تسعى النخبة التي تحكم العالم ووكالات الإستخبارات الغربية دائماً لصيد ضعاف النفوس من البشر ، وتجنيدهم للعمل لحسابها ، وتستخدم كثير من الوسائل المتنوعة ، تتراوح بين المُباشرة الواضحة
، والإلتفاف بأساليب المُخادعة ، وإستغلال المُناسبات التاريخية والإجتماعية ، والأحداث الثقافية ، لتحقيق أهدافها ، وهى تعتمد دائماً على عُنصر سيكولوجى غاية فى الأهمية ، وهو مُخاطبة الإحتياجات الإنسانية .
ولا تعمل أجهزة الإستخبارات دائماً بالأساليب التقليدية التى كثيراً ما نشاهدها فى الأفلام السينمائية والمُسلسلات التلفزيونية ، حيث تدير أعمالها القذرة تحت أغطية كثير من المؤسسات ، البحثية والدراسات الإجتماعية والإقتصادية والإعلامية وغيرها الكثير .
كما ان المؤسسات الدولية التى تمنح الجوائز العالمية ليست هى الأخرى بمنأى عن مُمارسة الأعمال المشبوهه ، التى غالباً ما يكون ظاهرها ناصع البياض والطهر ، قريباً للمثالية فى أحوال كثيرة ، الا ان البعض منها يكون لها " أهداف غير نبيلة " ، وهو التعبير الراقى الناعم القريب من لغة الدبلوماسية ، أما الوصف المُباشر فهو يكمن فى أهداف ليست أقل قذارة ودناءة من أعمال وكالات الاستخبارات الغربية ، التى تعمل على تجنيد العُملاء والجواسيس .
نوبل جائزة عالمية ذات تاريخ مشبوه
لم تنمحى من ذاكرة البشرية ان أكبر جائزة عالمية تحمل اسم صاحب صناعات المتفجرات والمفرقعات ، فمن المفارقات ان جوائز الأدب والسلام تمنح باسمه ، ولا تزال نتاج " الكيميائي السويدي الفريد نوبل " حتى اليوم وبعد مرور اكثر من قرن من الزمان ، هى أعمال قتل ودمار ، أما عن الإنتقادات من كل حدب وصوب فلها كثير من الأسباب ، منها انه تسبب فى قتل شقيقه الأصغر وأربعة آخرين ، أثناء إجراء بعض من تجاربه علي المتفجرات والمفرقعات ، فليس من المقبول انسانياً ان تكون نتيجة استثمار الشر توجه لعمل الخير ومكافئة الغير .
تشير الوقائع ايضا لسمة إنحرافات وإختيارات عُنصرية ، فمن قبل حصل الشاعر الإنجليزي كبلنج وهو من أكبر دُعاة العنصرية ، صاحب المقولة الشهيرة (الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا أبداً ) أيضاً حصل فى السابق السياسي البريطاني " تشرشل " على جائزة نوبل للأدب عام 1953 ، وتعدى مُعظم أدباء العالم آنذاك ، وكان اختياره لأنه من الدولة التى انتصرت في الحرب العالمية الثانية.
ايضاً يتساءل المُجتمع العربى على وجه الأخص كيف حصل المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية " محمد البرادعى " على جائزة نوبل ، وهو الرجل الذى إستندت لتقاريره الولايات المتحدة الأمريكية فى اجتياح العراق ، بحجة انها تملك اسلحة نووية ، وهى المزاعم التى ثبت كذبها فيما بعد .
نقل الولاء التدريجى
تعمل أيضاً بعض الدول الغربية على نقل ولاء أنواع بعينها من الشباب العربى ، ويتم ذلك بأساليب تدريجية قد تكون عن طريق المنح الدراسية المجانية ، أو تمويل مشروعات ثقافية أو فنية ، أو إستضافة جماعات بعينها فى رحلات بالدعوة المدفوعة لزيارة بلادهم ، وهى تنتقى بالطبع شباب يكون لهم ميول وأهواء غير مألوفة ، أو غير تقليدية فى بلادهم الأصلية ، تضعهم فى بداية الأمر تحت المنظار ، وتسلط عليهم الأضواء إعلامياً فى بعض الحالات ، لكى تكون الأرضية التمهيدية الأولى هى إنبهار من يقع عليهم الإختيار ، ضماناً لأن تكون النتيجة هى قبولهم التعاون مع سفارات هذه الدول ، التى تعلن من خلال التمثيل الإعلامى أو الثقافى ، انها تدعم حُرية الرأى وحقوق الإنسان والديمقراطية ، وهى عناصر ملفات يبدو ظاهرها نموذجى ومثالى ، لكن ليس باطنها دائماً يتوافق مع ظاهرها .
كشف ربيع الثورات العربية كثير من الحقائق ، لشباب تدربوا بمعرفة مؤسسات دولية مشبوهة ، وعلموهم كيفية التمرد على أنظمة الحُكم ، وذلك تحت زعم الدفاع عن الحريات وتحقيق الديمقراطية ، وكذلك تفجير الاحتجاجات الجماعية والمظاهرات ، تمهيداً للثورات فى بلادهم ،
وقد حصل هؤلاء على تمويلات من دول أجنبية ، أخطرها فى الولايات المتحدة الأمريكية ، ومنها : " بيت الحُرية - المعهد الديمقراطي الوطني - المعهد الجمهوري الدولي " وقد تدفقت على الشاب المصرى " وائل غنيم " جوائز كثيرة ، مثل جائزة جون كنيدي للشجاعة ، وجائزة تايم لاحد اكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم ، كما قامت بعض من دور النشر الأمريكية بنشر كتاب له عن الثورة المصرية ، ولو نظرنا للزمن القصير لحصول مثل هذا الشاب – غنيم - على تلك الجوائز ، نجد انه امر يدعو للدهشة ، وكأنه الملهم الوحيد لثورة 25 يناير ، الأمر الذى يتنافى مع الواقع التاريخى للثورة ، وما سبقها من إرهاصات وحراك إجتماعى من احتجاجات وإضرابات .
وهو ايضاً - غنيم – مرشح لنيل جائزة نوبل للسلام ، فأى سلام شارك فيه هذا الشاب ؟ فى الوقت الذى عانى فيه ولازال الشعب المصرى يعانى من أجل الحفاظ على السلام الإجتماعى ، اما وائل فهو بعيد عن مصر ؟! ولما لا فقد حصل من قبل الصهيونى " مناحم بيجين " على جائزة نوبل ، وهو صاحب اليد الملوثة بدماء الفلسطينيين .
جائزة سخاروف
الجائزة التى يمنحها البرلمان الأوربى باسم " سخاروف " الذى كان عالما يهوديا انشق عن الاتحاد السوفييتي ، وهو من بين أصحاب الدعوة العالمية بحق اليهود في الهجره الي أسرائيل ، التى استفادت بدعوته فى الدعاية لدفع المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفيتى السابق الي توطينهم فى أسرائيل ، الدولة اليهودية التى كرمته بإطلاق اسمه على حديقة كبيرة تقع بين تل أبيب والقدس المحتلة ، وتجدر الاشارة الى ان جائزة سخاروف تمنح لمن لا يعادى اسرائيل ، ولمن لا يعترض على مصالح اليهود .
ان جائزة سخاروف وغيرها هى الأغطية الذهبية لنقل الولاء ، وتقديم الرشاوى المالية تحت اسم الجوائز التقديرية ، فان كانت هذه الجوائز تمنح لنشطاء ودُعاة سلام ، ومجاهدين من أجل الحُرية والديمقراطية ونبذ أعمال العنف ، فهل يستطيع من ينال هذه الجوائز ان يدين أعمال القتل والعنف والاستعمار الاسرائيلى لأراضى الفلسطينيين ؟ . . . وكيف لشباب العرب ان يقبل أموالا ملوثة بدماء الفلسطينيين ؟ وكيف يحدُث فى زمن الربيع العربى ان يستمتع من يعتبروا انفسهم نشطاء ، ان تلقوا اموالاً ينعموا بها فى حين ان الغرب يُصدر الأسلحة والذخيرة والقنابل المسيلة للدموع " المشبوهه " لقتل المتظاهرين والثوار ، وآخرين تمنح لهم جوائز باسم الثوار ضحايا ثورات الربيع العربى .
أسئلة كثيرة وعلامات استفهام تتطلب الاجابة عليها . . ويبقى الملف مفتوحاً . . وخيارات أكثر من أجل مصر وكل ثوار الربيع العربى وشهداءه
تعليقات
إرسال تعليق