تكاد التجارب البشرية العلمية ان تصل الى حد قد يفوق مخيلة البشر، فان مايجري من ابحاث مستمرة كشفت الكثير من اسرار الكون وفي مختلف المجالات حتى اصبحت هذه الاكتشافات جزء مهم من حياة الانسان وهي التي قد تضع حلولا جوهرية للكثير من المصاعب التي تواجه مسيرة الحياة. التقرير التالي يوضح اهم الاكتشافات العلمية التي جرت مؤخرا وما أثارته من دفائن العقول حول ما يجري من اكتشافات.
جزيئية تتجاوز سرعة الضوء....
توصل فريق من علماء المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن CERN) إلى اكتشاف جديد، قد يقود إلى إعادة النظر في بعض قوانين الفيزياء المعاصرة، بعدما أظهرت تجربة علمية يطلق عليها تجربة أوبرا(OPERA experiment) أن جسيمات النيوترينو يمكنها أن تنتقل من مكان إلى آخر، بسرعة تفوق سرعة الضوء، والتي يعتبرها العلماء الحد الأقصى للسرعة في الكون.
يكاد علماء الفيزياء لا يصدقون اجهزتهم الا انهم يظنون انهم قاسوا جزيئية تفوق سرعتها سرعة الضوء مع ان نظرية اينشتاين اعتبرتها حدودا لا يمكن تجاوزها. وتفيد قياسات اجراها خبراء في اطار الاختبار الدولي اوبرا ان نيوترينوات وهي جزيئيات اولية للمادة، اجتازت 730 كيلومترا تفصل بين منشآت المركز الاوروبي للابحاث النووية سيرن في جنيف ومختبر سان غراس القائم تحت الارض (ايطاليا) بسرعة 300006 كيلومترات في الثانية اي 6 كيلومترات في الثانية اكثر من سرعة الضوء.
واوضح المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي بكلام اخر اذا كان لدينا سباق للمسافات الطويلة على مسافة 730 كيلومترا فان النيوترينو ستجتاز خط الوصول متقدمة 20 مترا على الضوء في حال اجتازت المسافة نفسها عبر قشرة الارض. بحسب فرانس برس.
النتيجة لم تأت ثمرة اختبار وحيد. فالنتائج التي نشرها سيرن والمركز الفرنسي هي ثمرة ثلاث سنوات من البيانات والمراقبة لاكثر من 15 الف نيترينو مع هامش خطأ قياسي قدره 10 مليارات من الثانية فقط. واوضح داريو اوتييرو الباحث في معهد الفيزياء النووية في ليون والمسؤول عن تحليل قياسات اوبرا لم اكن اتوقع كل هذا، امضينا ستة اشهر ونحن نكرر التجربة من الصفر في كل مرة.
تمت الاستعانة بكبار الخبراء المستقلين لضبط اجهزة القياس وتم التأكد مرارا وتكرارا من المعطيات الطوبوغرافية ومن نفق الجزيئيات..حتى ان انحراف القارات وزلزال لاكويلا المدمر اخذا بالاعتبار.
وحاول العلماء الدوليون رصد اي قصور او خلل في تجربتهم من دون التوصل الى اي نتيجة مختلفة. فيبدو ان النيوترينو سافرت فعلا اسرع من الضوء متحدية في الوقت عينه نظرية اينشتاين حول النسبية!
وشدد المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي نظرا الى التأثير الهائل لنتيجة كهذه على الفيزياء فمن الضروري القيام بقياسات مستقلة وحينها يتم دحض النتيجة التي رصدت او تأكيدها رسميا.
واضاف المركز الفرنسي لذا فان الباحثين في اطار مشروع اوبرا رغبوا في اخضاع النتيجة لفحص اوسع من قبل اوساط الفيزيائيين وقاموا بنشرها.
وفي حال تأكيد هذه القياسات فان انعاكساتها لا تزال تفوق الادراك. يقول بيار بينيتروي مدير مختبر الجزيئيات الفلكية في باريس ان ذلك قد يعني ان جزيئية قد وجدت طريقا مختصرا في بعد آخر وانه يوجد في الكون اكثر من ابعاد اربعة (الابعاد الثلاثة التي يضاف اليها الزمن). ويضيف يمكن ايضا الا تكون سرعة الضوء هي الحدود مشددا في الوقت ذاته على ان السرعة القياسية التي سجلها النيوترينو لا تعني بالضرورة ان اينشتاين قد اخطأ.
ويؤكد ستفاروس كاتسانيفاس المدير المساعد لمعهد الفيزياء النووي ان اينشتاين لم يثبت ان نيوتن اخطأ بل وجد نظرية اكثر شمولية اضيفت الى نظرية نيوتن. وبالطريقة ذاتها فان اكتشاف اوبرا قد يعني ان نظرية ايشنتاين قائمة في بعض المجالات لكن ثمة نظرية شمولية اكثر، مثل الدمى الروسة الصغيرة تفتح حقولا جديدة. ورحب علماء الفيزياء بالافاق الجديدة المحتملة الا انهم دعوا الى اقصى درجات الحذر طالما لم يقم نظام مختلف تماما بالتحقق من القياسات على ما يقول داريو اوتييرو.
وهذا هو هدف مشروع مينوس في الولايات المتحدة الذي توصل قبل سنوات قليلة الى نتيجة مماثلة لبرنامج اوبرا. لكن هامش الخطأ اعتبر يومها كيبرا جدا للقبول بالقياسات الا ان العلماء الاميركيين يعكفون الان على اختبار جديد بدقة لا سابق لها. ويفترض ان يفضي الى نتائج في غضون ثلاث سنوات على ما يقول ستافروس كاتسانيفاس.
جسيمات أسرع
وتوصل فريق من العلماء في سويسرا إلى اكتشاف جديد، قد يقود إلى إعادة النظر في بعض قوانين الطبيعة، بعدما أظهرت تجربة أن بعض الجسيمات الدقيقة يمكنها أن تنتقل من مكان إلى آخر، بسرعة أكبر من سرعة الضوء، والتي يعتبرها العلماء الحد الأقصى للسرعة الكونية.
وأكد العلماء أن الجسيمات، التي أطلقوا عليها اسم نيوترينو، قطعت مسافة تصل إلى 730 كيلومتراً، أي حوالي 453.6 ميلاً، تحت الأرض، بين مركزين للأبحاث أحدهما في سويسرا، والآخر في إيطاليا، وصلت مبكراً بجزء من الثانية، قبل الموعد الذي حدده العلماء لوصولها، استناداً إلى قياسات اعتمدت على سرعة الضوء.
ونشر علماء المركز الأوروبي للأبحاث النووية سيرن، نتائج التجربة المعروفة باسم تجربة أوبرا ، والتي استخدمت فيها أجهزة قياس ورصد فائقة الدقة، لرصد سرعة 15 ألف نيوترينو، أثناء انتقالها من مركز سيرن في سويسرا، إلى مركز أبحاث غران ساسو، قرب العاصمة الإيطالية روما. وبحسب نتائج الدراسة، فقد فاقت سرعة تلك الجسيمات سرعة الضوء بنحو 20 جزء من المليون من الثانية، أي ما يعادل 60 نانو ثانية. بحسب سي ان ان.
وفي تعليقه على التجربة، قال أنطونيو إريديتاتو، الأستاذ بجامعة برن في سويسرا: هذه نتيجة مفاجئة تماماً، مشيراً إلى أنها يمكن أن تحدث تأثيراً كبيراً على الفيزياء الحديثة، الأمر الذي يتوجب معه إجراء مزيد من الأبحاث المعمقة في هذا المجال.
وأضاف رئيس فريق إعداد التقرير، قائلاً: بعد شهور طويلة من الدراسات ومراجعة النتائج، لم نتوصل إلى أي تأثيرات يمكن أن تكون قد تسببت في إحداث تغيير بالقياسات.
وفيما أكد إريديتاتو أن العلماء في مشروع أوبرا سوف يواصلون أبحاثهم، فقد أكد على أنهم سيتطلعون أيضاً إلى البحث عن قياسات مستقلة جديدة، بهدف التوصل إلى تقييم حقيقي لطبيعة هذه الملاحظة.
ويبدو أن الاكتشاف الجديد سيشكل معول هدم لنظرية النسبية الخاصة، لعالم الفيزياء الشهير ألبرت أينشتاين، والتي توصل إليها عام 1905، والتي تعتمد على قاعدة أن سرعة الضوء هي أعلى سرعة في الكون، وأنها سرعة ثابتة وليست نسبية.
من جانبه وصف رئيس قسم فيزياء الجزئيات بجامعة أوكسفورد، نيفيل هارنيو، نتائج التجربة بقوله إنها لافتة للنظر جداً جداً، إذا ما كانت صحيحة، وأضاف أنه إذا ثبتت صحة هذا الاستنتاج، فإن ذلك سيشكل ثورة في علوم الفيزياء التي نعرفها.
وسيكون هارنيو واحداً من بين مجموعة من العلماء، من مختلف أنحاء العالم، يشاركون في منتدى عبر الانترنت، يعقده مركز سيرن، لمناقشة نتائج التجربة. ويُعد النيوترينو أصغر جسيم أولي داخل نواة المادة، وهو أصغر من الإلكترون، ولا يحمل شحنات كهربائية، ويندر تفاعله مع المواد الأخرى، ويعتبره العلماء وحدة البناء الأساسية في الكون.
التحليق في فضاء الخيال
وماذا لو كانت الجزيئات بالفعل اسرع من الضوء.. انه تساؤل مدهش ومثير واستفزازي بلا شك. لكن اولا لابد من القول ان انباء الخميس حول اعتقاد علماء بأن جزيئات اصغر من الذرة تعرف باسم النيوتريونات تجاوزت سرعة اقصى سرعة يعرفها العلم، وهي سرعة الضوء، التي بنيت عليها نظريات الفيزياء المعاصرة.
فقد حاول الباحثون في مركز ابحاث سيرن في سويسرا ومركز غران ساسو في ايطاليا بجدية وعلمية شديدة التقصي والبحث في احتمالات ارتكابهم خطأ في تجاربهم تلك، حيث قاموا على مدى ثلاثة اعوام بعدة آلاف من التجارب العلمية الدقيقة، لانهم عجزوا عن تصديق ما توصلوا اليه.
وجاء نشر نتائج بحثهم مقرونا بطلب من باقي العلماء في العالم محاكاة واختبار وفحص تلك النتائج الى اقصى درجة علمية ممكنة، وانقاذ علم الفيزياء الذي نعرفه، حتى الآن على الاقل.
يقول جيم الخليلي، عالم الفيزياء في جامعة سري البريطانية، ان العلماء محقون في تحوطهم وتخوفهم من عواقب تلك التجارب ونتائجها، مضيفا ان اي خطأ بسيط في قياساتهم يمكن ان يكون السبب وراء هذه الضجة الكبيرة التي تحيط بالموضوع. لكن هذا العالم قال ممازحا ان اذا ثبت ان تجارب مركز سيرن للابحاث صحيحة، وان الجزيئات كسرت حاجز سرعة الضوء، سأفعل كل ما يطلب مني، وعلنا.
عالم من مركز سيرن
ولنقل انك تريد الذهاب الى سيدني من لندن، تطير حول العالم بخط منحني، اما الطريقة الاخرى فهي الذهاب قطريا عبر قناة في عمق الكرة الارضية، اي اختراق صلب الارض، بشكل ما يمكن ان تتصرف الابعاد الاخرى هكذا، والنيوتريونات يمكن ان تكون قد وجدت بعدا آخر مختصرا.
هناك سبب وراء هذا الانفعال والاثارة بين العلماء وغيرهم، وفي نفس الوقت هناك موجة ليست ضعيفة من التشكك والوجوم.
فسرعة الضوء هي السرعة التي اسس عليها عالم الفيزياء الشهير البرت آينشتاين نظرياته النسبية، العامة والخاصة. ولم يتمكن اي عالم او تجربة علمية حتى الآن تحدي افتراضات آينشتاين حول سرعة الضوء، السرعة المطلقة القياسية في الكون. ولكن مع ذلك من المفيد ان يعاد التفكير بالموضوع كاملا في حال صحت تجارب المعهد الاوروبي في سويسرا.
ابعاد جديدة
اذا اردنا ان نكون واضحين يجب ان نقول انه سيكون امرا مثيرا بالفعل وزمنا جديدا لعلم الفيزياء، أفق جديد مليئ بالجديد وبالتحديات، لكنه لن يغير شيئا من الحياة العادية اليومية.
علميا يدرك العلماء ان النيوتريونات تعد ظاهرة غريبة، بل ويطلق عليها احيانا الجزيئات الشبحية، وربما الامر الاكثر اثارة فيها احتمال قدرتها على السفر عبر الزمن.
الامر المعروف عن النظرية النسبية الخاصة هو مبدأ السببية، بمعنى ان هناك اسبابا تنتج تأثيرات اينما كنت.
وعندما تزيل هذا المبدأ يصبح الزمن شيئا مائعا، غير الزمن الذي نعرفه، السائر باتجاه واحد مستقيم لا يخطئ، دائما وابدا.
وفي حال سبق التأثير السببية يعني ان زخات من النيوتريونات قد تصل الى الارض قبل ان تبدأ ظاهرة الانبلاج العظيم (السوبرنوفا) في الجانب الآخر من المجرة.
ما نريده هنا اذا هو: عودة الى المستقبل، والقدرة على تلاعبنا، نحن البشر، بالزمن. لكن الامر يزداد غرابة، قد لا يكون آينشتاين مخطئا اذا سلمنا بان هناك ابعادا اخرى في الفضاء تستطيع الجزيئات اختراقها والوصول اليها، بل ان هناك بعض النظريات العلمية التي تقول بافتراضات كهذه.
عالم من مركز سرن هو براين كوكس قال لبي بي سي: تلك النظريات صحيحة. واضاف: لنقل انك تريد الذهاب الى سيدني من لندن، تطير حول العالم بخط منحني، اما الطريقة الاخرى فهي الذهاب قطريا عبر قناة في عمق الكرة الارضية، اي اختراق صلب الارض. وقال ايضا: بشكل ما يمكن ان تتصرف الابعاد الاخرى هكذا، والنيوتريونات يمكن ان تكون قد وجدت بعدا آخر مختصرا.
هذا يقودنا الى شيء اسمه الثقوب الدودية، التي اشتهرت بها قصص الخيال العلمي، وهي ثقوب متخيلة تربط فضاء بآخر بعيد جدا عنه. والقصة مستمرة، اذ ان هناك تطبيقات كثيرة اخرى، معظمها يقوم على التساؤلات التي تطرحها سرعة الضوء على الجوانب الاخرة للعلوم على اختلافها وتنوعها.