القائمة الرئيسية

الصفحات

وثائق ومنهج التدمير...تفتيت الوطن العربي هدف صهيوني ـ أمريكي بامتياز؟؟؟


وثائق ومنهج التدمير...تفتيت الوطن العربي هدف صهيوني ـ أمريكي بامتياز؟؟؟

لعل السؤال يراود الكثيرون في هذا اللحظات،
هل ما يجري في الوطن العربي الآن محض صدفة بحتة ؟،
أم أنه في أحد جوانبه نتاج فعل منظم من جهات لا تريد خيرا للوطن العربي ؟
وهو من ثم منفصل عن شرط توفر الشرط الموضوعي الداخلي حيث يجري التدخل ؟
ليس صدفة ..
وأي قراءة لجملة المعطيات والوثائق التي تم الكشف عن بعضها، و ربطها بوثائق سبق نشرها من قبل جهات صهيونية ، نستطيع القول أنه إذا كان ما يجري ليس صدفة ، بسبب قانون التراكم أولا، فإنه من جانب آخر يمثل محلا لعبث خارجي مدروس ، باعتباره أحد وجهي الصورة فقط .
ومع أن المقاربة الموضوعية تقول أنه من غير العلمي أن نتسرع فنرجع كل أسباب هذه الفوضى إلى العامل الخارجي فقط ، دون أن نلتفت إلى أنفسنا ، لندرك أن فقدان العامل الداخلي للحصانة الوطنية بمعناها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي هو الذي شكل القنطرة التي مر عليها فعل العامل الخارجي ومكناه من أن يفعل فعله.
وذلك لا ينفي بالطبع أن تدخل العامل الخارجي هو نتاج عمل مخطط له ومنذ زمن لإنجاز أهداف محددة ، تستهدف النيل من الأمة العربية ، وكي نفهم ما يجري هذه الأيام ، لا بأس من العودة إلى الوراء وأن نستحضر مفردة " الفوضى الخلاقة " التي أطلقتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندا ليزا رايس خلال فترة رئاسة بوش الابن الذي أعلن الحرب المقدسة على العراق، وأيضا محاضرة وزير الأمن الداخلي الصهيوني السابق (آفي ديختر) في شهر التمور / أكتوبر ، 2008 ، التي كانت بعنوان "أبعاد الحركة الإستراتيجية الإسرائيلية القادمة في البيئة الإقليمية" التي ركَّزت على ثلاثة خيارات أساسية للحركة الإستراتيجية الصهيونية في البيئة الإقليمية تتمثل في - :
● استخدام القوة العسكرية لحسم التحديات الصعبة والخطيرة التي يتعذر حسمها بالوسائل الأخرى الدبلوماسية .خلق الفوضى وإثارة الصراعات واستخدام قوى داخلية وتوظيفها لتؤدي المهمة بدلاً من التدخل المباشر.
● التوظيف لجماعات إثنية وطائفية أو قوى معارضة لديها الاستعداد مقابل دعم تطلعاتها للوصول إلى السلطة.
● العودة إلى إقامة أو تجديد تحالفات إسرائيل مع دول الجوار على غرار حلف المحيط الذي شكله (ديفيد بن جوريون) في منتصف الخمسينات مع تركيا وإيران وإثيوبيا في نطاق استراتيجية شد الأطراف أي شل قدرات دول مثل العراق وسوريا والسودان حتى لا تستخدم في المواجهة مع إسرائيل".
ثم تحذير وزيرة الخارجية الأمريكية الحالية هيلاري كلينتون يوم الخميس (13 يناير) خلال افتتاح منتدى المستقبل في قطر الذي يضم ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني والحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من "إن دول الشرق الأوسط تحتاج للإصلاح المؤسسات الفاسدة وإنعاش النظام السياسي الراكد وإلا فإنها معرضة لخطر الهزيمة في مواجهة التشدد الإسلامي".
وقالت كلينتون في كلمة شديدة الصراحة بشكل غير معتاد أمام حضور يشمل ممثلين لدول تعتبر من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة منها السعودية ومصر "كل بلد بالطبع أمامه التحديات الخاصة به وإنجازاته. لكن في أماكن كثيرة للغاية وبطرق كثيرة للغاية تغرق مؤسسات المنطقة في الرمال." وأضافت أن رحلتها كشفت الكثير من مؤشرات الأمل في وجود "شرق أوسط جديد وخلاق".
وإذا ما ربطنا كل ذلك بحديث رئيس جهاز الأمن السابق في الكيان الصهيوني عن دفع العشرات ممن أعضائه في دول المغرب العربي.
وإذا ما ربطنا هذا "الشرق الأوسط الجديد الخلاق" باعتراف الجنرال "عاموس بادلين" الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان": بأن جهازه نشر شبكات وخلايا تجسسية كثيرة في العالم العربي ولإفريقيا ومن بينها ليبيا.
عندما قال في تصريحات له خلال تسليم مهامه إلى خلفه " افيف كوخفي " في حضور عدد من المراسلين الحربيين الإسرائيليين خلال الأسبوع الثالث من شهر التمور/أكتوبر 2010 :" لقد نجحنا خلال أربع سنوات في الوصول إلى شمال إفريقيا حيث تقدمنا إلى الأمام وذلك من خلال نشر شبكات الجواسيس في ليبيا وتونس والمغرب ، وتركز نشاط هذه الشبكات على مكونات ومقومات هذه البلدان. وأضاف "عاموس" لقد أصبحت هذه الشبكات تضع كل ما نريد تحت أيدينا وهي قادرة على التأثير السلبي في مجمل أوضاع ليبيا وتونس والمغرب .. مشيرا إلى أن ذلك يعد إنجازا كبيرا بعد إنجازات العراق واليمن والسودان بالإضافة إلى الإنجازات المنتظرة في القريب في لبنان".
فإننا نكون أمام أمر عمليات أمريكي ـ صهيوني ، مع أدوات داخلية للبدء في تلك الفوضى عبر استغلال لحظة الاحتقان الداخلي في بعض الدول العربية نتيجة انسداد الأفق أمام الجماهير الشعبية وخاصة قطاع الشباب وفي تفشي الفساد والبطالة وغياب العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين مجموع المواطنين .
استحضار التاريخ
ومن ثم إذا ما أعدنا قراءة ما يجري عبر تفكيك أمر العمليات بالهجوم على الوطن العربي ، فإنه يصبح من الضروري استحضار الوثيقة الصهيونية التي سبق أن نشرتها مجلة كيفونيم التي تصدرها المنظمة الصهيونية عام 1982 تحت عنوان " استراتيجية إسرائيلية للثمانينات " لنجد أن كل ما جري ويجري في الوطن العربي ليس صدفة بصرف النظر عن نوايا الأطراف الداخلية .
لأن ما يجري على الأقل الآن قد تم بحذافيره وفق ما خططت له الوثيقة ، عبر أدوات صهيونية ودور أمريكي، غير أن ذلك يجب أن لا ينسينا أن ذلك هو فعل ممتد في التاريخ ، وجري وفق رؤية استعمارية استهدفت ولا تزال تفتيت الوطن العربي ، وتلك الرؤية يمكن القول أنها بدأت منذ عشرات العقود واستمرت قائمة حتى الآن ،مثال ذلك معاهدة لندن 1840 التي استهدفت سلخ مصر عن الأمة العربية فسمحت لمحمد على وأسرته بحكم مصر فقط ، وحرمت عليه أي نشاط خارجها .
ثم اتفاقية سايكس بيكو 1916 التي قسمت الوطن العربي ، وهو التقسيم الذي لا نزال نعيش تداعياته حتى الآن ،والذي جعلنا مجموعة من العاجزين ، المحبوسين داخل حدودا مصطنعة.
تلي ذلك وعد بلفور 1917 الذي كان المقدمة التي أدت إلى اغتصاب فلسطين فيما بعد .
وأتى صك الانتداب البريطاني على فلسطين، في 29 الفاتح/سبتمبر 1922، لمثل ترجمة لذلك الوعد ، عندما اعترف في مادته الرابعة بالوكالة اليهودية من أجل إنشاء وطن قومي لليهود . فأعطوا بذلك الضوء الأخضر للهجرة اليهودية الى فلسطين. وعندما قوى شأن قطعان المستجلبين من الصهاينة في فلسطين، أصدرت الأمم المتحدة ، قرارا بتقسيم فلسطين في 29 الحرث/نوفمبر 1947 ، وهو القرار الذي أعطى مشروعية للاغتصاب الصهيوني وأنشئ بموجبه الكيان الصهيوني.

خطة التفتيت
تبدأ الوثيقة تبدأ بنظرة عامة على العالم العربي والإسلامي ، وهي تستخدم مفهوم "العالم" دون مفهوم " الوطن" لتكريس معنى الاختلاف وغياب النسيج المجتمعي الواحد في محاولة متعمدة لنفي أن هذا النسيج صهرته الثقافة العربية الإسلامية في وطن واحد ، وأمة واحدة وبالطبع بعيدا عن مفهوم العرق.
وهي لذلك تعمدت لوي عنق الواقع عندما قالت لقد " قسم هذا العالم إلى 19 دولة كلها تتكون من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة ، والتي تعادى كل منهما الأخرى وعليه فإن كل دولة عربية إسلامية معرضة اليوم لخطر التفتت العرقي والاجتماعي في الداخل إلى حد الحرب الداخلية كما هو الحال في بعض هذه الدول ".
ويبدو واضحا أن ذلك ليس تشخيصا وحسب ، وإنما هي خطة عمل صهيونية ذات بعدين أولها صهيوني ـ إمبريالي ، وثانيها سعي لاستهداف بعض الحلقات الهشة في مكونات الوطن العربي . خاصة وأن الوثيقة تستهين بمناعة الأمة العربية ، ولذلك فهي تعتبرها " بناء مصطنع كبرج الورق ، لا يمكنه التصدي للمشكلات الخطيرة التي تواجهه".
والوثيقة وهي تخطط للمشروع الصهيوني التفتيتي تحاول الاتكاء
على قوة العامل الاقتصادي كأحد مفاتيح التغيير المخطط له ، عندما تقول في هذا " العالم ( الوطن العربي )الضخم والمشتت ، توجد جماعات قليلة من واسعي الثراء وجماهير غفيرة من الفقراء. إن معظم العرب متوسط دخلهم السنوي حوالي 300 دولار في العام" .
وكما تقول الوثيقة فإن هذه الحالة في الوقت الذي " تشكل بالنسبة لإسرائيل تحديات ومشكلات وأخطار ، ولكنها تشكل أيضا فرصا عظيمة" ، وتعني الفرصة هنا، أن واقع التشتت وغياب الوحدة والتفاوت في الثروة يشكل حالة مثالية للتآمر والعبث الصهيوني في الدول العربية عبر أدوات داخلية.
وتتناول الوثيقة الدول العربية من خلال إسقاط مفاهيمها ورؤيتها في إطار مخططها وبشكل تعسفي على هذه الدولة أو تلك باعتباره جوهر الحقيقة ، ففي رؤيتها لمصر تقول الوثيقة "في مصر توجد أغلبية سنية مسلمة مقابل أقلية كبيرة من المسيحيين الذين يشكلون الأغلبية في مصر العليا ، حوالي 8 مليون نسمة"، وتستشهد هنا بأن السادات كان " قد أعرب في خطابه في شهر الماء ( مايو ) من عام 1980 عن خشيته من أن تطالب هذه الأقلية بقيام دولتها الخاصة أي دولة لبنانية مسيحية جديدة في مصر.
الوثيقة الصهيونية تشير هنا بشكل لا لبس فيه إلى هدف صهيوني بتقسيم مصر على أساس ديني ثم جغرافي ، بالقول "أن أغلبية المصريين ممن يدينون بالمسحية يتواجدون في مصر العليا " ، وهي هنا دعوة غير مباشرة لقسمة مستقبلية في مصر على أساس ديني يتوفر لها عامل الإقليم ، وهي من جانب آخر تستهدف العملة على خلق شرخ في الوعي الجمعي المصري يمكن أن تتسرب منه دعوات الانفصال ، بخشية كان أبداها السادات من مطالبة المصريين الأقباط بدولة خاصة بهم .
وتستمر الوثيقة في تشخيص الواقع المصري فتقول " الملايين من السكان على حافة الجوع نصفهم يعانون من البطالة وقلة السكن في ظروف تعد أعلى نسبة تكدس سكاني في العالم ". هذا التوصيف يعني أن هناك إمكانية لنجاح المخطط الصهيوني في مصر على ضوء حالة التردي التي ترسمها الوثيقة لمصر .
خاصة وأن "الدولة ( كما تقول الوثيقة ) في حالة دائمة من الإفلاس دون المساعدات الخارجية الأمريكية التي خصصت لها بعد اتفاقية السلام ".
ثم ترسم سيناريو مستقبلي للتعامل مع مصر يقول " إن استعادة شبه جزيرة سيناء بما تحتويه من موارد طبيعية ومن احتياطية يجب إذن أن يكون هدفا أساسيا من الدرجة الأولى اليوم…. إن المصريين لن يلتزموا باتفاقية السلام بعد إعادة سيناء ، وسوف يفعلون كل ما في وسعهم لكي يعودوا إلى أحضان العالم العربي ، وسوف نضطر إلى العمل لإعادة الأوضاع في سيناء إلى ما كانت عليه ".
وتدعي الوثيقة "أن مصر لا تشكل خطرا عسكريا استراتيجيا على المدى البعيد بسبب تفككها الداخلي ، ومن الممكن إعادتها إلى الوضع الذي كانت عليه بعد حرب يونيو 1967 مسيحي بطرق عديدة ". هنا يبرز سؤال الطرق الصهيونية العديدة التي ستقوم بها الدولة العبرية ، وخاصة الآن ،في ظل الظروف التي تمر بها مصر بعد أن انكشف الدور الصهيوني والأمريكي وبعض أدواتهما في المنطقة الذي بات يتدخل في الشأن الداخلي المصري عبر العمل على صياغة نظام سياسي يستجيب والشروط الإسرائيلية ـ الأمريكية.
7- ثم تحاول الوثيقة التقليل من دور مصر العربي بالقول إن أسطورة مصر القوية والزعيمة للدول العربية قد تبددت في عام 1956 وتأكد زوالها في عام 1967 ".ومع ذلك فإن الوثيقة لا تترك ذلك للعامل الداخلي وتفاعلاته ، وإنما تؤكد العمل على تحقيق هذا الهدف الأساسي للحركة الصهيونية وحاضنتها الأمريكية "إن تفتيت مصر إلى أقاليم جغرافية منفصلة هو هدف إسرائيل السياسي في الثمانينات على جبهتها الغربية ". ولعل مؤشرات ذلك كانت واضحة خلال السنوات والأشهر الماضية عبر ضرب وحدة النسيج المجتمعي المصري من المدخل الديني من خلال استهداف الأقباط من أجل جعل إمكانية العيش المشترك شبه مستحيلة ، الأمر الذي يسمح بدخول العامل الخارجي بشكل أكثر وقاحة وفجاجة .
وهذا الهدف الصهيوني ـ الأمريكي يعود إلى "أن مصر المفككة والمقسمة إلى عناصر سيادية متعددة ، على عكس ما هي عليه الآن ، سوف لا تشكل أي تهديد لإسرائيل بل ستكون ضمانا للزمن والسلام لفترة طويلة ، وهذا الأمر هو اليوم متناول أيدينا ".
هذا الاستهداف لمصر يعود إلى التداعيات التي يمكن أن يتركها تفكيك مصر على المنطقة العربية وكما تدعي الوثيقة فإن "دول مثل ليبيا والسودان والدول الأبعد منها سوف لا يكون لها وجود بصورتها الحالية ، بل ستنضم إلى حالة التفكك والسقوط التي ستتعرض لها مصر " ، وتتابع الوثيقة ".فإذا ما تفككت مصر فستتفكك سائر الدول الأخرى ".
ثم تذهب الوثيقة إلى الهدف الأساسي في مصر وهو "أن فكرة إنشاء دولة قبطية مسيحية في مصر العليا إلى جانب عدد من الدويلات الضعيفة التي تتمتع بالسيادة الإقليمية في مصر ـ بعكس السلطة والسيادة المركزية الموجودة اليوم ـ هي وسيلتنا لإحداث هذا التطور التاريخي". إذن هذا هو جوهر المشروع الصهيوني الأمريكي في الوطن العربي.
وهذا يجعلنا نعيد قراءة ما يجري في مصر على ضوء هذه المعطيات ، كي نفهم أبعاد ما يجري في مصر الآن ، ارتباطا بالتدخل الخارجي غير المسبوق والذي كشف عن بعض جوانبه الجنرال "عاموس بادلين" الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان": الذي أوضح" أن العمل (في مصر ) تطور حسب الخطط المرسومة منذ العام 1979 .. حيث أحدثت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية العديد من الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية في أكثر من موقع ونجحت في تصعيد التوتر والاحتقان الطائفي والاجتماعي داخل مصر من أجل خلق بيئة متصارعة متوترة دائما ومنقسمة إلى أكثر من شطر لتعميق الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية". ويبقى السؤال قائما ، بل وحارقا كيف سمحنا بذلك ؟!
السودان مثال آخر
وبعد مصر تذهب الوثيقة إلى السودان حيث تعتبر أن " السودان أكثر دول العالم العربي الإسلامي تفككا فإنها تتكون من أربع مجموعات سكانية كل منها غريبة عن الأخرى ، فمن أقلية عربية مسلمة سنية تسيطر على أغلبية غير عربية إفريقية إلى وثنيين إلى مسيحيين". ووفقا لهذا التشخيص كان للكيان الصهيوني والولايات المتحدة دورا أساسيا في العبث بوحدة السودان وإشعال الحروب بين بعض أقاليمه والحكومة المركزية التي نستطيع القول أنها ارتكبت أخطاء استراتيجية ،مكنت العامل الخارجي من أن يجد له مكانا في المعادلة السودانية الداخلية .
وفي ترجمة تلك الخطة التي جاءت في الوثيقة، كشف وزير الأمن الصهيوني السابق ديختر في أحد محاضراته عام 2008" أن صانعي القرار بإسرائيل كانوا قد وضعوا خطة للتدخل في دارفور عبر الذراع الأمريكي" وقال "كنا سنواجه مصاعب في الوصول إلى دارفور لممارسة أدوارنا المتعددة بمنأى عن الدعم الأمريكي والأوروبي" مبيناً "أن تدخلهم في دارفور حتمي وضروري، حتى لا يجد السودان المناخ والوقت لتركيز جهوده باتجاه تعظيم قدراته لصالح القوة العربية".
وقال ديختر " السودان بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه كان من الممكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لدول عربية رئيسة مثل مصر والعراق والسعودية، لكن السودان ونتيجة لأزمات داخلية بنيوية تمثلت في صراعات وحروب أهلية في الجنوب استغرقت ثلاثة عقود ثم الصراع الحالي في دارفور ناهيك عن الصراعات حتى داخل المركز الخرطوم ، تلك الصراعات تحولت إلى أزمات مزمنة وفوتت الفرصة على تحوله إلى دولة إقليمية مؤثرة تؤثر في البنية الإفريقية والعربية."
وكما يقول ديختر "كانت هناك تقديرات حتى مع بداية استقلال السودان أنه لا يجب أن يسمح لهذا البلد رغم بعده عن إسرائيل أن يصبح قوة مضافة إلى قوة العالم العربي لأن موارده إن استثمرت في ظل أوضاع مستقرة ستجعل منه قوة يحسب لها ألف حساب" . وأضاف : " وفي ضوء هذه التقديرات كان على إسرائيل أو الجهات ذات العلاقة أو الاختصاص أن تتجه إلى هذه الساحة وتعمل على مفاقمة الأزمات وإنتاج أزمات جديدة حتى يكون حاصل هذه الأزمات معضلة يصعب معالجتها فيما بعد ".
وكون "السودان يشكل عمقاً استراتيجياً لمصر ، هذا المعطى تجسد بعد حرب الأيام الستة 1967م عندما تحوَّل السودان إلى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصري وللقوات البرية إضافةً إلى ليبيا، مشيراً إلى أن السودان أرسل قوات إلى منطقة القناة أثناء حرب الاستنزاف التي شنتها مصر منذ عام 1968 – 1970م ." وقال " كان لابد من العمل على إضعاف السودان وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة رغم أنها تعج بالتعددية الإثنية والطائفية ، لأن هذا من المنظور الإستراتيجي الإسرائيلي ضرورة من ضرورات دعم وتعظيم الأمن القومي الإسرائيلي".
وهذا المنظور الاستراتيجي ليس وليد اللحظة وإنما سبق أن عبرت عنه " رئيسة الوزراء (جولدا مائير) عندما كانت تتولى وزارة الخارجية وكذلك ملف إفريقيا عام 1967 "عندما قالت: " إن إضعاف الدول العربية الرئيسية واستنزاف طاقاتها وقدراتها واجب وضرورة من أجل تعظيم قوتنا وإعلاء عناصر المنعة لدينا في إطار المواجهة مع أعداءنا ، وهذا يحتم علينا استخدام الحديد والنار تارةً والدبلوماسية ووسائل الحرب الخفية تارةً أخرى" .
هذه الرؤية الصهيونية تم بلورتها لاحقا بامتياز في وثيقة " مجلة كيفونيم "وكشفت ديختر عن " أن إسرائيل وعلى خلفية بعدها الجغرافي عن العراق والسودان مضطرة لاستخدام وسائل أخرى لتقويض أوضاعهما من الداخل لوجود الفجوات والثغرات في البنية الاجتماعية والسكانية فيهما ."
وأورد (ديختر) بعض المعطيات عن وقائع الدور الإسرائيلي في إشعال الصراع في جنوب السودان انطلاقاً من مرتكزات قد أقيمت في إثيوبيا وفي أوغندا وكينيا والكنغو الديمقراطية (زائير سابقاً) ، مشيراً إلى أن جميع رؤساء الحكومات في إسرائيل من بن جوريون وليفي أشكول وجولدا مائير واسحاق رابين ومناحيم بيغن ثم شامير وشارون وأولمرت تبنوا الخط الإسرائيلي في التعاطي مع السودان بالتركيز على تفجير بؤرة أزمات مزمنة ومستعصية في الجنوب وفي أعقاب ذلك قي دارفور . هذا الخط الإستراتيجي كانت له نتائج ولا تزال أعاقت وأحبطت الجهود لإقامة دولة سودانية قوية عسكرياً واقتصادياً قادرة على أن تتبوأ موقع الصدارة في البيئتين العربية والإفريقية ".
هذه الرؤية الصهيونية تم بلورتها لاحقا بامتياز في وثيقة “ مجلة كيفونيم “وكشف وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي ديختر عن “ أن إسرائيل وعلى خلفية بعدها الجغرافي عن العراق والسودان مضطرة لاستخدام وسائل أخرى لتقويض أوضاعهما من الداخل لوجود الفجوات والثغرات في البنية الاجتماعية والسكانية فيهما .” وأورد (ديختر) بعض المعطيات عن وقائع الدور الإسرائيلي في إشعال الصراع في جنوب السودان انطلاقاً من مرتكزات قد أقيمت في إثيوبيا وفي أوغندا وكينيا والكونغو الديمقراطية (زائير سابقاً) ، مشيراً إلى أن جميع رؤساء الحكومات في إسرائيل من بن جوريون وليفي أشكول وجولدا مائير واسحاق رابين ومناحيم بيغن ثم شامير وشارون وأولمرت تبنوا الخط الإسرائيلي في التعاطي مع السودان بالتركيز على تفجير بؤرة أزمات مزمنة ومستعصية في الجنوب وفي أعقاب ذلك في دارفور . هذا الخط الإستراتيجي كانت له نتائج ولا تزال أعاقت وأحبطت الجهود لإقامة دولة سودانية قوية عسكرياً واقتصادياً قادرة على أن تتبوأ موقع الصدارة في البيئتين العربية والإفريقية”.
وفيما يتعلق بدارفور اعترف (ديختر) بأنه: «في البؤرة الجديدة في دارفور تدخلنا في إنتاجها وتصعيدها ، وكان ذلك حتمياً وضرورياً حتى لا يجد السودان المناخ والوقت لتركٍّز جهودها باتجاه تعظيم قدراته» .
وأضاف: «ما أقدمنا عليه من جهود على مدى ثلاثة عقود يجب أن لا يتوقف لأن تلك الجهود هي بمثابة مداخلات ومقدمات التي أرست منطلقاتنا الإستراتيجية التي تعتبر أن سودانا ضعيفا ومجزأ وهشا أفضل من سودان قوي وموحد وفاعل» .
واعترف (ديختر) أن صانعي القرار في إسرائيل كانوا من أوائل المبادرين إلى وضع خطة للتدخل الإسرائيلي في دارفور في 2003م مرجعاً الفضل في ذلك لرئيس الوزراء السابق أرييل شارون ، حيث أثبتت ـ كما يقول ديختر- النظرة الثاقبة لشارون والمستمدة من فهمه لمعطيات الوضع في غرب أفريقيا بصورة عامة والوضع السوداني على وجه الخصوص صحتها ، مشيراً إلى قول شارون خلال اجتماع للحكومة في 2003 حين قال:« حان الوقت للتدخل في غرب السودان وبنفس الآلية والوسائل وبنفس أهداف تدخلنا في جنوب السودان».
وحول نظرته لمستقبل السودان قال ديختر : هناك قوى دولية تتزعمها الولايات المتحدة مصرَّة على التدخل المكثف في السودان لصالح خيارات تتعلق بضرورة أن يستقل جنوب السودان وكذلك إقليم دارفور على غرار استقلال إقليم كوسوفو» وأشار «إلى أن الإستراتيجية الإسرائيلية حيال السودان والتي ترجمت على الأرض في جنوبه سابقاً وفي غربه حالياً استطاعت أن تغيّر مجرى الأوضاع في السودان نحو التأزم والتدهور والانقسام ، ومن ثم أصبح يتعذر الحديث عن تحوُّل السودان إلى دولة إقليمية كبرى وقوة داعمة للدول العربية التي تطلق عليها دول المواجهة مع إسرائيل.»
ليأتي ما كشف عنه مؤخرا رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الصهيوني حول دور الكيان في تسعير التناقضات الداخلية السودانية ، عبر الجهد العملي الصهيوني حيث قال: « وفيما يتعلق بالسودان لقد قمنا بربط خط بحري لتمويل قوات الانفصال في جنوب السودان وشكلنا لهم جهازا أمنيا استخباريا لإنجاح مشروعهم بإقامة دولة، ونشرنا في الجنوب ودارفور شبكات قادرة على الاستمرار في العمل إلى مالا نهاية».
ويستمر المخطط
وتذهب الوثيقة هذه المرة إلى سوريا فتعتبر “ أن سوريا لا تختلف اختلافا جوهريا عن لبنان الطائفية باستثناء النظام العسكري القوى الذي يحكمها . ولكن الحرب الداخلية الحقيقية اليوم بين الأغلبية السنية والأقلية الحاكمة من الشيعة العلويين الذين يشكلون 12 % فقط من عدد السكان ، تدل على مدى خطورة المشكلة الداخلية” .
وتؤكد الوثيقة أن “ تفكك سوريا والعراق فى وقت لاحق إلى أقاليم ذا طابع قومي وديني مستقل ، هو هدف إسرائيل الأسمى فى الجبهة الشرقية على المدى القصير “ وهي تراهن على أن “ تتفتت سوريا تبعا لتركيبها العرقي والطائفي إلى دويلات عدة”. وترسم سيناريو مستقبلي لذلك بالقول أنه” سوف تظهر على الشاطئ دولة علوية ، وفى منطقة حلب دويلة سنيةوفى منطقة دمشق دويلة سنية أخرى معادية لتلك التي في الشمال، وأما الدروز فسوف يشكلون دويلة في الجولان ،وكذلك فى حوران وشمال الأردن وسوف يكون ذلك ضمانا للأمن والسلام في المنطقة بكاملها على المدى القريب “. ويصل الوثوق بالقدرة على تنفيذ مخطط الوثيقة إلى حد القول “ وهذا الأمر هو اليوم في متناول أيدينا”.
وما أدراك ما العراق
ثم تتناول خطة الوثيقة العراق فتقول “ إن العراق لا تختلف كثيرا عن جارتها سوريا ولكن الأغلبية فيها من الشيعة والأقلية من السنة ، إن 65 % من السكان ليس لهم أي تأثير على الدولة التي تشكل الفئة الحاكمة فيها 20 % إلى جانب الأقلية الكردية الكبيرة في الشمال ، ولولا القوة العسكرية للنظام الحاكم وأموال البترول ، لما كان بالإمكان أن يختلف مستقبل العراق عن ماضي لبنان وحاضر سوريا”.
ثم رأت في وصول الخميني إلى السلطة في طهران بشرى على طريق تحقيق هدفها في تفتيت العراق فكما تقول: “إن بشائر الفرقة والحرب الأهلية تلوح فيها اليوم ، خاصة بعد تولي الخميني الحكم ، والذي يعتبر في نظر الشيعة العراقيين زعيمهم الحقيقى وليس صدام حسين”.وتعتبر الوثيقة الصهيونية أن “العراق الغنية بالبترول والتي تكثر فيها الفرقة والعداء الداخلي هي المرشح التالي لتحقيق أهداف إسرائيل”.
وتركز الوثيقة على العراق التي ترى أن تفتيته “أهم بكثير من تفتيت سوريا لأن العراق أقوى من سوريا “ ولأن “في قوة العراق خطورة على إسرائيل فى المدى القريب أكبر من الخطورة النابعة من قوة أية دولة أخرى”.
وترسم الوثيقة سيناريو العراق على ضوء ذلك فتقول”سوف يصبح بالإمكان تقسيم العراق الى مقاطعات اقليمية طائفية كما حدث في سوريا في العصر العثماني ،وبذلك يمكن إقامة ثلاث دويلات ( أو أكثر ) حول المدن العراقية، دولة في البصرة ، ودولة في بغداد ، ودولة في الموصل ، بينما تنفصل المناطق الشيعية في الجنوب عن الشمال السني الكردي في معظمه”.
هنا يمكن رؤية كيف ترجم الكيان الصهيوني هذه الوثيقة ،في البداية يعترف ديختر في محاضرته حول العراق التي ألقاها منتصف عام 2008 بقوله “ليس بوسع أحد أن ينكر أننا حققنا الكثير من الأهداف على هذه الساحة بل وأكثر مما خططنا له وأعددنا في هذا الخصوص”.
ويقول وزير الأمن الصهيوني السابق ديختر “ العراق بأوضاعه الأمنية والسياسية والاقتصادية الحالية لن يسترد وضعه ما قبل 2003. نحن لم نكن بعيدين عن التطورات فوق هذه المساحة منذ عام 2003، هدفنا الإستراتيجي مازال عدم السماح لهذا البلد أن يعود إلى ممارسة دور عربي وإقليمي، لأننا نحن أول المتضررين. سيظل صراعنا على هذه الساحة فاعلا طالما بقيت القوات الأمريكية التي توفر لنا مظلة وفرصة لكي نحبط أية سياقات لعودة العراق إلى سابق قوته ووحدته”.
ويقول : نحن نستخدم كل الوسائل غير المرئية على الصعيد السياسي والأمني. نريد أن نخلق ضمانات وكوابح ليس في شمال العراق بل في العاصمة بغداد. نحن نحاول أن ننسج علاقات مع بعض النخب السياسية والاقتصادية حتى تبقى بالنسبة لنا ضمانة لبقاء العراق خارج دائرة الدول العربية التي هي في حالة حرب مع إسرائيل، العراق حتى عام 2003 كان في حالة حرب مع إسرائيل.. وكان يعتبر الحرب مع إسرائيل من أوجب واجباته”.
ويكشف ديختر مدى التماهي بين الدور الأمريكي في العراق وضمان مصالح الكيان الصهيوني .. الإدارة الأمريكية حريصة على ضمان مصالحنا وعلى توفير هذه الضمانات عبر وسائل مختلفة، أبرزها بقاء القوات الأمريكية في العراق لفترة لا تقل عن عقد إلى عقدين. الحرص على أن تشمل الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والحكومة العراقية أكثر من بند يضمن تحييد العراق في النزاع مع إسرائيل وعدم السماح له بالانضمام إلى أية تحالفات أو منظومات أو الالتزام بمواثيق تتأسس على العداء ضد إسرائيل كمعاهدة الدفاع العربي المشترك أو الاشتراك في أي عمل عدائي ضد إسرائيل إذا ما نشبت حرب في المنطقة مع سوريا أو لبنان أو إيران”.
ويؤكد ديختر على مركزية بقاء العراق» مجزأ ومنقسما ومعزولا داخليا بعيدا عن البيئة الإقليمية، هذا هو خيارانا الاستراتيجي. ومن أجل تحقيقه سنواظب على استخدام الخيارات التي تكرس هذا الوضع، دولة كردية في العراق تهيمن على مصادر إنتاج النفط في كركوك وكردستان».
ثم يخلص إلى القول “ المعادلة الحاكمة في حركتنا الاستراتيجية في البيئة العراقية تنطلق من مزيد من تقويض حزمة القدرات العربية في دولها الرئيسة من أجل تحقيق المزيد من الأمن القومي لإسرائيل”.
وفي تناول الوثيقة للبنان التي كانت في حينها تعيش الحرب الأهلية والتمزق جاءت الوثيقة لتصف وضعا كان قائما بالفعل فتقول لبنان “ مقسمة ومنهارة اقتصاديا لكونها ليس بها سلطة موحدة ، بل خمس سلطات سيادية ( مسيحية في الشمال تؤيدها سوريا وتتزعمها أسرة فرنجية ، وفى الشرق منطقة احتلال سوري مباشر ، وفى الوسط دولة مسيحية تسيطر عليها الكتائب ، وإلى الجنوب منها وحتى نهر الليطاني دولة لمنظمة التحرير الفلسطينية هي في معظمها من الفلسطينيين ، ثم دولة الرائد سعد حداد من المسيحيين وحوالي نصف مليون من الشيعة ).
وتتناول الوثيقة السعودية ودول الخليج العربي بالقول "إن جميع إمارات الخليج وكذلك السعودية قائمة على بناء هش ليس فيه سوى البترول. ففي البحرين يشكل الشيعة أقلية السكان ولكن لا نفوذ لهم ".وفي دولة الإمارات العربية المتحدة يشكل الشيعة أغلبية السكان ،وكذلك الحال في عمان
وفي اليمن الشمالية وكذلك في جنوب اليمن.. توجد أقلية شيعية كبيرة ".
هنا يبدو واضحا اللعب على البعد المذهبي في دول الخليج، رغم أن الحديث عن أقلية هنا وأكثرية هناك ليست دقيقة.
وفي حديثها عن العربية السعودية تقول الوثيقة وبشكل يفتقد على الموضوعية، وهو يصب في خانة سوء النية أن " نصف السكان من الأجانب المصريين واليمنيين وغيرهم بينما القوى الحاكمة هي أقلية من السعوديين "
وتقول الوثيقة " إن شبه الجزيرة العربية بكاملها يمكن أن تكون خير مثال للانهيار والتفكك كنتيجة لضغوط من الداخل ومن الخارج وهذا الأمر في مجمله ليس بمستحيل على الأخص بالنسبة للسعودية سواء دام الرخاء الاقتصادي المترتب على البترول أو قل في المدى القريب، وتتابع " ،إن الفوضى والانهيار الداخلي هي أمور حتمية وطبيعية على ضوء تكوين الدول القائمة على غير أساس.
وفيما يتعلق بالجزائر فتخترع الوثيقة شيئا وهميا بالقول " هناك حرب أهلية في المناطق الجبلية بين الشعبين اللذين يكونان سكان هذا البلد". في محاولة للنيل من وحدة النسيج المجتمعي الجزائري، وتتابع " أن المغرب والجزائر بينهما حرب بسبب المستعمرة الصحراوية الإسبانية بالإضافة إلى الصراعات الداخلية التي تعانى منها كل منهما. كما أنها تعد تونس بالتطرف الإسلامي الذي " يهدد وحدة تونس " في وقت لم يكن البعد الحزبي الإسلامي قد ظهر في المشهد التونسي بعد.
لب المشكلة
وتختتم الوثيقة خطة العمل الصهيونية بتعمد الحديث عن الأردن وفلسطين كأنهما شيء واحد من خلال تقرير أن " الأردن هي في الواقع فلسطينية حيث الأقلية البدوية من الأردنيين هي المسيطرة، ولكن غالبية الجيش من الفلسطينيين وكذلك الجهاز الإداري. وفي الواقع تعد عمان فلسطينية مثلها مثل نابلس ،وهي هدف استراتيجي وعاجل للمدى القريب وليس للمدى البعيد وذلك أنها لن تشكل أي تهديد حقيقي على المدى البعيد بعد تفتيتها".
ثم تقول " من غير الممكن أن يبقى الأردن على حالته وتركيبته الحالية لفترة طويلة. إن سياسة إسرائيل – إما بالحرب أو بالسلم – يجب أن تؤدى إلى تصفية الحكم الأردني الحالي ونقل السلطة إلى الأغلبية الفلسطينية ".
هنا تبدو العدوانية الصهيونية بأجلي صورها من خلال التهيئة لدفن القضية الفلسطينية في الوطن البديل عبر النفي والإحلال المزدوجين، فهي أولا تنفي الشعب الفلسطيني أولا، ثم تنفي الشعب الأردني ثانيا، ثم تحل قطعان المستجلبين الصهاينة محل الشعب الفلسطيني، والشعب الفلسطيني محل الشعب الأردني.
بل إنها تقول بأن من شأن تغيير "السلطة شرقي نهر الأردن سوف يؤدى أيضا إلى حل مشكلة المناطق المكتظة بالسكان العرب غربي النهر سواء بالحرب أو في ظروف السلم".
والسيناريو الذي ترسمه الوثيقة هو الدفع باتجاه سياسة الترانسفير للمناطق المحتلة في الضفة الغربية لأن " زيادة معدلات الهجرة من المناطق( الضفة الغربية) وتجميد النمو الاقتصادي والسكاني فيها هو الضمان لأحداث التغير المنتظر على ضفتي نهر الأردن".
ولذلك فإن الوثيقة تقول "يجب أيضا عدم الموافقة على مشروع الحكم الذاتي أو أي تسوية أو تقسيم للمناطق". وترجمة ذلك لديها " أنه لم يعد بالإمكان العيش في هذه البلاد في الظروف الراهنة دون الفصل بين الشعبين بحيث يكون العرب في الأردن واليهود في المناطق الواقعة غربي النهر"..
وترى الوثيقة أن " التعايش والسلام الحقيقي سوف يسودان البلاد فقط إذا فهم العرب بأنه لن يكون لهم وجود ولا أمن دون التسليم بوجود سيطرة يهودية على المناطق الممتدة من النهر إلى البحر، وأن أمنهم وكيانهم سوف يكونان في الأردن فقط ".
وتتابع الوثيقة " إن التميز في دولة إسرائيل بين حدود عام 1967 وحدود عام 1948 لم يكن له أي مغزى، وفي أي وضع سياسي أو عسكري مستقبلي يجب أن يكون واضحا بأن حل مشكلة عرب إسرائيل سوف يأتي فقط عن طريق قبولهم لوجود إسرائيل ضمن حدود آمنة حتى نهر الأردن وما بعده".
وفي إشارة ذات مغزى تقول الوثيقة " تبعا لمتطلبات وجودنا في العصر الصعب ( العصر الذرى الذي ينتظرنا قريبا)، فليس بالإمكان الاستمرار في وجود ثلاثة أرباع السكان اليهود على الشريط الساحلي الضيق والمكتظ بالسكان في العصر الذرى". ولذلك فإن "إعادة توزيع السكان هو إذن هدف استراتيجي داخلي من الدرجة الأولى، وبدون ذلك فسوف لا نستطيع البقاء في المستقبل في إطار أي نوع من الحدود، إن مناطق يهودا والسامرة والجليل هي الضمان الوحيد لبقاء الدولة". ولعل ترجمة ذلك هو الاستيطان وتهويد القدس والاستيلاء على الأراضي الآن.
وتقول الوثيقة " وإذا لم نشكل أغلبية في المنطقة الجبلية فإننا لن نستطيع السيطرة على البلاد. وسوف نصبح مثل الصليبيين الذين فقدوا هذه البلاد التي لم تكن ملكا لهم في الأصل وعاشوا غرباء فيها منذ البداية". وهي لذلك تطالب ترى بأن "إعادة التوازن السكاني الاستراتيجي والاقتصادي لسكان البلاد ( قطعان المستجلبين ) هو الهدف الرئيسي والأسمى لإسرائيل اليوم".
خاتمة
إن هذه الوثيقة وغيرها لا تعدو أن تكون رأس جبل الجليد، الذي يخفي الكثير، حيث الدور الصهيوني ـ الأمريكي المشترك في استهداف هذه الأمة حاضرا ومستقبلا، وهذا الأمر يجري الآن وقبل الغد، ولذلك فإن مواجهة هذا التآمر على شعوب الأمة العربية، يكون من خلال تصليب وتحصين الجبهات الداخلية، كي لا تمكن الفوضى الخلاقة أن تفعل فعلها، وهو أمر في ما نعتقد، في متناول اليد، إذا ما أدرك الجميع أبعاد وجدية هذا التآمر الذي تتعرض له الأمة العربية
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

التنقل السريع