القائمة الرئيسية

الصفحات

هاااام...احتمالات المعركة القادمة من خلال الواقع الحالي..تحليل هام؟؟


 
هاااام...احتمالات المعركة القادمة من خلال الواقع الحالي..تحليل هام؟؟
يشير الواقع والترتيبات أن حربا كبيرة قادمة على المنطقة وستكون هذه الحرب ضمن أحد الإحتمالات التالية :
1- بين المشروعين الشرقي الإيراني وأذرعه , والغربي الأمريكي الصهيوني وأذرعه إضافة الى المنظومة العربية .
2- بين المشروع العربي من جهة , والمشروع الشرقي الإيراني الفارسي وأذرعه من جهة اخرى - سنة وشيعة - في غياب المشروع الغربي.

وهنا يمكن أن يلعب الدور التركي على أحد المسارات التالية :
أ‌- أن تشارك تركيا الى جانب الصف العربي بفعل الترابط التاريخي والعقدي وتتقاسم الدور المستقبلي النهضوي مع الأمة العربية .
ب‌- ان تشارك تركيا الى جانب الصف الايراني بحثا عن مصالحها في اقتسام المنطقة اقتصاديا في حال ضعفت الدول العربية وأعيد احتلالها .
ت‌- أن تبقى تركيا على الحياد محافظة على تطورها وارتباطاتها الاقتصادية من جهة , وملحقة بالموقف الغربي من جهة اخرى , لكن هذا الموقف قد يفقدها الدور التاريخي في لعب دور مستقبلي سيادي , وفي نفس الوقت لا يحميها من تبدلات المنطقة الجغرافية .
3- انشغال المشروع العربي بنفسه وثورته , وانقضاض المشروع الغربي وإسرائيل على أجزاء من الوطن العربي من جهة , و انقضاض المشروع الشرقي عليه من جهة اخرى .
4- أن تتوحد جهود المنطقة وتشترك تركيا وإيران والعرب في مواجهة العدو الإسرائيلي والغرب معا.
5- أن تتفجر المنطقة بشكل عشوائي ومن ثم يبدأ البحث عن أحلاف وترابطات جديدة تتشكل في خضم حالة الانهيار في محاولة لاعادة ترتيب المنطقة.
إضافة الى أن اللاعبين المحيطين في المنطقة مثل روسيا والصين وبعض الدول الافريقية إضافة إلى باكستان وافغانستان وأرمينيا سيكون لهم دور مهم في المعركة القادمة وقد تتوسع المعركة في حال اشتعالها لتؤسس حربا عالمية ثالثة .

ولهذا نتوسع ونبحث في الاحتمالات الممكنة للمعركة القادمة :

اولا – صراع بين المشروعين الشرقي الايراني واذرعه , والغربي الأمريكي الصهيوني واذرعه اضافة للمنظومة العربية .
يشكل الصراع الإيراني الغربي في حال اشتعاله مسارا خطيرا في المنطقة , وذلك لأبعاده الدينية والاقتصادية والعسكرية والمستقبلية , إضافة الى منظومة الأحلاف التي ستتشكل بناء على هذا الصراع .
فإيران دولة نفطية تقع على باب المندب - أحد أهم المنافذ البحرية النفطية - وقد طورت قدرة عسكرية كبيرة في العقد الأخير وهي تسعى لإمتلاك السلاح النووي كقوة رادعة يمكن استخدامها في المعركة , وهي دولة دينية قومية فارسية الاصل تقوم على أساس العقيدة التشيعية .
وتطل ايران على مساحات واسعة بحرية كما طورت إيران أذرعا قوية في المنطقة وبنت علاقات مع كثير من التنظيمات السياسية , أيضا هي تسعى دائما من خلال انتمائها إلى منظمة العالم الاسلامي ودول عدم الإنحياز إلى بناء أحلاف مع الدول الضعيفة في مختلف القارات, كما أن خطابها السياسي الذي يظهر للعامة أنه مواجه للغرب ولإحلافه يدغدغ عواطف وعقول كثير من المتضررين على المستوى العالمي , كما أن عقيدتها العسكرية والسياسية التوسعية تحاول الإستفادة من حالة الضعف في المنطقة من أجل اختراقها و السيطرة على قرارها السياسي باستخدام التخويف الدائم بإثارة القلاقل في دول المنطقة بواسطة التابعين لها تنظيميا وعقديا .
أيضا غدت ايران قوة في المنطقة من خلال السيطرة على العراق وسوريا ولبنان وفلسطين , لتشكل قطاعا وعمقا استراتيجيا جغرافيا وبشريا , وهي تسعى لبسط نفوذها في اليمن والبحرين وتشاغل السعودية داخليا , وتحرك سفنها العسكرية باتجاه الصومال والبحر المتوسط وتقيم قواعد عسكرية في سوريا وتتحالف مع روسيا والصين بشأن الوضع السوري , وتمنع التدخلات التركية في سوريا , إضافة الى التهديد المباشر لتركيا من خلال تدريب العناصر الكردية لدى أحلافها في لبنان وتنفيذ عمليات قوية على الأرض التركية .
ورغم التهديدات الغربية والإسرائيلية بضربة لإيران إلا أن مراكز الدراسات الغربية توصي بعدم الموافقة على مثل هذه الضربة !, إضافة إلى الوضع الغربي الذي بدأ يتراجع في العقد الأخير , والوضع الداخلي الإيراني الذي يرى أن أي ضربة لإيران سترفع من شعبية المحافظين والقوة القائمة على سدة الحكم ممثلة بانجاد والباسيج , مع عدم معرفة حجم ردة الفعل الإيرانية في حال تمت المواجهة , إضافة إلى تراكم البوارج والسلاح الغربي في الخليج المهدد من ضربة إيرانية متوقعة, مع غياب وضوح الرؤية الصادقة عن مدى الشراكة والتحالف الإيراني الغربي الإسرائيلي - بعد تحالفهما وتشاركهما في الحرب على العراق وأفغانستان – والغزل الايراني الصهيوني الاعلامي , احيانا إضافة لإستفادة الغرب من القوة الإيرانية الصاعدة في المنطقة ليبقي على حالة الضعف والإبتزاز لدول الخليج ونفطها ومواصلة التدخل بشؤونها , كل ذلك يقلل من شأن التهديدات بالمواجهة الغربية من جهة, ويسمح بزيادة القوة الإيرانية على حساب المنطقة وبخاصة العربية منها .
ومع ذلك تظهر في الآونة الاخيرة ترتيبات واسعة في المنطقة توحي بالإستعداد لمعركة ضد إيران ومظاهرها متتعددة , منها الانسحاب الامريكي من العراق , ليبقي على حالة التأزم فيه , بحيث ينشغل العراق في صراع داخلي طائفي يمنع العراق من الوقوف إلى جانب إيران في حال وقعت الواقعة , ولتستعد أمريكيا للتدخل لصالح القوى التي تخدم مصالحها وتنفذ برامجها في المرحلة التالية , إضافة الى نشر الصواريخ في تركيا وإضعاف الحالة السورية في معركة داخلية لا تعرف نتائجها ,والتحول الجزئي لحماس والجهاد للإنتماء للمنظومة العربية , والابتعاد المتدرج لقطر عن منظومة دمشق طهران , وترتيب البيت الفلسطيني من خلال المصالحة المنتظرة بين تنظيمات دمشق مع منظمة التحرير .
إلا أن تعقيدات الوضع السوري أيضا تجعل الخيارات المتعلقة بسوريا واستمرارية اضعافها من قبل المنظومة الغربية أمرا صعبا , وذلك بسبب قرب سوريا من الوضع الاسرائيلي وانعكاسات الثورة عليه , واستمرار البحث فيمن سيتولى بعد هذا النظام الذي قدم ويقدم خدمات واسعة للمنظومة الغربية, ولم يشكل أي خطر على اسرائيل طيلة أربعة عقود رغم الضربات التي تلقاها من قبل الإسرائيلين, إضافة إلى استفادة الغرب والشرق معا من إضعاف أهل السنة في داخل سوريا من جهة , وتشريد واحتواء قيادتها وقيادات سوريا من خلال إطالة أمد المعركة التي تتواطأ الجامعة العربية والمنظمة الاسلامية عليهم بهذا الاتجاه .
ومع هذه الفوائد المرجوة من قوة إيران في المنطقة للمشروع الغربي واستمرار التواطئ على بقاء الأسد وإطالة عمره في الحكم , إلا أن ثورة وحراك الشعب السوري واستمرارها رغم التضحيات التي يقدمها , إضافة الى طائفية مشروع إيران , وانزعاج المنطقة من التدخلات الإيرانية في شؤونها , إضافة إلى التخوفات الإسرائيلية من مشروع نووي عسكري حقيقي لإيران, وصراع النفوذ بين الغرب وإيران على المنطقة , والسعي التركي لبسط نفوذه باتجاه المنطقة لتقليل المخاطر الإيرانية التوسعية عليه , كل هذا يساعد في استمرارية التوتير وتصعيد نذر الحرب في المنطقة بين المشروعين الغربي والإيراني فهل نصل إلى الحرب والمواجهة العسكرية ؟.

إن أهمية المنطقة وحيويتها بالنسبة للعالم أجمع يجعل احتمال المعركة قويا ويجعل الثمن الباهض الذي قد يدفع لها قليلا أمام الأضرار و الفوائد المستقبلية , ويبدو أن الأحلاف قد بدأت تتشكل لاعلان ساعة الصفر , لكن ليست المشكلة في التشكل الأولي لهذه الأحلاف , ولكن من سيخوض منها الحرب وكيف ؟ وإلى أي مدى ستستمر هذه المعركة ؟ ومن لديه قدرات على التحمل أكثر ؟ .
وقد تتأخر المعركة في حال ترتيب الأوضاع سواء عربيا أو إسلاميا أو دوليا مع قيادات المجتمع الإيراني لتجاوز الضربة والحرب التي لا تعرف نهايتها , وأن يتم التغيير بشكل سلمي من داخل البيت الإيراني بحيث تتعاون القوى الإيرانية الداخلية مع الواقع العربي بدل ديمومة استفزازه ومحاولة إضعافه وإثارة القلاقل في داخله التي لا تخدم إلا الوضع الغربي وأذرعه بما فيها الكيان الإسرائيلي.
بالنظر إلى الأحلاف المتشكلة للمعركة فإننا نرى إيران من جهة ويدعمها من الدول سوريا وروسيا والعراق بقيادة المالكي , ويقف على الحياد الدول التي تكره الولايات المتحدة مثل فنزويلا وكوريا الشمالية والسودان والصين وبعض الدول الإفريقية , ومن التنظيمات حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي او من سينفصل عنهما , و من التجمعات المنظمة , الحوثيين والشيعة في العالم العربي والإسلامي , ومنظومة عمل سرية على المستوى العالمي تعمل ضمن آلية ضرب أهداف ممكنة في لحظة اشتعال المعركة .

أما من جهة القدرات العسكرية والبشرية وصفيا , فعلى المستوى البشري هناك ولاء مطلق للقيادة السياسية الدينية في إيران , التي طورت القدرات البشرية العسكرية من خلال التدريبات المتواصلة والمناورات الهجومية والدفاعية لكل القوى العسكرية , مما يجعل الحرب حاضرة من الناحية الذهنية و الميدانية للجيش الإيراني وبكافة أنواع الأسلحة الآخذة بالتطور حتى أنها لتصل الى العمق الإسرائيلي من جهة وإلى اوروبا من جهة أخرى .
أما الجبهة الداخلية فهي تبدو مفككة وتتناوشها الخلافات بين الإصلاحيين والمحافظين , وبين المؤمنين بولاية الفقيه وغير المؤمنين , وبين الأغنياء وغالبية الفقراء , وبين السنة المقموعين والشيعة الفرس القامعين, وبين الجيل القديم والجيل الشاب , وكثيرة هي إشكالات الجبهة الداخلية سياسيا وعسكريا واقتصاديا, كما أن المحيط الحدودي الداخلي والخارجي من الأذر والبلوش والعرب والأكراد والباكستانيين والعراقييين والخليج العربي من السنة الذين ضاقوا ذرعا بالإعتداءات الإيرانية على البنية السنية والعربية يعتبرون في خانة المحايدين إن لم يقفوا بقوة في صف المواجهة .
كل ما سبق يوضح إمكانية بناء التحالفات ويوضح قوة الجانب الإيراني وضعفه في المعادلة الدولية , دون التطرق الى الأعداد والحسابات المادية والعسكرية لكلا الطرفين .
كما أن دول الخليج إذا ما استمرالإستقواء و التدخل الإيراني في شؤونها فانها ستقف في الجانب الآخر ان لم تكن محور المعركة ضد إيران , وأيضا اذا ما استمرت القوى الحليفة لإيران بتدريب العناصر المعادية لتركيا فإن تركيا ستقف إلى جانب الغرب في مواجهة إيران , وكما أن افغانستان التي ذاقت وعانت من المشاركة الفاعلة من الجانب الإيراني لإسقاط حركة طالبان - وهذا ما عبر عنه كبارالقادة في المجتمع الإيراني - والتي لا زالت تحت وطأة الإحتلال الأمريكي والغربي , إن لم تقف على الحياد ايضا فإنها ستكون أرض انطلاق لضرب إيران , و مثلها باكستان التي تعاني من الوضع الاقتصادي وتسمح بالتدخل الامريكي العسكري حتى على الأراضيها وخاصة بعد تصريحات الباكستانيين بأن حزب الله وحماس منظمتين ارهابيتين , وهذا ما يجعل الجبهات الخارجية من مختلف الجهات تسير في غير مصلحة إيران , كما أن الوضع الشعبي التركي والإصلاحيين الإيرانيين والعرب والبلوش والأذر من الداخل الإيراني فهم في حالة عدائية للمحافظين القائمين على الحكم والمتهمين بسرقة الإنتخابات الرئاسية الاخيرة .

و يبقى أن نتناول مكان وتوقيت المعركة وعلى الأغلب أن يكون التوقيت مرتبط بحماية الوجود الغربي في الخليج العربي من جهة , والإنتهاء من الحالة السورية من جهة أخرى, إضافة لتوفير المال لخوض المعركة , وتقلبات الطقس في كل من اوروبا والمنطقة , وفي حال الإبقاء على المواقف المتشددة للطرفين فإننا سنشاهد عاما تفوح منه رائحة القتل والمعارك التي تجري رحاها على الأرض الإيرانية والخليج العربي وقد تتسع شمالا الى تركيا والشام وتمتد جنوبا الى اليمن وشرقا الى افغانستان وباكستان وغربا الى البحر المتوسط .
إلا أن عدم انتهاء الحالة السورية واحتمالية استمراريتها يمكن أن يغير مسار المعركة باتجاه سوريا , وخاصة بعد فشل الجامعة العربية التي لا يتوقع نجاحها في الوصول الى حلول مقنعة كذلك مجلس الأمن , ولكن إذا ما تمت المواجهة على الأرض السورية فكيف ستتصرف إيران ؟ وهل ستخوض حربا دفاعا عنها ؟ ام انها ستقدم بعض اوراق القوة لديها للجانب الغربي ؟ وأين ستكون ضربتها الدفاعية ؟ اضافة الى تساؤل مفتوح هل يمكن لايران ان تخوض حربا استباقية وتضرب الضربة الهجومية الأولى ؟.


ثانيا – المعركة بين السنة العرب وبين ايران الفرس واحلافهم من الشيعة والسنة " الحرب البديلة "
منذ أن دخل الأمريكان على المنطقة بعد ضربة 11 أيلول وبالتحديد إلى أفغانستان والعراق وهم يتراجعون من النواحي العسكرية والإقتصادية والأمنية ويفقدون من هيبتهم السياسية , وفي نفس الوقت يزداد الرفض في المنطقة للوجود الأمريكي الذي يظهرعلى شكل ثورات وحركات جهادية مسلحة لطردهم وعملائهم من الأنظمة الحاكمة والقادة , واصبحت دائرة المعركة تتسع على الأمريكان من الصومال إلى المغرب العربي ومن أفغانستان وباكستان إلى سوريا والخليج العربي , معركة في الواقع العملي العسكري وفي عالم الشعور في البعد النفسي , ومنذ ذلك الحين والامريكان يحاولون ليلا نهارا من أجل تخفيف الأضرار المستقبلية لهذه المعركة من خلال الاعلام والعمل بوسائل بديلة عن خوض المعركة العسكرية المباشرة لانعكاساتها الخطيرة على الداخل الأمريكي في جميع المجالات , ولتضارب المصالح الغربية , ولصعود قوى كبيرة في المنطقة متمثلة بالجماهير العربية التي تسعى للحرية , وايران التي تسعى لبسط نفوذها على المنطقة , وتركيا التي تبحث عن موطئ قدم لها في الوسط العربي , ولمحاولة الشرق ممثلا بالإتحاد السوفياتي أن يستعيد شيئا من هيبته التي فقدها عبر العقود الأخيرة , والصين التي تترقب التغيرات لتمارس دورا مستقبليا قريبا .
الغرب بمجمله حاول في القضية الصومالية أن يدفع بأثيوبيا حتى تخوض معركتها ضد حركة الشباب المجاهدين الصومالية , وعين شريف وبعض وزراء التنظيمات الاسلامية – الصوفية والاخوان - لاستكمال مواجهة الشباب المجاهد , وأستخدم الناتو من أجل احتواء القضية الليبية , واليونيفيل في الجنوب اللبناني ليشكل حاجزا دون العدو الإسرائيلي , وخرج من العراق وسلمها بالكامل لعملاء إيران وشكل الصحوات بالتواطئ مع بعض التنظيمات والدول من أجل احتواء اي تمدد للقاعدة أو العمل الجهادي العالمي الذي ركع الامريكان في المنطقة , ويقدم ايضا دورا أكبر لتركيا كقوة اقليمية من أجل تجنبه خوض معركة على الأرض السورية لا تعرف نتائجها وأبعادها.
وتراجع الغرب في مجلس الأمن لصالح الصين والروس في موضوع الفيتو المتعلق بالقضية السورية, كما أن حجم المخاطر الاقتصادية التي تكشفت بحجم الدين والنهيار الاوروبي والامريكي والخروج من حالة العجز بالاستدانة للعام 2011 بما يزيد عن 2 تريليون ليصل الدين الأمريكي لأكثر من 15 تريليون كل هذا يدفع بالولايات المتحدة للبحث عن بدائل للمعركة المباشرة , كل هذا يدفع للتساؤل الواقعي , هل ستخوض الولايات المتحدة حربها القادمة بنفسها ام بواسطة الأطراف وألاحلاف وعلى أي أساس ؟
تبرز بوادر المعركة البديلة بشكل جلي في كل من لبنان والبحرين واليمن , وتظهر مشاعر طائفية تتأجج زاد من حدتها ما يجري في سوريا من قتل جماعي لأهل السنة على يد الجيش السوري العلوي وعصابات الاسد النصيرية, إضافة الى ما جرى في العراق في السنوات العشر الأخيرة , كما ان دخول تركيا على خط اللعبة السورية لصالح طرف من اطراف السنة والانعكاس المباشر لهذا التدخل على الارض التركية من رفع لوتيرة العمليات الكردية بتوجيهات سورية بالتعاون مع حزب الله وايران يظهر مدى الاحتقان السياسي و الاحتقان العقائدي والجاهزية النفسية لخوض المعارك البديلة اعلاميا مع التعبئة المستمرة لاحتمالات خوض الحرب العسكرية جزئيا ثم شموليا .
كما تظهر الخطة الخمسينية للايرانيين حجم الاهداف التوسعية التي ترتبط بالمنطقة من خلال تصدير الثورة وصرف المال والربط التنظيمي والتدريب العسكري والاختراق الامني للواقع العربي , إضافة الى الخطة المعدة لاحتلال شرق الخليج العربي مرورا بالبصرة والسيطرة على منابع النفط في جزيرة العرب , كما أن التصريحات المستمرة عن الخليج العربي أنه فارسي وأن الايرانيين جاهزين لإغلاقه وهم يستعرضون بقطعهم البحرية العسكرية فيه حتى وصل الامر إلى التحرش بالقطع البحرية الامريكية في عملية استعراض للقوى وكذلك في زيارة انجاد للجزر الايرانية , كما أن التدخلات الأمنية في الدول العربية كما جرى في مصر قبل وبعد زوال مبارك وكذلك في المغرب العربي وتصريحاتهم أن العراق وجنوبه وكذلك الجنوب اللبناني جزءا من ايران , واستخدام القوى الفلسطينية حماس والجهاد لخدمة المصالح الايرانية طيلة عقدين من الزمان , كل هذا يوحي بالعدائية المباشرة للنظام العربي ودوله وأنظمته وحتى بالفترة الأخيرة لشعوبه الثائرة الا بما يخدم المصالح الايرانية .
وحتى هذه اللحظة لم تظهر قادة الأنظمة العربية أي ردة فعل معتبرة تجاه ما تفعله ايران في المنطقة , لأنهم اعتادوا عقليا وماديا الاعتماد على الغير الغربي , ولم يظهروا في الفترات السابقة أن لهم اي قوة عسكرية الا على المستوى الداخلي لمواجهة شعوبهم , حتى ان النظام العربي لم يجر أي تدريبات مشتركة لجيوشه المتكلسه المتكرشة , في حين ان ايران تجري العديد من المناورات لكل قطاعات جيشها في كل عام , كما لم يظهر الجانب العربي سعيا للتوحد معا في برامجه المختلفة الا بما يخص الشعوب العربية وقمعها ومتابعة مجاهديها وقتلهم او سجنهم وتجفيف مواردهم , في حين تظهر ايران انها تتبنى المقاومة وتدعم المقاومين وتدربهم في كل مكان وإن كان كل ذلك خدمة لمصالحها التوسعية , كما لم تظهر الدول العربية الا التنازلات تلو الاخرى للعدو الاسرائيلي وترجوه أن يحل القضية الفلسطينية حلا عادلا على اساس المبادرة العربية التي لم تبق على شيئ للشعب الفلسطيني, في حين تظهر ايران داعمة للمواجهة مع الاسرائيلين وخاضت من الناحية الفعلية بواسطة اذرعها حربين كبيرتين, وان لم تؤديان الى تحرير او تغيير - بل على العكس زيادة في التهام الارض الفلسطينية وخصوصا القدس واشغالا للواقع العربي واضعافه من الناحية السياسية وزيادة تفككه - ولكنها تصنع صورة في العقل العربي العامي أنها تحارب الغرب واذرعه في المنطقة , وتستخدم اذرعها على الاقل كاوراق ضغط على المحيط العربي وعلى الخارج الغربي , في حين ان النظام العربي لا يستطيع أن يستخدم اوراق ضغطه لانتزاع اي من القرارات المتعلقة بمصالحة , ويظهر الايرانيون واحلافهم انهم اكثر استعدادا للدفاع عن بعضهم بعضا كما يظهر في سوريا , في حين لا تظهر الدول العربية استعدادا للاستقواء ببعضها او توحدها كما يجري في حالة توحد الاردن والخليج العربي, او كما جرى ويجري في السودان عندما شارك العرب في تقسيمه والتآمر عليه في العقود السابقة حتى وصل الامر الى تسليح جون قرنق في مواجهة النظام السوداني , او كما حصل من تشارك النظام العربي والايرانيين في اسقاط نظام صدام حسين الذي كان يشكل حالة توازن ودفاع عن البوابة الشرقية للأمة العربية .
وبالعودة الى تاريخية الصراع بين السنة والشيعة ( بالخصوص ايران الفارسية ) الذي يذكيه الغرب من جهة والفرس الايرانيون من جهة أخرى , فقد بدأت بعد مقتل الخليفة الراشدي عثمان بن عفان رضي الله عنه واتهام اتباع الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه من قبل الخليفة الاموي معاوية بن ابي سفيان بمقتله, وما لحق ذلك من صراعات دموية في عهد الخليفة الاموي يزيد بن معاوية في كربلاء , وما نتج عن ذلك من أحكام متعلقة بالخلافة الراشدية واختلاف النظرة حول أولوية الخلافة بعد الرسول هل هي لعلي رضي الله عنه أم هي لأبي بكر وعمر وعثمان , وما تبع ذلك من التناقضات السياسية وربطها باحكام فقهية , ولي أعناق النصوص لتتوافق مع الحالة السياسية لخدمة المذهب الشيعي ردا على الاجراءات القمعية التي عايشوها في بداية العصر الاموي, مما أدى الى اتساع الهوة بين الفئتين واطلاق أحكام التكفير من كل جهة باتجاه الاخرى ,فالذين رفضوا خلافة أبي بكر سموا رافضة , والذين عادوا عليا والحسن رضي الله عنهما سموا نواصبا , وأصبحت أراء السياسين بمستوى أراء واجتهادات الفقهاء بالتعامل مع الصراع , وبني على ارائهم - باعتبارها مسلمات - فقها تشتق منه الأحكام , وبالتالي تداخل الفقه بالسياسة وأصبحت السياسة دينا ومرجعا وخاصة لدى الشيعة الذين يرون القرآن محرفا بل أن ثمة قرآنا آخر لديهم , ويقولون بعصة الأئمة الاثني عشر , ويكفرون بعض الصحابة ويلعنونهم على المنابر ويتهمون السيدة عائشة ام المؤمنين بحادثة الإفك بل إن بعضهم يكفرونها .
واتسعت قاعدة الصراعات بعد قدوم اسماعيل الصفوي الى سدة الحكم في ايران والذي تولى السلطة عام 1501 عن عمر 14 عاما وخاض معارك في ايران حتى استولى على تبريز واعلنها عاصمة للدولة الصفوية ليشكل فاصلا بين التركستان في الشرق والدولة العثمانية في الغرب ولم تحسم المعركة بين الصفويين والعثمانيين الا في عام 1514 في معركة جالديران ومن ثم دخول الاتراك الى تبريز في شهر تموز من العام نفسه , الا ان المؤامرات ونقض العهود والتعاون مع الغرب كما حدث من اتصالات مع ملك المجر والسماح للاسطول البرتغالي بالالتفاف على الدولة العثمانية من الخلف ولم تهدأ محاولاتهم لاضعاف الدولة العثمانية على مدار عقود وكلما شعروا بانفسهم قوة حاولوا الانقضاض على بغداد وعلى المناطق الشرقية من تركيا مساعدين بذلك الغرب في اشغال الدولة العثمانية عن تقدمها بالفتوحات تجاه اوروبا لترتد الى الداخل لقمع عمليات القتل والفوضى التي يثيرها الصفيون حتى دب الضعف في الدولة العثمانية وبدأت تتآكل من جميع الجهات لصالح الغرب بريطانيا وفرنسا والشرق روسيا وايران حتى وصل الامر في العصر الحديث الى تحالف الايرانيين مع الارمن المسيحيين في مواجهة الاذر المسلمين .
ومنذ قدوم الخميني على الطائرة الفرنسية في الثمانين من القرن الماضي ولا زالت الحرب دائرة على العرب واهل السنة في العراق اولا وفي لبنان واليمن والبحرين وفي افغانستان وفي كل مكان استخدمت ايران الفارسية اهل المذهب الشيعي العرب في المنطقة دعمتهم بالمال والسلاح والتدريب لمواجهة اهل السنة ولا زالت تعمل على اضعاف البنية الداخلية للامة العربية المسلمة وتتعاون مع الغرب من اجل تقسيم المنطقة جغرافيا واقتصاديا وسياسيا وتتلبس لباس المقاومة والممانعة التي اثبتت الثورة السورية على مدار اكثر من عام كذب هذه الادعاءات واثبتت ان مشروع المقاومة ما هو الى مشروع طائفي يحمل تصورات خفية للقضاء على وجود السنة بالتوافق والشراكة مع الغرب .
وكما كانت الحروب العثمانية الايرانية الفارسية الاثر الكبير في انهاك الدولة العثمانية وضعف صمودها امام المد الاوروبي وبالتالي انحسار المد الاسلامي عن اوروبا وتراجعه ومن ثم انهاء وتقسيم الدولة العثمانية ,فان للحروب التي يخوضها العالم العربي اليوم منذ ثلاث عقود مع ايران الحالية في الداخل والخارج اثارا واسعة في اشغال العرب وضعفهم وانقسامهم وتقسيم اراضيهم وانقضاض الامم عليهم من كل حدب وصوب واذا ما تنبه العرب الى ما يجري حولهم ولم يبادروا لاتخاذ قرارات جريئة تتعلق بواقعهم الداخلي لا ووحدة موقفهم والعمل بالمثل مع من يبادلونهم القتل والعداء من المشاريع المتكالبة عليهم فسيصيبهم ما اصاب الاقوام التي سبقتهم من الدمار والضعف والاحتلال والابادة وما يجري في العراق وسوريا عنهم ببعيد .
هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع