خلقنا شبكات سرية واسعة من العملاء والمنتفعين في معظم بلدان العالم، وخصوصا في الشرق الاوسط، تتكون من الصحفيين والمثقفين المرتبطين بالاعلام بما فيهم الكتاب والسينمائيين وغيرهم. وخصصنا ميزانيات كبرى في تشييد المؤسسسات الاعلامية المرتبطة سريا بنا: (صحف وفضائيات ومواقع انترنت ووكالات انباء ومراكز دراسات، وغيرها)، ودعم وشراء الكوادر النشطة في الاعلام من اجل تنفيذ سياستنا الاعلامية ـ الثقافية ونشرها على اوسع نطاق.
ان اعظم الخدمات التي لم تكن محسوبة، قدمتها لنا تلك الفضائيات التلفزيونية التي دعمنا اقامتها في منطقة الخليج، والتي بحجة تفعيل الديمقراطية وحرية الرأي، تمكنت من تأجيج الصراعات من خلال التركيز على العناصر المتطرفة من كل التيارات، وخلق الجدالات الفضائحية العنفية وبث اخبار الحركات السلفية والشيعية والبرامج ذات (الاتجاهات المعاكسة) المبتذلة المحرضة المؤججة للتطرف والأحقاد بكل انواعها. فمثلا، اننا بفضل هذه الفضائيات تمكنا من اقناع العالم كله بحقيقة دور(القاعدة) واسطورة(بن لادن) من خلال نشرها تلك البيانات والتسجيلات الصوتية والصور المفبركة. كذلك فضائياتنا هي التي جعلت من (نصر الله وحزبه) اسطورة بطولية عربية اسلامية بوجه اسرائيل، لكي نبرز رموزا شيعية قوية تابعة لايران تخيف وتحفز القوى السلفية السنة التابعة للسعودية. كذلك تمكنا من تهيأة وتغذية اجواء الحقد والصراع الطائفي في العراق من خلال تسليط الاضواء على الشخصيات المتطرفة من كلا الجهتين، وخلق الجدالات العنيفة وابراز الاخبار والمشاهد المؤججة للمشاعر.
التيار التدميري والتيار السلمي
هنالك حقيقة مخفية مزعجة لنا لا يدركها الا قادتنا، وهي ان هنالك تياران مختلفان في داخل فدراليتنا كما في عموم النخب الامريكية والغربية السياسية والثقافية، اقواهما (التيار المتعصب) الواضع والمدافع عن هذه الستراتيجية التدميرية، وهو الغالب والمتحكم بالدول والمؤسسات العسكرية والمخابراتية والاعلامية، ثم (التيار السلمي المعتدل) وهو الاضعف، لكنه الاكثر شبابية وحيوية وطموح.
لقد نجح (التيار المتعصب) ان يفرض ستراتيجيته التدميرية الخاصة بالشرق الاوسط، بالاعتماد على الحجة التالية: ((ان شعوب الشرق الاوسط بطبعها وتاريخها عنفية حقودة متصارعة، ولا يمكن تجنب شرها ضد نفسها وضد العالم وضد المصالح الغربية، الا باضعافها من داخلها ومنعها من التوحد والاستقواء))!
والمشكلة ان هذا التيار المتعصب، نجح باستمرار ان يغذي حجته هذه، من خلال تشجيعه لروح وثقافة الاحقاد والعنف والارهاب في الشرق الاوسط. فكلما حاول (التيار السلمي) ان يطالب بالانسانية والتعقل مع شعوب الشرق، صرخ المتعصبون بحجة الاحقاد السائدة والعمليات الارهابية المنتشرة.
لكن (التيار السلمي) لا يكل عن محاولة الدفاع عن اطروحته بضروة مساعدة الشرق الاوسط على تحقيق السلام والاستقرار، بناء على المبررات التالية:
لنفترض حقا ان شعوب الشرق الاوسط حقودة ومتصارعة وعنفية، لكنها مهما بالغت فأن تاريخها يثبت بأنها اقل عنفا وتطرفا وحقدا من شعوب اوربا الغربية التي، فقط خلال الحربين العالميتين، قتلت حوالي ستين مليون انسان اوربي بأيادي اوربية مع تدمير مدن واوطان اوربية بكاملها واقتراف عمليات ابادة منظمة لملايين اليهود والغجر، ناهيك عن التاريخ الاستعماري والعبودي الطويل ضد الشعوب الضعيفة. لكن مع كل هذا فأن امريكا، ومن اجل ضمان سلامة مصالحها وابقاء اوربا بجانبها، جهدت من اجل مساعدتها وبنائها وتحقيق الوحدة السلمية الانسانية بين هذه الاوطان التي ظلت على مدى التاريخ متصارعة الى حد الابادة: المانيا وفرنسا وانكلترا! اذن لماذا لا تستحق شعوب الشرق الاوسط مثل هذه الجهود لكي تبني اوطانها وتحقق وحدتها وتتحالف انسانيا وسلميا مع جارتها اوربا وكذلك امريكا؟!
من اجل ستراتيجية شرق اوسطية جديدة
بعد هذه الاعترافات والكشوفات الخطيرة لصاحبي الحكيم الامريكي، من الطبيعي ان يطرح ابناء الشرق الاوسط السؤال المشروع التالي:
ـ اذن، ما العمل، امام هذه الستراتيجية الجهنمية التي نعيشها ونعاني منها منذ سنوات طويلة. هل هي قدر خارق ومحتوم علينا الخضوع له، ام ماذا؟
بعد مداولات وجدالات طويلة وعميقة مع هذا الحكيم، يمكنني بكل ثقة وقناعة ان اخبركم بالخلاصة التالية:
لا ابدا، ان هذه الستراتيجية الشيطانية ليست قدر محتم، بل هي بكل بساطة لعبة خطيرة يقوم بها بشر مثلنا، لهم مصالحهم وعقيدتهم ونقاط قوتهم وضعفهم، مثل كل البشر. ونستطيع نحن الضحايا ان نجد الستراتيجية المضادة التي تساعدنا على الخلاص. يمكن اختصار وتحديد هذه الستراتيجية المقترحة على الاصعدة التالية:
اولا، على الصعيد العالمي، اقامة تحالف وحوار شعبي ونخبوي شرقي ـ غربي
ان اشد ما يخشاه(التيار المتعصب) الماسك بالـ (IFB) ان تدرك شعوب ونخب الشرق الاوسط حقيقة هذه الستراتيجية الخفية. لهذا يتوجب على النخب والقيادات والحكومات الشرق اوسطية ان تعمل كل مستطاعها لكشف وفضح خفايا هذا المخطط الجهنمي الذي يقوده (التيار الغربي المتعصب)، والتقرب والتحالف مع (التيار الغربي السلمي) ومع جميع القوى والنخب السلمية والانسانية الامريكية والاوربية، الثقافية والحزبية والحكومية والدينية والاجتماعية. أي التخلص من تلك السذاجة والثقة الخنوعية التي تمارسها حكوماتنا ونخبنا بتصديق الخطاب الامريكي ـ الاوربي الدبلوماسي الذي يدعي جلب الديمقراطية والتحضر للشرق الاوسط. كذلك العمل على كشف كل المخططات السرية الجارية وفضح جميع المؤسسات والاحزاب والشخصيات والحكومات المتورطة فيها. وبنفس الوقت، العمل على اقامة شبكة واسعة من العلاقات مع كل الاطراف والمؤسسات واللوبيات والشخصيات الامريكية والاوربية التي تؤمن بصدق بضرورة اقامة علاقة سلم وتعاون وتحالف بين الشرق والغرب.
على القوى العلمانية الليبرالية واليسارية في الشرق الاوسط ان تدعم علاقاتها مع القوى الليبرالية واليسارية الغربية التي تحترم خصوصية المجتمعات الشرقية ولا تبرر التدخل السياسي والهيمنة الثقافية الغربية على الشرق.
كذلك ان تشرع القوى والنخب الدينية الاسلامية الى الانفتاح على جميع القوى والنخب الدينية الغربية، مسيحية ويهودية وغيرها. من اكبر الخطايا التي ترتكبها المؤسسات والنخب الدينية الاسلامية انها لم تنتبه الى القيمة الحاسمة للتحالف مع النخب والكنائس المسيحية في اوربا وامريكا. لان هذه النخب المسيحية، وخصوصا الكنيسة الكاثولكية، تعاني كثيرا من الحروب الاعلامية والثقافية التي تشنها ضدها القوى الشيطانية المتطرفة المتحكمة بالغرب التي تدعي العلمانية والعلم والالحاد، لكي تحرم المجتمعات الغربية من بقايا الروحانية وسلطة الله، وبالتالي تسهل عملية إخضاعها بشكل كامل لسلطة المال وثقافة النهم والتفسخ النفسي والاجتماعي وتقديس الاستهلاك الوحشي. لقد نجح المتعصبون في الشرق والغرب حتى الآن من منع أي تقارب (مسيحي ـ اسلامي ـ يهودي) عالمي من خلال دعم القوى السلفية الاسلامية المعادية للمسيحية وبنفس الوقت تعزيز مخاوف المسيحيين واليهود من الاسلام والمسلمين من خلال التشديد على معانات المسيحيين (واليهود)في الشرق الاوسط، وعلى الخطر الارهابي الاسلامي ضد شعوب الغرب.
ثانيا، على الصعيد الشرق اوسطي، العمل على اقامة سوق ووحدة شرق اوسطية مشابهة للوحدة الاوربية
على شعوب ونخب الشرق الاوسط ان تتخلص من تعصبها القومي الانعزالي وتحتذي بتجربة الوحدة الاوربية، التي رغم كل الاحقاد والحروب العالمية المدمرة بينها، واجهت الحقيقة التالية: اما ان تستمر بخضوعها للمنافسة التاريخية القومية وشن الحروب المدمرة بينها، اما ان تتوحد! وقد اضطرت ان تختار الحل الثاني. ان الوحدة العربية قد فشلت وستفشل دائما لأنها قائمة على اساس قومي عرقي يعزل ويخيف اهم دول الشرق الاوسط غير العربية: ايران وتركيا واسرائيل، كذلك الجماعات القومية الاخرى التي تعيش مع العرب: اكراد وتركمان وسريان واقباط وبربر وافارقة، وغيرهم..
لقد نجح المتعصبون في الشرق والغرب، بمنع أي توحد شرق اوسطي من خلال الابقاء على الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، وجعله العقبة الكبرى امام أي سلام وتقارب. وتمكنوا من فرض العقيدتين التاليتين: جعل غالبية النخب العربية ترفض بصورة مطلقة أي حوار وانفتاح وتقارب مع المجتمع والنخب الاسرائيلية واليهودية. وبنفس الوقت، تقديم الدعم بكل الوسائل السرية للتيار اليهودي المتعصب الذي يبتغي طرد جميع الفلسطينيين وبناء المستوطنات في كل مكان. ونجحوا خصوصا بجعل الفلسطينين والاسرائيليين يرفضون ذلك الشعار الواقعي والوحيد القادر على حل المشكلة: (دولة واحدة لشعبين، يهودي وفلسطيني). ثم اعتبار الوسيلة الوحيدة للحوار العقيم بين اليهود والعرب هي الحكومات وحدها، مع الاشراف الكامل من قبل امريكا لضمان عدم نجاح الحوار.
لهذا، فأن ان الحوار الشعبي والنخبوي المباشر بين العرب واليهود عموما، والفلسطينيين والاسرائيليين خصوصا، وحده القادر على تحقيق السلام الحقيقي. حوار شعبي ونخبوي مباشر على كل الاصعدة الثقافية والسياسية والدينية والاقتصادية والسكانية، من دون تدخل ولا اشراف الدول الغربية. ان هذا الحوار واالسلام هو الذي سيكون اساس تحقيق الحل الوحيد الممكن:
(دولة واحدة لشعبين)، ثم استقرار وتوحد بلدان الشرق الاوسط، على الطريقة الاوربية.
ومن المهم جدا ضمان الموقف الايجابي للغرب من هذا المشروع. ان التجربة التركية افضل نموذج ناجح لبلدان الشرق الاوسط. فهي تتميز بخصال عديدة تمنحها قوة وشمولية نادرة: مركز عسكري علماني ماسك بالدولة ويلعب دور الضامن لحسن سير العملية الديمقراطية، مع حزب اسلامي تجديدي ومعتدل يجمع بحذاقة بين الاصلاح الديني والتعددية الديمقراطية، مع سياسة وطنية توحيدية واستقلالية تتوافق بحنكة مع انتماء تركيا لحلف الاطلسي!
ثالثا، على الصعيد العراقي، ليكن العراق مركزا للسلام والحوار والتقارب الشرق الاوسطي والعالمي، وليس مركزا للمؤامرات والحروب والآيدلوجيات التوسعية والامبراطورية!
ان طبيعة العراق، تاريخيا وجغرافيا، فرضت عليه دائما اما ان يكون محتلا من قبل الجيران او هو الذي يحتلهم. لهذا فأن الروح والحضارة العراقية، (عكس الروح المصرية الوطنية الانغلاقية)، ظلت دائما توسعية خارجية من جميع النواحي: ثقافيا وسياسيا وسكانيا وعسكريا. وهذه الطبيعية الانفتاحية الخارجية، هي سر العبقرية العراقية وسر الخراب ايضا. فهي التي منحت العراق والعراقيين هذا الخصب الابداعي والدور الحضاري الحاسم في التاريخ، ولكن هي ايضا التي جلبت على العراق والعراقيين هذه التبعية للقوى الخارجية وسهولة التخلي عن الهوية الوطنية والانقسام والتصارع بتأثير هذه التبعية. ان هذه الروح الخارجية العراقية سليقة لا يمكن ابدا التخلص منها. لكنها طاقة، مثل أي طاقة، يمكن استخدامها للتدمير او للبناء، حسب وعي النخب وقدرتها. ومشكلة العراق منذ تاسيس الدولة في العصر الحديث ان نخبه لم تنتبه لهذه الخاصية التوسعية التاريخية، بل خضعت لها بصورة سلبية وغير واعية، من خلال رفض مفهوم(الهوية الوطنية والامة العراقية) وتبني آيدلوجيات قومية ودينية واممية توسعية امبراطورية تدعو للحروب والتعصب والسيطرة على دول الجوار. فليس صدفة ابدا، ان جميع القوميات العراقية تبنت بشكل صريح دعوة الغاء الحدود العراقية الحالية وبناء دول قومية كبرى على حساب دول الجوار: الوطن العربي الاكبر، كردستان الكبرى، الخ. كذلك الاسلاميين الشيعة و