الحرية كلمة طالما تغنى فيها البشر سواء كانوا شعراء أو كتاب أو جهلة أو مثقفين كبار أو صغار وطالما قاتل الإنسان على مر التاريخ من اجل هذه الكلمة (الحرية) فثورة العبيد في العصر العباسي والثورة الفرنسية وثورات التحرر العالمية على مدى عقود عديدة كلها كانت من اجل الحرية سواء للدول أو للأفراد .
وبعد انتصار الثورة الفرنسية والتي كان من أهم شعاراتها الحرية بدأ تعديل القوانين التي تضمن كل أشكال الحرية للإنسان وخاصة بعد أن عملت الثورة الفرنسية عن إبعاد الدين والكنيسة عن سن القوانين ثم انتشرت عدوى هذه الأفكار في أوربا وأخذ التباري في سن قوانين الحرية الشخصية والتي طبعا في العصر الاستعماري كانت تخص الأوربيين فقط عدا النخب الثاني من البشر في الدول غير الأوربية.
وبعد أن زرعت الدول الغربية أنظمة من اشد الأنظمة القمعية في العالم في دول العالم الثالث ومنها الدول العربية خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وزرع دولة إسرائيل ثم وبانتهاء مرحلة محسوبة بدأت رياح ما يسمى بالربيع العربي لدول عربية محددة على خلفية اقتصادية يكون النفط واليورانيوم والذهب على رأسها وخلفية عقائدية لحماية إسرائيل وهدم الأقصى وبناء هيكل سليمان والذي حسب الأفكار التلمودية يجب أن يسبقه عصر من الفوضى.
وبدأت الثورات العربية الممولة والمدعومة غربيا (يمينية الطابع) على عكس الثورات التحريرية التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية والتي كانت ممولة ومدعومة سوفييتيا أي يسارية الطابع وبدأ تنفيذ هذه الثورات بنظام متكامل يشمل أولا وسائل الاتصال الحديثة من انترنت ومواقع اجتماعية ومحطات فضائية التي يشرف عليها ويوجهها كبار علماء النفس والاجتماع والإعلام الغربيين الذين أشبعوا الشعوب العربية بدراسات على مدى عقود لمعرفة كيفية التحكم والسيطرة على عقول كل شريحة من شرائح المجتمع توجيهها سواء ضد النظام أو ضد شرائح أخرى من المجتمع ,وثانيا خلايا نائمة من صحفيين وكتاب وسياسيين ورجال دين ,وثالثا خلايا تخريب موجهه غايته بدء إشعال الثورات وإشعال حرب صفين جديدة (حرب صفين التي حدثت بين صحابة الرسول الكريم) بين أتباع الدين والمذهب الواحد.
ومن الطبيعي أن يتم اللجوء إلى حاجات الناس لإشعال الثورات وكان أهم هذه الحاجات هي مطلب الحرية والتي تنص في إشكالها المعلنة على بنود جميلة يطمح لها أي فرد عربي خاصة بعد سنوات من حكم شمولي مركزي فكانت المطالبة بحرية تشكيل الأحزاب وحرية الإعلام وحرية الكلام وحق التعبير وحرية الانتماء والممارسة السياسية والدينية وكلها أمور مقدسة لا يختلف عليها اثنان من شرق الأرض إلى غربها .
في السطور القادمة قد لا يصدق الكثيرين ما ورد فيها لكن من يعود إلى خمسين سنة للوراء ويتابع كيف فرضت قوانين معينة تعيد بناء وتغيير المجتمع العربي وفق رؤية خارجية يعرف انه لا توجد أي مبالغة في هذه الفقرات ..و من يرغب بمعرفة الحقيقة علية أن ينتظر تطبيق هذه الفقرات على بلادنا كما مررت وطبقت في أوربا فالحرية وقوانينها كل لا يتجزأ وفق المفهوم الأوربي وعندها لن يستطيع أي كان أن يعدل فيها شيء إلا أن يصرخ ويحتج وعلى الأكثر أن يتظاهر.
وندعكم مع الفقرات الثمانية عشر الأكثر أهمية من أصل أربعين فقرة:
1- عندما يبلغ ابنك الثامنة عشر سواء كان ذكر أو أنثى فان له مطلق الحرية أن يتصرف وفق مسؤوليته بما فيها أن يبقى مع والدية أو أن يغادرهما ويستقل بحياته الشخصية .
2- عندما يبلغ ابنك الثامنة عشرة فلا يحق لك أن تتدخل بحياته الشخصية وخياراته سواء كان ذكرا أو أنثى بما فيها من اختيار لشريك حياته وعلاقاته الشخصية .
3- لا يحق لك أن تتدخل بحياة ابنك الشخصية عندما يصبح في السن القانوني إلا وفق القانون ويحق له أن يتقدم بشكوى قانونية ضد والدية إذا تعرض لأي إهانه أو ضرب من احد والدية وان يقاضيهما أمام المحاكم المختصة.
4- لكل أنثى بلغت السن القانوني الحق الطبيعي بالحمل والإنجاب متى رغبت بذلك ومن حقها اختيار الأب المناسب لحملها.
5- لكل أنثى الحق الطبيعي في الإجهاض إذا وجدت أن ذلك من مصلحتها ولا يحق لأحد الاعتراض أو التدخل ودون السؤال عن مصدر الحمل.
6- يحق لك وفق قانون الحرية الهولندي أن تحمل 27 غرام من المخدرات للاستخدام الشخصي دون أن يكون لأحد الحق في معرفة مصدرها .
7- يحق لك أن تختار عقيدتك الدينية الخاصة طالما انك في السن القانونية سواء اخترت المسيحية أو الإسلام أو أي ديانة وثنية أو عبادة الشيطان أو أي رمز كوني أو بشري ويكون لك مطلق الحق في أن تكون بدون دين أو ملحدا بالكامل.
8- يحق لك طالما انك في السن القانونية أن تدعوا من أحببت لعقيدتك الدينية مهما كانت هذه العقيدة وبأي مذهب من المذاهب الإسلامية أو المسيحية أو الوثنية أو عبادة الشيطان أو أي رمز كوني أو بشري أو أن تدعوا لأي شكل الحادي .
9- يحق لك أن تمارس أي شكل من إشكال الانتماء السياسي وان تشكل أو تساهم بتشكيل أو الانضمام لأي حزب مهما كانت دعوى الحزب سواء على أسس دينية أو طائفية أو إقليمية أو عشائرية أو عقائدية أو سياسية أو إقليمية أو عرقية أو الحادية بما فيها العقائد الانفصالية والتقسيمية والنافية للعروبة والدين وان تدعوا من أحببت أن ينضم لهذا الحزب .
10- لم يكن باستطاعتك في أن تختار جنسك قبل مولدك ولكن يحق لك بعد أن تصبح في السن القانوني أن تمارس الشكل الذي تراه مناسبا لك من الجنس سواء مع الجنس المغاير أو الجنس المثلي وان يكون لك الحق في أن تختار من تكون جنسيا .
11- لا يحق لأي كان أن يحاسبك أو يحاسب شريكك أو شركائك في الجنس طالما إنكم في السن القانوني وتمارس معهم الجنس برضاهم الكامل سواء كانت الممارسة بشكل ثنائي أو جماعي .
12- لم يكن لك أن تختار جنسك عند مولدك لكن يحق لك أن تقوم بالتغيير بعد أن تصبح في السن القانوني للجنس الذي تراه مناسبا .
13- لم يكن لك أن تختار وقت ميلادك ولكن يحق لك أن تختار في أي ساعة ومكان أن تموت وبأي وسيلة تختارها أي حق الانتحار
14- يحق لك عندما تكون مريضا بمرض عضال أن تطلب إنهاء حياتك بإشراف طبي .
15- يضمن لك القانون أن تختار نوع وشكل اللباس الذي تراه مناسبا لك بما فيه التعري العلني الكامل أو الجزئي .
16- الانثى والذكر كلاهما له نفس الحق في كل الحقوق المدنية بما فيها حق الارث المتساوي بينهما.
17- عند انتهاء علاقة الشراكة الزوجية لأي سبب كان تقسم موجودات الشراكة العينية والنقدية بينهما بالتساوي.
18- الحياة الإنسانية شيء مقدس لذلك يمنع وجود أي قانون ينص على أحكام الإعدام بغض النظر عن نوع وحجم الجرم المرتكب ,وفي حال كان جرم قتل لعدد كبير من الناس وبأشكال بشعة يعتبر الفاعل مريض نفسيا ويحول للعلاج النفسي .
نتحدى أي شخص أن يدعي أن هذه البنود ليست من الحرية الشخصية المصانة في القوانين الأوربية والتي ستفرض وتطبق خلال سنوات في سوريا الجار الأقرب للاتحاد الأوربي من اجل حماية الثقافة الأوربية من المد الفكري الإسلامي أو المسيحي المحافظ ولتكون قاعدة الانطلاق لبقية العالم العربي والإسلامي.
لقد احتاجت الماسونية إلى حربين عالميتين (لم يكن من داعي لهما) ذهب ضحيتها 65 مليون إنسان لتغيير البنية الفكرية والاجتماعية في أوربا ولتستطيع فرض قوانين الحرية عليها ,ولكن عندنا وبتطور وسائل الاتصال والمعرفة فلن تحتاج إلا إلى بعض من زرعتهم خلال السنوات الماضية والى قليل من المال والكثير من التحكم بالعقل العربي وخاصة الشباب منهم والذي استطاعت أن تديره بذكاء وفق أجندتها الفكرية الطويلة المدى.
ومن الطبيعي أن بعض الفقرات ستطبق خلال الأشهر والثلاث سنوات القادمة في الصياغات الجديدة للقوانين في دول الربيع العربي بينما سيتأخر تطبيق الفقرات التي تخص الإرث والشراكة الزوجية لسنوات أخرى قد تصل إلى خمسة عشر سنة ليتم تحضير البيئة الاجتماعية والفكرية المناسبة لها.