كلمة لكل من استهان بمصر ويعمل جاهدا على تفكيكها بجهالة... ان الله مقلب الامور والذي بيده مقاليد السماوات والارض كما قلبها امام خلقه منذ فترة وجيزة لقادر على قلبها رأسا على عقب على كل من يريد سوءا بكنانته في ارضه وموطيء انبيائه ورسله ولا يعجزه شيء في السماوات ولا في الارضين...
وعن عبد الله ابن مسعود ، رضي الله عنه - قال : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ، ثم قال : " هذا سبيل الله مستقيما " وخط على يمينه وشماله ، ثم قال : " هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه " ثم قرأ : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )...
فلأول مرة في تاريخ مصر حافظة الاسلام الوسطي يصادم الشعب بعضه تحت مسمى "اقامة الشريعة".. تلك مصر والتي كان من شأن أئمتها وعلماء الدين وشعبها المتدين فطريا اجل الاثر في الحفاظ على اسس ديننا العظيم ووحدتها واستقرارها الداخلي بينما تفرقت الامم تحت نير التطرف والغلو... ولأول مرة في تاريخ أمة يتحول دستورها لأهم أداة للصراع السياسي... فالله هو الرحمة.. والشريعة هي العدل.. والرسول عليه الصلاة والسلام هو الخُلُق.. وهو من بعث رحمة للعالمين وليس رحمة لأمة بعينها... وفي اصل الشريعة وعين الفقه اذا تعارضت مصلحة مع النص غلبت المصلحة... فالله يريد منا اقامة الحياة الصالحة.. الله يريد منا التآلف والضمير الحي وتقوى القلوب والعمل على الصالح للدنيا والدين.. والحفاظ على الوطن والمواطنين..
وجاء في فقه المصالح والمفاسد من اقوال شيوخ الاسلام الاجلاء..(الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها, وتعطيل المفاسد وتقليلها ومن ثم يجب على الدعاة مراعاة المصالح والمفاسد في الدعوة بما يحقق أعلا المصالح ويدرأ أعظم المفاسد)... وقال ابن القيم رحمه الله: (والشريعة مبناها وأساسها يقوم على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد, وهي عدل كلها, ورحمة كلها, ومصالح كلها, وحكمة كلها فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور, وعن الرحمة إلى ضدها, وعن المصلحة إلى المفسدة, وعن الحكمة إلى البعث, فليست من الشريعة وإن دخلت فيها بالتأويل).. واضاف ينبغي التنبه إلى أن المراد بالمصالح والمفاسد ما كانت كذلك في حكم الشرع لا ماكان ملائماً ومنافراً للطبع, ولا يكون تقريرها وفق أهواء النفوس في جلب مصالحها العادية ودرء مفاسدها العادية...
ثم النظر في تقدير المصالح والمفاسد وتقريرها والترجيح بينها يحتاج إلى:
1- تقوى لله صادقة. 2- وتبصرة علمية نافذة. 3- معرفة بالواقع واسعة, ليتمكن الداعية من تحقيق مقصود الشريعة التي (جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها, وتعطيل المفاسد وتقليلها وأنها ترجح خير الخيرين وشر الشرين, وتحصل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما, وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما)...
واجتمع علماء الدين على أن الذي يحدد المصلحة هو العالم الشرعي المتصف بالصفات السابقة من التقوى والعلم, وإدراك الواقع...وهذا كلام أحسب أنه من النفائس... وان الأكثر مصلحة أولى بالتقديم من الأقل مصلحة...
وان إذا تزاحمت مصلحتان لزم المكلف الحفاظ على المصلحة الراجحة والتضحية بالمصلحة المرجوحة.. فيما إذا عجر عن الجمع بينهما وصيانتهما معاً...
كما ان الأكثر مفسدة أولى بالدرء من الأقل مفسدة... فإذا تزاحمت مفسدتان أو سيئتان بتعبير شيخ الإسلام ابن تيمية, ارتكب أخفهما بدفع أشدهما, وهذا الدرء للمفسدة الكبيرة باحتمال الصغيرة – كما يقول العز بن عبد السلام – طبيعة بشرية لذا فقد اعتبر التشريع الإلهي هذه الطبيعة البشرية في كثير من أحكامه.. وقال الشاطبي: (فالمصالح والمفاسد الراجعة إلى الدنيا إنما تفهم على مقتضى ما غلب, فإذا كان الغالب جهة المصلحة فهي المصلحة المفهومة عرفاً, وإذا غلبت الجهة الأخرى فهي المفسدة المفهومة عرفاً)... وفي الصحيحين عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال "ما كان الرفق في شيء إلا زانه ولا كان العنف في شيء إلا شانه"، وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يقول "والله إني لأريد أن أخرج لهم المرة من الحق فأخاف أن ينفروا عنها فاصبر حتى تجيء الحلوة من الدنيا فأخرجها معها فإذا نفروا لهذه سكنوا لهذه")....
فإذا كان هذا ديننا.. فمن اولئك الذين يروعون مصر يوميا باسم الدين... من هؤلاء الذين سطوا على المنابر واعتقدوا ان الدين اطالة اللحي وتقصير الجلابيب والتهجم والتصادم مع ابناء الوطن الواحد.. واستغلال شعب يعاني غالبيته من الفقر والجهل والمرض والبطالة؟؟؟؟ اين كان هؤلاء والذين غالبيتهم ممن دفعوا المليارات في حملاتهم الانتخابية وتتصدر اساميهم قوائم اغنياء العالم من الدين والشريعة وحاجة الشعب والوطن الذي توقفت عجلة الانتاج به ويزيد معدل الفقراء يوميا بصورة صارخة... والقائمين على الامر يواصلون الهاؤه وشغله في التفاهات والصدامات بينما تخترق حدودنا ويهدد امننا وينهار اقتصادنا؟؟؟ اين هي الشريعة من كل ما يحدث حقيقة؟؟؟
فما جعلنا دولة من العالم الثالث تتراجع حاليا لتصبح من العالم الاخر ليست الاموال ولا التقنيات ولكن احترام "الانسان" واحترام المواطنين للقانون ولبعضهم البعض..وتفهمهم ان كل منهم لبنة في بناء الوطن الواحد لا يقوم الا بنا جميعا... فكيف يحكم القاضي بعدل وهو خائف؟؟؟ كيف ينتج المواطن وهو مقموع؟؟؟ ويهدد يوميا برفع الدعم عن سلعه وحاجاته الاساسية؟؟؟ كيف يحمي الجندي وطنه وروحه على كفه بينما يتم تكفيره والدفع لاهانته والاستهانه بقتله؟؟؟؟؟
فاتقوا الله اولا في اوطانكم واهلكم قبل ان يتحدث اي منكم عن الشريعة... تلك هي عين الشريعة.. التقوى والرحمة.. والتقوى محلها القلب وما وافقه من عمل صالح لمرضاة الله... وليس محلها الاقوى في الميدان ولا الأعلى في الكرسي!!!!
فلا تدفعوا دفعا لنكون اشتاتا.. وتذكروا قول رسول الله صلي الله عليه و سلم " ((افترقت اليهود على إحدى ـ أو اثنتين ـ وسبعين فرقة، والنصارى كذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة)). قالوا: من هي يا رسول الله؟
قال: ((ما أنا عليه وأصحابي))...
فاذا كنا حقا نتبع سنة رسول الله رحمة الله للعالمين فلنتبعه حق اتباع..ولنعظم من ديننا القويم ولننأى به عن كل ما يسيء اليه..من اطماع..واستغلال..وارتداء لاقنعة الدين بقلوب زائفة..والاساءة لبيوت الله..واكالة الاتهامات جزافا لشرفاء الوطن...والاستهانة بامن الاوطان وشعوبها..اذا كنا نؤمن بالله حقا مع اختلاف ادياننا...فلنتقي الله في اقوالنا وافعالنا حق تقاته..ولنحفظ بلادنا..ولنبحث عما يوحدنا على قلب رجل واحد لنواجه المخاطر التي تحيط بنا من كل جانب..فمصر العظيمة كنانة الله في ارضه..وهي اكبر واشرف من ان تمارس بها هذه المهازل..ووحدتنا هي ما جعلت من مصر في السابق قاهرة الغزاة..وام الدنيا..وليعلم الجميع انها اذا علت فستعلو بنا جميعا..اما اذا تفرقنا شتاتا واصررنا على طعنها يوميا في الصميم فستصبح فريسة ضعيفه سائغة لكل طامع..حمى الله مصر وشعبها وهدانا واصلح من شأننا وألف بين قلوبنا جميعا...اللهم آاااااااااامين
تعليقات
إرسال تعليق