موضوع التمويل الغربي للمراكز البحثية موضوع خطير لا نلقي له بالا... وما جعلني اهتم بذكره هو حقيقة ان السفارة الاميركية بالقاهرة تضم أكبر مركز للمخابرات الأميركية في الشرق الأوسط يقود العمليات الخارجية السرية في منطقة الشرق الأوسط وجنوب المتوسط بالكامل.... فالسفارة في القاهرة التي هي بمبناها وموقعها بمثابة قلعة مسلحة، وبها مركز المخابرات المركزية الأميركية (CIA) في الشرق الأوسط ومركز لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FB I) وتلي السفارة القنصليتان في القاهرة والاسكندرية.... والتي تخدم 40 ألف أميركي يعملون في مصر (أكبر جالية أميركية في العالم) ويشكلون جيشاً منظماً للاختراق الثقافي ورافعة خطيرة لثقافة الاستسلام (والتي تسمى زيفاً بثقافة السلام)... يعاون هذا الجيش 30 مؤسسة تعليمية وثقافية خطيرة الدور و ذات تنسيق دقيق مع الأجهزة الاسرائيلية بالقاهرة ومع أجهزة المخابرات الاميركية والاسرائيلية خارجها ومن أبرز هذه المؤسسات [ الجامعة الاميركية – مركز البحوث الأميركي – هيئة المعونة الاميركية – هيئة الـ MIT – مؤسسة منح السلام – مشروع ترابط الجامعات المصرية – الاميركية – مشاريع مراكز الأبحاث الاميركية بالقاهرة والتي تشرف على تنقية مناهج التدريس في الجامعات المصرية وبخاصة مناهج العلوم السياسية مما قد تحتويه من ثقافة أو فكر يتعرض بالسلب للثقافة والسياسة الاميركية....
فمقر هذه الوحدة التي صارت (مركزاً للبحوث الاميركية) يوجد داخل كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بالقاهرة... ويتعاون وبقوة مع هذا الفريق ويمثل جسراً ثقافياً وسياسياً له للاختراق ولحمل راية (ثقافة الاستسلام)...
وبنظرة على الوطن العربي ككل... نلاحظ انتشار المراكز البحثية والفكرية في ربوع العالم العربي....ومنذ نشأتها وهناك شبهات تصاحبها لم يهتم احد للآن بتحليلها.. سواء على مستوى الحكومات أو على مستوى الشعوب، وهذه المتلازمة تتمثل في التمويل الغربي الذي تتلقاه بعض هذه المراكز مقابل تبنِّي أجندة معيَّنة أو القيام بدراسات بحثية ومقالات فكرية تخدم الهدف العام للمموِّل الغربي... وتُحدِث نوعاً من التوجيه الفكري لأطياف المجتمع بما يخدم الأفكار الغربية... اضافة للجهة الاساسية التي تقف وراء هذا الممول الغربي من اجهزة مخابراته الداخلية...
هذا فضلاً عن الأثر الكبير للتمويل الغربي في تحقيق الأهداف الاستخباراتية والمعلوماتية للدول الغربية، من خلال صناعة ثغرات تمكنها من الحضور داخل المجتمعات الإسلامية، وإجراء دراسات تعينها على جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول تلك المجتمعات، إضافة إلى الاستعانة بالباحثين المحليين من خلال التمويل الغربي لقراءة وتحليل المعلومات المجمَّعة أو الظاهرة محل النظر...او تحويلهم لعملاء دون علمهم... ومن ثَمَّ تتكون لدى الكيان الغربي معلومات ميدانية موثَّقة جمعها أهل البلاد الإسلامية بأيديهم، وهي مصحوبة بقراءة تحليلية ثاقبة من أبناء تلك البلدان أيضاً، وهؤلاء يدركون جيداً كيف يفكر المواطن العربي، وكل هذا يخدم في النهاية المراكز الفكرية الغربية ووكالات الاستخبارات الغربية في فهم الواقع العربي والإسلامي عن قرب، ومن ثَمَّ رفع التوصيات الدقيقة التي في ضوئها يتخذ صانع القرار الغربي قراراته السيادية، التي تأتي في النهاية في غير صالح العالم الإسلامي، وما احتلال العراق عنا ببعيد....
وساحاول من خلال هذا الموضوع المختصر الإطلال على ظاهرة التمويل الغربي، وما يصاحبها من إشكاليات ومخاطر على الهوية الإسلامية، وأمن المجتمعات العربية والإسلامية وسلامتها...
مفهوم التمويل الغربي وأهدافه:
يُقصَد بالتمويل الغربي: (كافة الـمِنَح الآتية من الدول الغربية ومن مؤسسات التمويل الغربية إلى المراكز البحثية والفكرية في العالم العربي... سواء كانت تلك المراكز مستقلة أو محسوبة على أحد قِطاعات الدولة، وكذلك الدعم الغربي للأفراد والباحثين لخدمة أغراض وأهداف المانح).
أهم أهداف التمويل الغربي تتلخص في الاتي....
1- جَمْع أكبر قدر من المعلومات عن البلد المتلقي للتمويل الغربي:
يُعدُّ جمع المعلومات الأساسَ الذي تُبنَى عليه أجهزة المخابرات في كافة أنحاء العالم، وفي ضوء تلك المعلومات يجري اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية، والدخول للبلد المستهدَف من خلال التمويل الغربي، وَوَفْقَ مشروعات يحددها المانح يُعمَل على تحقيق هذا الهدف الإستراتيجي، بقصد أو بغير قصد من المتلقي للتمويل الغربي، وفي ذلك يقول (ستانفيلد تيرنر) مدير وكالة المخابرات المركزية في عهد الرئيس كارتر: (إن الحصول على المعلومات بالنسبة لبلد مثل أمريكا مهم للغاية... فالولايات المتحدة دولة ذات نشاط وسيادة عالمية.... ولذا فهي تحاول الحضور في كل بقعة من العالم).... وهذا بدوره يفسر الاهتمام غير العادي من الجهات المانحة في إجراء أكبر كمٍّ من الأبحاث الميدانية في المجتمعات العربية بكافة طبقاتها، والإنفاق السخي على تلك الأبحاث التي يلمس المطلع عليها خطرها على الأمن القومي للدول العربية، فضلاً عن مخالفتها لكافة الأعراف العلمية والقانونية المرتبطة بجمع البيانات وإجراء الأبحاث. وتفسير هذا الحضور يثير دهشة محمد حسنين هيكل فيقول: (عندما لا يكون لنا رأي في توجيه هذا التمويل للأبحاث، ولا نعلم لمن تقدَّم نتائج هذه الأبحاث، وفي غياب مفهوم شامل يعطيني كل الصورة، وبدون رقابة أو توجيه، يدخل التمويل للسيطرة على عقل المجتمع ووجدانه، فعندما يكون أحد الأبحاث يموَّل من (السي آي إيه) أو المـركـز الأكاديمي الإسـرائيلي، فهل يُعقَل أن يكون ذلك طبيعياً؟ وهل يمكن أن نفصل بين موضوع البحث ومن سيستفيد منه؟ فعندما نجد أن 100 مليون دولار من المعونة الأمريكية مرصودة للأبحاث، فلا بد أن أسأل: ما هو المطلوب؟)...
فهذه الإعانات في الحقيقة ظاهرها المساعدة الإنسانية، ولكن في حقيقة الأمر فإن المؤسسات التمويلية استخدمت هذه المساعدة لدعم بحوث ودراسات تقدَّم عن المجتمعات التي يُراد اختراقها؛ حيث تنتهي كلها إلى مكاتب المخابرات الأمريكية....
2- قراءة وتحليل المعلومات من قِبَل باحثين ومفكرين محليين:
يمتد الأمر أحياناً إلى استقدام خبراء محليين إلى الدولة المانحة ليقوموا بتقديم تحليلات وتفسيرات للمعلومات التي تم جمعُها، فضلاً عن تقديم تقارير مباشرة عن الأوضاع الداخلية للبلاد، وتقديم قراءات وتحليلات لتلك الأوضاع، والإجابة عن الإشكالات التي يستعصي على المانح فهمها حول المجتمعات العربية والظواهر المرتبطة بها. والمانح في كل ذلك يشتري بالدولارات القليلة التي يدفعها تفسيرَ المعلومة الغامضة بلسان قومها... ومن ثَمَّ يكون فهم المعلومة بالطريقة التي يفكر بها أصحابها. فالمؤسسات السياسية تتوخى أسلوب دعوة الخبراء والأساتذة الجامعيين لتقديم تقارير وآراء بشأن المشاكل والقضايا المطروحة قبل اتخاذ القرارات، وخلال السنوات العشر الأخيرة ركزت أجهزة وزارة الدفاع الأمريكية، ووزارة الخارجية الأمريكية، ووكالة المخابرات الأمريكية CIA، ولجنة الشؤون الخارجية الخاصة بأوروبا والشرق الأوسط بالكونجرس الأمريكي على تكليف مئات الباحثين لإنجاز دراسات وأبحاث حول إحدى الظواهر الدينية في منطقة الشرق الأوسط، تلك المتعلقة بالإسلام السياسي.....لماذا؟؟؟؟
مؤسسات التمويل الدولية:
هناك عدد كبير من مؤسسات التمويل الدولية الاساسية التي تمول مشروعات وفعاليات بحثية في العالم العربي، ومن أهم هذه المؤسسات واهدافها:
1- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي:
برنامج الأمم المتحدة الإنمائيUnited Nations Development Programme) واختصاراً (UNDP) وهي شبكة تطوير عالمية تابعة للأمم المتحدة، تعمل في 166 دولة، وتقدم دعماً مالياً للمنظمات المدنية، والمراكز البحثية في العالم العربي، وهذا البرنامج له نشاط ملحوظ في دعم المشروعات التي تخدم الأجندة الغربية مثل قضايا المرأة، ومراجعة المناهج التعليمية والدينية، لكنَّ ما لفت نظرنا عند تحليلنا لمشروعات هذا البرنامج - خاصةً البحثية والفكرية - هو تركيزها على دراسات استكشافية للقوات المسلحة، وأجهزة المخابرات في العالم العربي. وهذا يكشف خطورة الدور الذي تلعبه برامج الأمم المتحدة في المنطقة العربية والإسلامية تحت ستار الأعمال البيضاء.
2- مؤسسة فورد الأمريكية:
تعد مؤسسة فورد الأمريكية من أنشط المؤسسات التمويلية الدولية التي تدعم الباحثين والمراكز البحثية والفكرية في العالم العربي. والمحلل للمشروعات البحثية التي تدعمها مؤسسة فورد الأمريكية في المنطقة العربية يلمس بقوة تلك الطبيعة الاستخباراتية للأبحاث، ويلمس أيضاً دورها الإستراتيجي في الحرب الغربية الجديدة على الإسلام، تلك التي يخوضها الأمريكان تضليلاً تحت مسمى الحرب على الإرهاب...
وفي 14 أبريل 2007م نشرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على موقعها الإلكتروني وثيقة تاريخية استعرضت من خلالها كتاب (الحرب الباردة الثقافية: المخابرات المركزية الأمريكية وعالم الفنون والآداب) الصادر في نيويورك عام 2000م، ذلك الكتاب الذي وثَّق العلاقة بين المخابرات الأمريكية ومؤسسة فورد وبعض المؤسسات الأخرى، ووضح بالشواهد العملية والمقابلات الشخصية مع ضباط المخابرات كيف تتخذ المخابرات الأمريكية مؤسسات التمويل كغطاء لأنشطتها السرية، وقد أشادت وثيقة المخابرات بهذا الكتاب التوثيقي الهام....
وفي دراسة بعنوان (مؤسسة فورد ووكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية) للأكاديمي الأمريكي (James Petras) أستاذ الاجتماع بجامعةBinghamptonبنيويورك،
ويضيف (James Petras): (ومن خلال التعاون الوثيق المستمر بين المخابرات الأمريكية ومؤسسة فورد، يجري تأمين العديد من فرص العمل لعملاء المخابرات المركزية داخل مؤسسة فورد؛ فمن القواعد الهيكلية الأصلية أن هناك علاقة وثيقة وتبادلاً للموظفين على أعلى المستويات بين وكالة المخابرات المركزية ومؤسسة فورد، وكان من ثمرة هذا التعاون الهيكلي هو نجاح عملاء المخابرات في الوصول لوسائل الإعلام، وموجِّهات الفكر تحت الغطاء القانوني لمؤسسة فورد).
كما يقول (James Petras) أيضاً: (في الفترة الحالية تطرح واشنطن الموضوع على أنه (الإرهاب أو الديمقراطية)، تماماً كما كان الأمر خلال الحرب الباردة، (الشيوعية أو الديمقراطية) وفي كلتا الحالتين تقوم الإمبراطورية الأمريكية بتجنيد وتمويل منظمات واجهة لها، تضم: مثقفين وصحافيين، ومؤسسة فورد إحدى المؤسسات التي تتعاون مع الحكومة وتقوم بدورها في تشكيل الغطاء الثقافي في الحرب الباردة الجديدة).
3- مؤسسة روكفلر الأمريكية:
مؤسسة روكفلر (Rockefeller Foundation) هي منظمة (خيرية) يقع مقرها في مدينة نيويورك الأمريكية، وقد تأسست على يد رجل الأعمال الأمريكي جون د. روكفلر في 14 مايو 1913م.
وهذه المؤسسة لها نشاطات بحثية متعددة في المنطقة العربية... حيث تقوم بدعم الباحثين والمراكز الفكرية والبحثية العربية، وهذه المؤسسة لا تختلف عن نظيرتها مؤسسة فورد من حيث علاقتُها بالمخابرات الأمريكية وقد وثَّقت هذه العلاقة الكاتبة البريطانية (فرانسيس ستونر سوندرز) في كتابها (الحرب الباردة الثقافية: المخابرات الأميركية وعالم الفنون والآداب)]... هذا بخلاف حقيقة ان روكفلر من اكبر واول عائلات المتنورين التي تمثل بالاساس حكومة الظل..
4- مركز جنيف للرقابة على القوات المسلحة:
وهو مركز بحثيٌّ دولي له مشروعات بحثية مشتركة في العالم العربي، شديدة الحساسية والخطورة على الأمن القومي العربي، وهو: إما يقوم بتمويل تلك الأبحاث بصورة مباشرة، أو بصورة غير مباشرة عن طريق دعم المؤسسات الدولية للمشروعات البحثية في المنطقة العربية لصالحه وتأتي على رأس هذه المؤسسات الدولية الأممية، موسسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP.
التوجه الغربي لشراء الفكر في العالم العربي:
بتحليلنا لمحتوى المشروعات البحثية المموَّلة غربياً والمنفَّذة من قِبَل مراكز بحثية وباحثين ومفكرين في العالم العربي وفي غيره يمكننا تحديد أبرز التوجهات الغربية لشراء الفكر في العالم العربي، وذلك بالصور التالية:
1 - قضايا الأمن القومي وجَمْع المعلومات الإستراتيجية:
يلمس المحلل للمشروعات البحثية المموَّلة غربياً تركيز المشروعات على فئات خاصة في مؤسسات الدولة، يشكل الوصول إليها بصورة مباشرة صعوبة شديدة... فهناك جملة من المشروعات المرتبطة بالأمن القومي والقوات المسلحة، والشرطة، ورجال القضاء، فضلاً عن المشروعات الميدانية التي تعتمد على جَمْع أكبر قَدْر من المعلومات الإحصائية عن المجتمعات العربية من خلال استمارات استقصائية تتضمن تساؤلات تمثل إشكاليات يصعب على صناع القرار في أوروبا وأمريكا استيعاب تفسيراتها بدون الحصول على معلومات بصددها من أرض الواقع، وسيندهش القارئ عندما يعلم أن هناك عدداً من المشروعات البحثية شديدة الحساسية والمتعلقة بآليات صناعة سياسات الأمن القومي في العالم العربي، والتسليح وشراء الأسلحة وآليات الرقابة على عمليات التسليح وعلى ميزانيات وعمل القوات المسلحة بالدول العربية، فضلاً عن جملة من الدراسات الموسَّعة عن رجال القضاء والنيابات والبرلمانيين ورجال الشرطة.
فعلى سبيل المثال دعم برنامج الأمم المتحدة UNDP في بيروت في الفترة من (12/5/2006م - 14/5/2006م) ورشة عمل بحثية حول إدارة قطاع الأمن والقوات المسلحة والرقابة البرلمانية عليه في المنطقة العربية، وذلك بالشراكة مع (مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة DCAF)، وقد حضر ورشة العمل 50 مشاركاً؛ حيث قاموا باستعراض ومناقشة الممارسات الدولية والإقليمية السائدة في مجال إدارة قطاع الأمن والقوات المسلحة في كلٍّ من (الجزائر، والأردن، والكويت، ولبنان، والمغرب، وفلسطين).
وكانت المحاور الرئيسة لهذه الورشة التي اشتركت فيها مراكز بحثية مؤثرة في العالم العربي، وهي: (إدارة قطاع الأمن والرقابة البرلمانية: اللجان، الموازنة، وعمليات شراء المعدات الحربية - تحديات المنطقة العربية في قطاع الأمن - آليات رقابة وتوجيه القوات المسلحة في المنطقة العربية - آليات ضمان الشفافية في موازنة القوات المسلحة - آليات شراء الأسلحة في المنطقة العربية)...
2 - محاولات الاقتراب من دوائر صنع القرار والسياسات:
يلاحَظ على المشروعات المموَّلة غربياً محاولة اقتراب مؤسسات التمويل الدولية بقدر الإمكان من دوائر صنع القرار في الوزارات المتعددة بالدول العربية؛ حيث تدخل من باب الدعم البحثي لصانعي السياسات والقرارات، وفي ضوء ذلك يقدِّم الدعم لإنشاء وحدات بحثية بالوزارات، أو تمويل مشروعات بحثية تحقق الهدف ذاته، ومن ثَمَّ تحاول المؤسسات الدولية من خلال التمويل الغربي ومشروعاتها البحثية التأثير في مصدر المعلومة التي يبني عليها صانع القرار قراره، ومن ثَمَّ يتحقق للمموِّل على المدى البعيد التأثير في القرار ذاته لمؤسسات الدولة.
3 - قضايا المرأة والنسوية:
بتحليلنا للمشروعات المتعلقة بقضايا المرأة والنسوية يتبين أن المرأة المسلمة تشكل عنصراً فاعلاً على أجندة مؤسسات التمويل الدولية، وفي ضوء ذلك يجري طرح أكبر قدر من المشروعات البحثية التي تحاول فهم المرأة المسلمة من كافة النواحي، حتى أشد التفاصيل خصوصية، إضافة إلى دعم كل المشروعات البحثية التي من شأنها تغريب المرأة المسلمة ووضعها في إطار عولمي ليبرالي، يجردها من أية ضوابط عقدية أو مجتمعية.
4 - الدين الإسلامي ومحاولات التلاعب في الثوابت:
تحاول المؤسسات التمويلية الغربية النفاذ إلى المجتمعات الإسلامية من زاوية أن الإشكال ليس في الإسلام، ولكنه في فهم المسلمين للإسلام والنصوص الشرعية، ومن ثَمَّ تجري الدعوة لإعادة قراءة الإسلام وَفْقَ النظرة الغربية ... وبناءً على ذلك يحدث التلاعب في الثوابت الشرعية، من خلال المشروعات البحثية المحقِّقة لهذا الهدف، إضافة إلى طرح المشروعات والمبادرات التي تبشر بالعولمة قبالة كل ما هو ديني في المجتمعات العربية وخاصة بعد دعم التطرف الديني في الجهة المقابلة....
5 - مؤسـسات التمـويل واستخدام الباحثين للترويج لاهداف البحوث الغربية:
تقوم مؤسسات التمويل الدولية ولمنح درجات للباحثين وتمويل ابحاثهم بضغوط قد تكون ظاهرة او خفية للباحث للترويج لتطبيقات بحثية تخدم مخططاتهم.. وظهر هذا من خلال الترويج لفعالية شرائح التعريفات الشخصية في نظام التأمينات الصحية.. او في بعض تطبيقات برامج تحديد النسل في الاماكن النائية وغيرها..
مشروعات مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية:
إن هذه المبادرة استحدثتها الولايات المتحدة الأمريكية لنشر ما يُعرَف بـ (المدنية) لتكون مواجهة ومضادة لكل ما هو ديني في منطقة العالم الإسلامي في الوقت الذي تقوم به من الطرف الاخر بتغذية نزعات التطرف...
وبناءً على ذلك توضح الجهات المعيَّنة لدائرة صنع القرار في الحكومة الأمريكية أن (المجتمع الديمقراطي المدني لن يشجع قوانين الشريعة الإسلامية التي يريدها التيار التقليدي المغالي، كما أن الحداثة لا تتماشى مع عقوبة القتل للزنا والجلد والبتر باعتبارها عقوبات جنائية مقبولة. كما لن تتقبل الفصل الإجباري بين الجنسين أو التفرقة المتطرفة الواضحة ضد المرأة ... وفي العدالة الجنائية، وفي الحياة العامة والمجال السياسي. إن هذا التيار الإسلامي المتشدد بشكل عام لا يتواكب مع قيم المجتمع المدني، والرؤية الغربية للحضارة، والنظام السياسي والمجتمع، كما أن إنشاء منظمات المجتمع المدني في المناطق الريفية والضواحي، يشكل بنية أساسية يمكن أن تؤدي إلى نشر الوعي السياسي، وإلى صنع قيادات معتدلة تؤمن بالحداثة، وكذلك يجب دعم الفئات التي تبدو أكثر تمشياً مع المجتمع المدني الحديث... وبهذا يتم انتاج اجيال مفككة بين المغالاة والعولمة)....
وعلى ذلك فإن المشروعات البحثية والتدريبية للخارجية الأمريكية في العالم العربي تسعى لاستثمار كافة وسائل الاتصال المتاحة...سواء في التعليم أو الإعلام أو الملتقيات التدريبية والفعاليات المجتمعية، وكل ذلك تحت إشراف مراكز بحثية محلية توثِّق وتصوب مسار عملية نشر القيم الليبرالية والمدنية الأمريكية في المجتمعات العربية...
ومن أكثر المشروعات الملفتة للنظر في هذا الصدد، هي المشروعات المرتبطة بما طرحته أمريكا ويُعرَف بمصطلح (الإسلام المعتدل)... ولذا فليس غريباً أن نجد مشروعات تدريبية تقوم فيها وزارة الخارجية الأمريكية بتدريب الأئمة والوعاظ والواعظات العرب على هذا "الاعتدال الأمريكي" من وجهة النظر الامريكية...
وهذه المبادرة تمكنت خلال سبعة أعوام من تخصيص أكثر من 530 مليون دولار لأكثر من 600 برنامج في17 بلداً.
حلول ومقترحات لمجابهة الآثار السلبية للتمويل الغربي:
مناصحة أولي الأمر بالمخاطر التي يُحدثُها التمويل الغربي من خلال المشروعات والأنشطة البحثية والفكرية على الأمن القومي للبلاد العربية والإسلامية، بما يعينهم على سن تشريعات وإصدار قرارات تحد من ظاهرة التمويل الغربي في المنطقة العربية والإسلامية.
العمل على ترجمة الأعمال البحثية والدراسات الغربية التي تكشف مفاسد مؤسسات التمويل الدولية وسقطاتها وسوءاتها، وعلاقاتها بأجهزة المخابرات الدولية، والعمل على توفير هذه الترجمات في سلاسل صغيرة يسهل تداولها والاهتمام بها.
عقد مجموعة من الدورات التدريبية للباحثين والمفكرين والكتَّاب والإعلاميين الوطنيين الذين يرفضون التمويل الغربي، ومدِّهم بكافة المعلومات المرتبطة بحركة التمويل الغربي وما يشوبها من سوءات.. وذلك حتى يتم توجيه الرأي العام لرفض هذه الظاهرة ولفظ المتعاطين معها.
محاولة توثيق شهادات الباحثين والمفكرين والإعلاميين الرافضين للتمويل الغربي، من الذين كانت لهم تقاطعات مع مؤسسات التمويل والمراكز والمنابر الفكرية والإعلامية المتعاطية مع التمويل. ومحاولاتُ التوثيق هذه يمكن إتمامها من خلال تنظيم لقاءات لهؤلاء الخبراء أو إجراء حوارات ومقابلات شخصية مباشرة معهم.
صناعة الوعي لدى الجماهير العربية بعدم التفاعل مع الأبحاث الميدانية التي لا تعلن عنها الدولة في وسائل الإعلام الرسمية.
السعي لعمل وقفية عربية تكون بمثابة مظلة تمويلية للمراكز البحثية والفكرية الحاملة لهمِّ الأمة وأزماتها ومشكلاتها ومشروعاتها النهضوية، ومن خلال هذه الوقفية يمكن تحصين الباحثين، والمفكرين، والإعلاميين المسلمين الأكفياء من الوقوع في براثن التمويل الغربي وأسر المؤسسات التمويلية ومشروعاتها التغريبية والاستخباراتية...
محاولة جذب رجال الأعمال وأصحاب الأموال لتمويل المشروعات البحثية التي تخدم الأمة العربية ونهضتَها وتقدُّمَها
توحيد الخريطة البحثية وصناعة ما يُعرَف ببنك الأفكار البحثية المشترك.
استكشاف وتكوين قواعد بيانات عن الكفاءات البحثية في العالم العربي والإسلامي، ومن ثَمَّ تحقيق أقصى استفادة ممكنة.
تعليقات
إرسال تعليق