أحبابي في الله.. اشرت من قبل عند حديثي عن القرصنة لأمر ربما لا يعلمه الغالبية من دون المتخصصين لأنه مجال واسع جدا وحديث وبينما سنتعرض لأكثر من وجه له ربما ستتضح بعض ملامحه لأن هناك به ما يصعب تبسيطه للعامة...ان مصطلح القرصنة البيولوجية Biohacking مصطلح يجمع بين القرصنة والأهداف البيولوجية..ويشمل طائفة كبيرة جدا من المحترفين والهواة والممارسات المتعددة بداية من المجال العسكري للعلمي للتجارب الفردية التي تتعامل مع كل ما يحمله علم البيولوجي من مجال شامل.. كأمثلة على ذلك الاحماض النووية DNA والانسجة الصناعية والفيروسات المخلقة والاجهزة المغناطيسية الحيوية بهدف تحسينات الجسد او حتى تجارب التسلسل الجيني والأنسجة الصناعية الحيوية... وال Biohacking ظهرت ايضا في اتجاه متزايد للعلوم غير المؤسسية وتطوير التكنولوجيا... ولها العديد من النشطاء والحركات وفروع المؤسسات مثل المشاريع التي تقوم عليها "داربا" DARPA التابعة للبنتاجون..ومثل حركة بيوبانك biopunk ..وكذلك كل مشاريع التحول البشرى transhumanism التي تناولناها في السابق..والحركة الفنية التقدمية techno-progressivism.. كما انها متاحه ايضا لكل المخربين والمهوسين..
وبصورة عامة تشمل القرصنة البيولوجية Biohacking مزيج من التقنيات الطبية والغذائية مع تلك الإلكترونية... ويشمل ذلك العقاقير المنشطة ومؤثرات الذاكرة والقدرة العصبية، والقدرة المعرفية، والقدرة على الذكاء أيضا، والتدخلات في الأغذية الوظيفية وتحسين او تدمير الوظائف العقلية وامكانية احداث تغيير جذري في حالة الإنسان بالتقنيات الحديثة..والتحكم في رود الافعال ودمج كل هذا بالعالم السيبراني والالكتروني والتحكم عن بعد مع وجود أجهزة لتسجيل البيانات البيومترية.. ويضم ذلك مفهوم السيبورج او Cyborgology او البيولوجية الألكترونية..
والسيبورج اونظرية سايبورج من الامور المؤثرة جدا في القرصنة البيولوجية خاصة عندما تتعلق بكل ما يعتمد على التحكم عن طريق اشارات المخ ويمكن التداخل معه كالأطراف الصناعية الجديدة واجهزة تنظيم القلب والشرائح المزروعة والالياف العصبية والانسجة المصنعة والتجارب الجينية وخلافه...
وبرغم ان وكالة داربا من اكبر الفاعلين في هذا المجال وسنذكر احد اهم مشاريعها في موضوع منفصل..لكن من المهم ان نعلم كل من البنتاجون والاف بي اي FBI قد اقاما وحدة متخصصة في مكافحة القرصنة البيولوجية لخطورتها واحد اهم أهدافها هو منع الأعمال الإرهابية المتوقعة نتيجة للتقدم في مجال الهندسة البيولوجية وامكانية اختراقها على كافة الاصعدة.. وتضم تلك الوحدة عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي وحوالي 30 من أبرز أعضاء الحركات المعنية من المتخصصين في القرصنة البيولوجية والسيبورج.. حيث ساهمت تلك الحركات ايضا في قلة تكلفة التقنيات المستخدمة في البيولوجيا الجزيئية وتبسيطها... فقبل بضعة عقود مضت، استغرق الأمر ثلاث سنوات لمعرفة كيفية استنساخ وتسلسل الجين، اما اليوم فيمكن أن تفعل الشيء نفسه في أقل من ثلاثة أيام... حتى ان آلات فحص الحمض النووي يمكن الآن شراؤها عبر الإنترنت، وحتى الانزيمات والمواد الكيميائية للتلاعب بال DNA واوامره اصبحت متاحه للجميع... وقد انخفضت تكلفة كشف تسلسل الحمض النووي، من حوالي 100,000 دولار لقراءة مليون رسالة أو محتويات الكروموزومات من شفرة الحمض النووي في عام 2001 إلى نحو 10 سنتا اليوم!!!
ولا يعي احد حجم هذه الكارثة..اذ اصبحت القرصنة البيولوجية biohacking تتيح لا للمتخصصين فقط بل المهوسين التلاعب وتحليل الجينات والتدخل في الاوامر الداخلية مثل العلماء المتخصصين... كما يمكن اقتحام الخلايا واختراق عينات من الحمض النووي..او نقل هذه المواد من كائن أساسي الى كائن آخر.. او السيطرة على اشارات المخ وردود الافعال.. او السيطرة على الروبوتات النانوية التي تم دمجها مع غاز الكيمتريل وتنفذ للجسد الادمي عبر الجلد والتنفس... والغريب انك يمكن ان تطلع على تجارب متعددة على الانترنت سواء من قبل المتخصصين او الهواة من تغيير طبيعة فيروسات عن بعد وحتى من جعلوا حيواناتهم الأليفة كالقطط والكلاب مضيئة... والاعجب انه عام 2010 وبدعم ونصح من قبل المجلس العلمي المختص بعلم الوراثة تم انشاء مختبر Genspace في كلية هارفارد الطبية..وهو مختبر تابع للدولة يجمع كل من يطمح يطمح ان يكون biohackers متخصص ويمكنه أن يجري التجربة مقابل رسم قدره 100 دولار شهريا... فإلى أي مدى سنكون على استعداد لاختبار القضايا الأخلاقية أو القانونية المحيطة بهذا العمل؟؟؟؟؟؟
وعلينا ان نلاحظ ان سهولة الحصول قانونا على المكونات الجزيئية المطلوبة على سبيل المثال للتعامل مع الجينات يمكن ان يكون مخططا لإنتاج امر بمثابة الأسلحة البيولوجية الموجهة... ويمكن اعتبار هذه الخطوة الأولى نحو الإرهاب البيولوجي... وخاصة ان قواعد البيانات والبروتوكولات على شبكة الإنترنت متاحة بحرية للجميع!!!!! وهذا احد الأسئلة التي وجهت لمكتب التحقيقات الفدرالي الذي اصبح عدد مكاتبه المختصة بالارهاب البيولوجي 56 مكتب FBI عام 2012 في أنحاء الولايات المتحدة ..وحول النظرة المستقبلية لعلوم التكنولوجيا الحيوية المتاحة للإرهاب البيولوجي عبر القرصنة والتخريب.. الذين هم بالطبع اهم الضالعين به؟؟؟ ولا ننسى رفع الحظر هذا العام عن نشر طرق تحور كل من فيروسي انفلونزا الطيور والخنازير الذين هما مصنعان في مختبرات السي اي ايه بالاساس واصبحت طرق التحور بتفاصيلها متاحه عبر الانترنت!!!!!
ويشير آخرون إلى أن أي إرهابي بيولوجي يمكن ان يتسبب في الخراب، ويمكن القيام بذلك عن طريق وسائل أبسط بكثير... "أنت لا تحتاج حتى لتخليق أي شيء جديد" كما يقول فيمر ايكهارد، عالم الفيروسات في جامعة ولاية نيويورك في ستوني بروك ..مضيفا ان فيروس شلل الأطفال يمكن تجميعه من قطع صغيرة من مادة وراثية... ويستشهد أيضا بالأمثلة السابقة من الإرهاب البيولوجي الذي يتطلب القليل من الفهم لعلم الوراثة وتقنياته... على سبيل المثال وقبل 11 عام تم إرسال لعدد من السياسيين الأمريكيين جراثيم الجمرة الخبيثة وهم في مناصبهم.. وحتى ان الأمر يتطلب جهد أقل بكثير في محاولة لتنشيط شلل الأطفال في المختبر وارساله!!!!.. وبالمثل، وجدت مادة الريسين السامة بشكل طبيعي في حبوب الخروع التي قد تم تصنيعها واستخدامها كأداة من الأسلحة البيولوجية..."فالطبيعة هي أفضل نوع من الإرهاب والقتل النظيف" كما يقول فيمر...
وبالرغم من ان القرصنة البيولوجية Biohacking اصبح لديها زخم كبير للعلوم القادمة وامكانياتها والتشجيع على الخروج من حدود الأوساط الأكاديمية ومختبرات البحوث... وانشاء اكثر من مركز متخصص لها في الولايات المتحدة.. كGenSpace في نيويورك وBioCurious في ولاية كاليفورنيا، والشروع في اضافة بعض مفاهيمها على المناهج الدراسية في المدارس الثانوية..واقامة iGem وهي مسابقة سنوية لبناء "الروبوتات البيولوجية" المعتمده على الbiohacking و مجالات الحوسبة... الا انها اتجاه علمي يحيد كل الحيود عن كل المعايير الآدمية والقانونية التي تنذر بعواقب وخيمة ...ان لم تكن تلك العواقب هي بالفعل ما نراه وما نعايشه يوميا من الاشكال المختلفة للارهاب البيولوجي التي تمارس على العالم دون حساب...
تعليقات
إرسال تعليق