السفر عبر الزمن هو مفهوم الانتقال إلى الوراء أو إلى الأمام من نقاط مختلفة في الزمن، بشكل يماثل الانتقال خلال المكان. إضافة إلى ذلك، بعض التفسيرات للسفر عبر الزمن توحي بأنه من الممكن الانتقال بين أكوان متوازية.. او اعتبار ان الزمن دالة مختلفة عبر الكون ومتغيرة ويمكن اختراقها...
نسبية الزمن
النسبية وهي النظرية التي أضافت الزمن كبعد رابع بالإضافة إلى الأبعاد المكانية الثلاثه، تقول أن الزمان والمكان مرتبطان معاً ولا يمكن أن يوجد أحدهما بمعزل عن الاخر. نسبياً، نعلم أننا نستطيع أن نتحرك في هذه الأبعاد-المكانية- بكل حرية حيث نستطيع السير يمينا أو يسارا أو إلى الأمام أو الخلف أو إلى أعلى أو أسفل. ويمكننا ركوب آلات مثل الطائرة أو الصاروخ التي تنقلنا في البعد المكاني الثالث "الارتفاع" ومن هذه الفكرة البسيطة عن الأبعاد يتضح أنه بإمكاننا أن نتنقل عبر الزمن بهذه الصورة. لكن النظر إلى ما سبق يعد مفهوماً كلاسيكياً فحسب حيث يفترض أن الزمن مقياس مطلق لسرعة حركة هذه الأجسام. في النسبية يبدو الزمن نفسه على أنه دالة في السرعة النسبية بين الأجسام ويتباطأ أكثر فأكثر كلما كان الفرق في السرعة النسبية بين الأجسام أقرب إلى سرعة الضوء ويمكن أن يتوقف تماماً إذا ما وصلت هذه السرعة النسبية إلى سرعة الضوء.
لو افترضنا أن رائدا للفضاء غادر الأرض وعمره 25 سنة آنذاك، وترك أخاه الصغير البالغ من العمر 22 سنة وغاب في رحلته الفضائية مدة عشرة سنوات بحسب توقيته على الصاروخ المسافر بسرعة قريبة جداً من سرعة الضوء بحسب ما يرصد أخوه، فإنه يجد عند عودته من رحلته في سن 35 سنة أن أخاه الذي كان أصغر منه عمراً قد أصبح في سن الأربعين أو الخمسين على حسب سرعة الصاروخ التي تحرك بها؟؟؟؟
تمدد أو تباطؤ الزمن
"تمدد" الزمن في هذا السياق ليس مفهومًا فيزيائيًا نظريًا خاصة في الأجسام الدقيقة دون الذرية، وإنما هو تمدد حقيقي في الزمن الذي يحيا فيه الإنسان. وتبين معادلة تباطؤ الزمن مع زيادة السرعة أن الزمن يتمدد بالنسبة للمشاهد على الأرض (طبقا لساعته) بينما يظل نفسه بالنسبة للمسافر في الصاروخ (طبقا لساعته). فلو زادت سرعة إنسان ما (في سفينة فضاء مثلا) إلى حوالي 87% من سرعة الضوء, فإن الزمن يبطؤ لديه إلى الضعف. مع ذلك فالمعادلة لا تنطبق على مفهوم العودة بالزمن للوراء أو الزمن السالب والذي ينتشر بين عدد من قراء النسبية بشكل سطحي. يعتقد البعض أن النسبية تسمح بعودة الزمن للوراء إذا ما تم تجاوز سرعة الضوء في حين أن تطبيق المعادلة السابقة يعني أن سرعات تفوق سرعة الضوء تفضي إلى أزمنة ذات قيم تخيلية وليس قيما سالبة.
الثقوب السوداء والسفر عبر الزمن
في العام نفسه الذي ظهرت فيه النسبية العامة لاينشتاين 1916م وطرح فكرة انحناء الزمن والمكان، أثبت الفلكي الألماني كارل شفارتزشيلد أنه إذا ضغطت كتلة (ك) في حدود نصف قطر صغير بما فيه الكفاية، فإن انحراف الزمكان (الزمن والمكان) سيكون كبيرا بحيث لن تتمكن أي إشارة من أي نوع من الإفلات، بما في ذلك الضوء نفسه، مكونا حيّزا لا يمكن رؤيته، سمي فيما بعد (الثقب الأسود). ويحدث ذلك عند انهيار نجم تتجاوز كتلته ضعف كتلة الشمس، حيث ينضغط ويتداخل بفعل قوته الجاذبة حتى تكون كل مادة النجم قد انضغطت في نقطة ذات كثافة لامتناهية، تسمى نقطة التفرد الزمكاني. وأي شعاع ضوء (أو أي جسم) يرسل داخل حدود الثقب الأسود، ويسمى أفق الحدث، يسحب دون هوادة إلى مركز الثقب الأسود. ومن الناحية النظرية يبدو أنه عند الاقتراب من الثقب الأسود تتزايد انحناءة الزمكان حتى تبلغ أفق الحدث، الذي لا نستطيع أن نرى ما وراءه. ورغم أن فكرة وجود نجم بهذه المواصفات ترجع إلى العالم جون ميتشيل الذي قدمها في ورقة بحث عام 1783م، إلا أن مساهمة شفارتزشيلد تكمن في أنه قدم حلولا للمعادلات التي تصف انهيار النجم إلى ثقب أسود على أساس نظرية النسبية. واتضح لاحقًا أن شفارتزشيلد لم يصل إلى حل واحد للثقب الأسود، وإنما إلى حلين. وهو شيء يشابه الحل الموجب والحل السالب لالجذر التربيعي. فالمعادلات التي تصف الانهيار النهائي لجسم يقتحم الثقب الأسود تصف أيضا - كحل بديل - ما يحدث لجسم يخرج من الثقب الأسود (يطلق عليه في هذه الحال أحيانا (الثقب الأبيض)). وبذلك يبدو أننا إذا ما تابعنا انحناء الزمكان داخل الثقب الأسود يبدو لنا وكأنه ينفتح مرة أخرى على زمكان آخر، فكأنما الثقب الأسود يربط زمكان كوننا بزمكان مختلف، ربما زمكان كون آخر.
ولكن المشكلة كانت في أن أي مادة تدخل هذا الثقب الأسود ستسقط حتمًا في التفردية المركزية لتنسحق بشكل يخرج عن فهمنا. ولكن مع تقدم الأبحاث وجدت هذه المشكلة حلا، فقد ثبت أن كل الأجسام المادية في الكون تدور سواء كانت مجرات أو نجوما أو كواكب، ومن ثم فإننا نتوقع أن تدور الثقوب السوداء بالمثل. وفي تلك الحال يمكن أن يدخل جسم ما إلى الثقب الأسود ويخرج من الناحية الأخرى دون أن يمر بالمفردة ويتحطم، وذلك بتأثير دوران الثقب الأسود. وفي عام 1963 م نشر روي كير حلولا لمعادلات آينشتاين المتعلقة بالثقوب السوداء الدوّارة. وبينت أنه ينبغي أن يكون من الممكن من حيث المبدأ الدخول إلى ثقب أسود دوار من خلال ممر يتجنب التفردية المركزية (نقطة الانسحاق) ليظهر على ما يبدو في كون آخر، أو ربما في منطقة زمكان أخرى في كوننا ذاته، ويشكل الثقب الأسود ما يسمى بالثقب (الدودي). وبذلك تثير هذه النتيجة بشكل قوي إمكان استخدام الثقوب السوداء بوصفها وسيلة للسفر إلى الماضي بين أجزاء مختلفة من الكون والزمان. alfred rodward
الوسائل المتوقعه للسفر عبر الزمن
الثقوب السوداء
إن فكرة استخدام الثقوب السوداء في السفر عبر الزمن تعتمد على أنه من الممكن عندما يحدث انحناء شديد للزمكان أن يحدث اتصال بين نقطتين متباعدتين في الزمكان. وبالتالي إذا تحقق مسار مغلق للزمكان يمكن العودة إلى نقطة البدء في الزمان والمكان. ويرى بعض العلماء أن السفر إلى الماضي لا يمكن أن يحدث، وإنما يكون باستمرار في اتجاه المستقبل. والعبرة هي اقتراب سرعة الحركة من سرعة الضوء. والنسبية معناها مقارنة زمن راكب الصاروخ وزمن صديقه الباقي على الأرض.
الأوتار الكونية
هي أجسام يفترض أنها تخلفت عن الانفجار العظيم لها طول يقدر بمئات ءالسنين الضوئية، ولكنها دقيقة جدا إلى حد انحناء الزمكان بشدة حولها. فإذا تقابل وتران كونيان يسير أحدهما عبر الآخر بسرعة الضوء تقريبا لتكون منحنى مغلق للزمكان يستطيع المرء اتباعه للسفر إلى الماضي. وقدم فرانك تبلر عام 1974م فكرة للسفر عبر الزمن تعتمد على أن اسطوانة كثيفة الكتلة سريعة الدوران سوف تجر الزمكان حولها مكونة مسارات زمنية مغلقة. وفي عام 1949 م أثبت الرياضي الشهير كورت جودل أن الكون يمكن أن يكون دوارا بمعدل بطيء جدا، وأنه يمكن أن يترتب على ذلك مسار مغلق في الزمكان.
آلة السفر عبر الزمن
كيب ثورن وزملاؤه وضعوا تصميمًا خياليا لآلة للسفر في الزمن تعتمد على تخليق ثقب دودي ميكروسكوبي في المعمل، وذلك من خلال تحطيم الذرة في معجل للجسيمات. ثم يلي ذلك التأثير على الثقب الدودي الناتج بواسطة نبضات من الطاقة حتى يستمر فترة مناسبة، ويلي ذلك خطوة تشكيله بواسطة شحنات كهربية تؤدي إلى تحديد مدخل ومخرج للثقب الدودي، وأخيرا تكبيره بحيث يناسب حجم رائد فضاء بواسطة إضافة طاقة سلبية ناتجة عن نبضات الليزر. ولكن لا يزال ذلك خيالا.
نظرية الممرات والثقوب الدودية و السفر عبر الزمن والمكان؟؟
الثقب الدودي هو ممر إفتراضي للسفر عبر الزمن وذلك عبر طريق مختصر خلال الزمكان، والنظرية الكاملة تشتمل على ثقب أسود وثقب أبيض وكونان أو زمانان يربط بين افق كلا منهما نفق دودي أو ثقب دودي.
لذا يفترض في الثقب الدودي أن لديه على الاقل فتحتان تتصلان ببعضهما بواسطة ممر واحد، وإذا كان الثقب الدودي مؤهلا للسفر، فإن للمادة إماكنية الإنتقال من فتحة إلى اخرى بعبور هذا الممر، وللان ليس هناك دليل فعلي للسفر عبر الزمن من خلال عبور الثقب الدودي، ولكنه إفتراض فزيائي معروف كحل صحيح من حلول نظرية النسبية لإينشتاين.
الثقب المستقر
من حيث المبدأ، الثقب الدودي يمكن أن يكون مستقرا وثابتا لفترة عند الاندفاع داخل ممره بمساعدة مادة تسمى المادة الغريبة أو الغامضة، ففي الثقب الدودي المستقر، تشكل المادة الغامضة فقاعة كروية خفيفة (التي تظهر في الصورة المصاحبة كدائرة)..
هذه الفقاعة المتكونة من المادة الغامضة والمسماه المادة السوداء..التي لها كتلة سلبية وضغط سطحي موجب، فيها تضمن الكتلة السلبية أن ممر الثقب الدودي سيظل خارج الأفق، لذلك فإن المسافر يمكن أن يعبره، بينما يمنع الضغط السطحي الموجب الثقب الدودي من الإنهيار.
تفترض النسبية أن تجاوز سرعة الضوء أو الوصول إليها شئ مستحيل، بينما السفر خلال الثقب الدودي ممكن بزمن يتعدى زمن سرعة الضوء... فكيف هذا ؟ إذا التقت نقطتان وارتبطا سويا عن طريق ثقب دودي، فإن الوقت اللازم لعبوره سيكون أقل من الوقت الذي سوف يأخذه الضوء في رحلته خارج الثقب، فهي في الحقيقة إنقاص في الوقت وليست زيادة في السرعة...كما اثبتت التجارب منذ عدة سنوات امكانية نقل جسيمات باسرع من سرعة الضوء مع بقاء كتلتها مما ادى لانهيار اكثر نظريات اينشتاين..
وعلى سبيل التوضيح فإن الزمن اللازم للالتفاف بأقصى سرعة حول جبل لإجتيازه أطول من الزمن إذا عبرت من داخل نفق في هذا الجبل بسرعة بطيئة، فمن الممكن أن تسير ببطئ وتجتاز الجبل بزمن أقل لأن طول الطريق في هذه الحالة أقصر.
اما بخصوص الممرات الدودية في الكون...فدور كل منها هو أنه يكون قادرا على الوصول إلى مواقع بعيدة في الكون بخلق طريق مختصر خلال المكان والزمان، ويسمح للسفر بينهم في زمن أسرع من سرعة الضوء في الفضاء الطبيعي.
ثقب دودي بين كونين مختلفين
ويقوم على فكرة أن الثقب او الممر الدودي يمكن أن يربط بين كون وكون آخر موازي، يسمى في أغلب الأحيان Schwarzschild wormhole
فكرة السفر عبر الزمن عبر الممرات او الثقوب الدودية، في تلك الحالة يكون الثقب عبارة عن طريق مختصر للانتقال من نقطة في المكان والزمان إلى نقطة أخرى من المكان والزمان.
ويتم ذلك بتعجيل نهاية إحدى طرفي الثقب إلى سرعة عالية نسبة إلى الآخر، وبعد ذلك وفي وقت ما يعيده إلى وضعة قبل التعجيل، الزمن النسبي المتوسع يؤثر على الزمن في فتحة طرف الثقب الدودي المعجل الذي يمر عليه الزمن بأقل من الطرف الثابت كما يراها مراقب من خارج الحدث. على أية حال، يتصل الوقت بشكل مختلف خلال الثقب الدودي عن خارجه، لذلك فإن الساعات المتزامنة في كل طرف فتحة ستبقى متزامنة نسبة إلى شخص ما يسافر خلال الثقب نفسه، مهما كان حركة الأطراف، هذا يعني بأن أي شئ داخل طرف الثقب الدودي المعجل يغادر الطرف الثابت عند نقطة في زمن قبل الدخول إليها.
على سبيل المثال، إذا كانت الساعات في كلتا الفتحتين تشير إلى العام 2000 قبل عملية تعجيل إحدى الاطراف، وبعد الرحلة وتسريع الزمن النسبي لاحدى الاطراف، فإن الطرف المعجل سوف يعاد إلى نفس المنطقة مثل الطرف الاخر، وكانت ساعة الطرف المعجل تشير إلى العام 2005 بينما ساعة الطرف الثابت تشير إلى العام 2010، حيئذ فإن المسافر الذي دخل الطرف المعجل في هذه اللحظة سيغادر الطرف الثابت عندما تكون تشير ساعة الطرف الثابت أيضا للعام 2005، في نفس المنطقة لكن خمس سنوات في الماضي، بنفس الصورة الثقب الدودي سيسمح للجزيئات لتشكيل ممر مغلق في الزمن، والمعروف بمنحنى الزمن.
أنواع الثقوب الدودية
وهناك نوعان رئيسيان للثقوب الدودية ( ثقوب لورنزية Lorentzian wormholes ) و ( ثقوب اقليدية Euclidean wormholes). ثقوب لورنزLorentzian wormholes تتعامل بشكل رئيسي مع النسبية العامة والجاذبية الكلاسيكية، بينما الاخرى تتعامل مع في فيزياء الجزيئات.
واظهرت الحسابات الحديثة التي اجراها الفلكيون أن (الثقوب الدودية) الضخمة والمستقرة بما فيه الكفاية لتسمح بالارتحال يمكن ان تكون موجودة فعلا...وطويلا ما ألهب خيال العلماء احتمال وجود ثقوب دودية في انحاء الكون الواسع وهي عبارة عن طرق مختصرة عبر الزمان والمكان... ويقول سيرجي كرانسيكوف الذي يعمل باحثا في مرصد بولكوفو في سانت بطرسبورج إن الثقب الدودي الجديد يمكن ان ينتج بنفسه موارد كافية من المادة السوداء, وبهذا يمكن للثقب الدوي ان يكون كبيرا ويبقى مفتوحا بما فيه الكفاية ليستخدمه البشر.
وعبر علماء فلك ورياضيات عديدون عن اهتمامهم البالغ بهذه النظرية الجديدة لكنهم لا يزالون حذرين ازاءها. ويعترف كرانسيكوف ان ماهية مثل هذه الثقوب الدودية او وجودها في الفضاء أمر مازال بعيدا عن متناول التقنيات المتوفرة حاليا للبشر. ومع ذلك يقول إن مثل هذه الثقوب الدودية قد تكون موجودة في الفضاء كنتيجة لعملية تشكل الكون واكتشاف احدها سيحمل نتائج ثورية على احتمالات الارتحال بين النجوم.