احبابي في الله...قد لا يعلم من يتناول في الوقت الحالي موضوع الدورات الزمنية واعادة بناء الحضارات في حقب متساوية بعد انهيارها ...ويعلل ذلك تارة بالكوارث الطبيعية الناشئة عن الاصطفاف المجري أو اصطدام كويكبات تتخذ دورتها ما يقارب الخمسة ألاف عام "ككوكب نيبرو أو الكويكب إكس أو غيره".. انه يبعد تمام البعد عن المنهج الرباني القويم وما وافقته الحقائق العلمية... بل انه يروج لما ادعته الاسرائيليات وما تم الزج به في التوراة وغيرها... ويرسخ للخداع القائم عليه الماسون وعلمائهم من حتمية نهاية الحضارات الانسانية بصورتها المعروفة لبداية عصر الانسان التالي المنفتح على الكون في دورته القادمة كمرحلة من المراحل التي تتخذ حقب زمنية متعاقبة مرت على الأرض...
فالقرآن الكريم وافق العلم البحت في حتمية وجود بداية ونهاية للكون ومشتملاته... ويؤكد القرآن الكريم أن السماوات والأرض كانتا ملتحمتين في رتق واحد..وتم فصلهما في عملية فتق أو انفجار مصداقاً لقوله تعالى:( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما)[ الأنبياء]...وهو ما يوافق العلم الحديث أن الكون بدأ منذ حوالي (13) مليار سنة بانفجار عظيم (Big Bang)، وكان الكون كله متجانس مكون من خليط ساخن من الجسيمات والجسيمات المضادة.. كالإلكترونات والبوزيترونات حتى تكونت نوى الإيدروجين والهليوم بعد ثلاث دقائق من الانفجار الذي أدى إلى استمرار الاندفاع للمادة وتمدد الكون..وبحساب العمر الجيولوجي لكوكب الأرض كما نقيسه الآن بحوالي 45000 مليون سنة (باستخدام ظاهرة الانحلال الإشعاعي لليورانيوم الموجود في صخور الأرض) وموافقته مع قول الله تعالى: ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ)[فصلت]..وهي بمقدار "ثلث" أيام الخلق الستة مصداقا لقوله عز وجل frown رمز تعبيري الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام) [السجدة].. وقوله عز وجل ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة ) [الأعراف].. وهكذا فإننا نستنتج من آيات سورة فصلت والعلم عند الله أن :
عمر الكون = 4500× 3 = 13500 مليون سنة = 13.5 مليار سنة
وكان الظلام حالكاً وشاملاً في البداية، وكانت الفوتونات(جسيمات الضوء) تتصادم بشدة مع الجسيمات النووية لتصل إلى أتزان حراري في درجة حرارة تقدر ببلايين الدرجات وإشعاع غير مرئي حتى أصبحت السماء دخان متجانس مستمراً في التمدد والبرودة ووصلت درجة الحرارة إلى الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة من النويات والإلكترونات الحرة بعد حوالي (700) ألف سنة من بدء الانفجار العظيم.. وأصبح الكون بذلك شفافاً للإشعاعات وليس معتماً..وظل هذا الدخان سائداً ومحتوياً على ذرات عناصر الأرض والسماء معاً دون تفرقة.. أي رتقاً واحداً كمزيج كوني تم تحضير كل المواد الخام للكون فيه..وبعد تجهيز الذرات الخام لمواد السماوات والأرض معاً في الدخان الكوني المذكور استوى الله سبحانه إلى السماء الدخانية..أي قصد إليها دون غيرها لتسويتها لتصبح دون تفاوت أو فطور تسوية غاية في التناسب والدقة والإحكام...
وعرفنا الله أن للكون بداية من عدم، ونهاية إلى عدم.. وهذا في حد ذاته إثبات لوجود الله وقدراته اللانهائية.. يقول أديموند ويتيكر: (ليس هناك ما يدعو إلى أن نفترض وجود مادة وطاقة للكون قبل الانفجار العظيم.. وإلا فما الذي يميز تلك اللحظة عن غيرها ؟ والأبسط أن نفترض الخلق من العدم بمعنى إبداع الإرادة الإلهية للخلق من العدم، علماً بأن هذه الصورة لا تكتمل إلا بوجود الإله ) .. لأن شيئاً ما لابد أن يكون موجوداً على الدوام؟ هذا الشيء غير مادي (لأن المادة والطاقة لها بداية) .. ولابد أن تكون من خلق عقل أزلي الوجود.. هذا الكيان وهذا العقل الأزلي هو الله ...
إن اكتشاف بداية الكون وتوقع نهاية له سوف يؤدي حتماً إلى الإيمان بوجود الله.. والعلم اليقيني يؤكد وجود الله على هؤلاء الكفار الدهريين الذين اعتقدوا الكون مستقراً بلا بداية ولا نهاية.. أي الكون المستقر الأزلي الدائم Steady state universe... فلو كان الكون أزلياً..وكان يمكن للانسان الخلود او حتى المرور بدورات تطور متعاقبة... لما بقيت في الكون حياة ولما بقي إشعاع ذري أو إشعاع خلفية الكونية.. ولفقدت النجوم كل طاقتها منذ زمن بعيد... ويرد القرآن على أمثال هؤلاء الملحدين الدهريين أصحاب مذهب الكون الأزلي بقول الله تعالى : (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون)[الجاثية]...
وهناك فرضية أخرى طرحها بعض العلماء تجنباً لافتراض حتمية بداية الكون ونهايته تدعى (نظرية الكون المتذبذب أزلياً )، أي : انفجار ـ تمدد ـ انكماش ـ انسحاق، ثم انفجار جديد لتتكرر الدورة ) فلا بداية ولا نهاية، بل دورات أزلية من التمدد والانكماش... وهذه النظرية عليها تحفظات كثيرة.. كما يقول الفيزيائي بلودمان: إن عالمنا لا يمكن له أن يتكرر في المستقبل، ونحن ندرك الآن أن أي كون مغلق، كعالمنا، لا يمكن أن يمر إلا بدورة واحدة من دورات التمدد والانكماش وذلك بسبب ضخامة الأنتروبيا (القصور الحراري) المتولدة في كوننا، الذي هو أبعد ما يكون عن التذبذب...
وسواء كان الكون مغلقاً أو مفتوحاً، مرتداً أم متمدداً على وتيرة واحدة، فإن التحولات غير المعكوسة في أطوار الكون تدل على أن لهذا الكون بداية ووسطاً ونهاية محددة.. كذلك فإن نظرية (الكون المتذبذب) لا تنسجم مع (النسبة العامة).. ومن هنا يخلق (جون ويلر) إلى أن عملية انكماش كبيرة وهائلة وواحدة من شأنها أن تنهي الكون إلى الأبد بانهيار واحد!!! وبذلك ندرك أنه عندما يحدث انهيار بالجاذبية في المستقبل فسنكون قد وصلنا إلى نهاية الزمن.. وما من أحد قط استطاع أن يجد في معادلات النسبية العامة أدنى حجة تؤيد القول بعملية تمدد أخرى جديدة أو بوجود كون متذبذب.. أي دورات أزلية أو شيء آخر سوى النهاية.. ولا شيء غير النهاية .. وسبحان الله فالعلم الصحيح قبس من أنوار القرآن...
ويقول الله تعالى عن الانكماش الكوني المتوقع في المستقبل : (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين ) [الأنبياء]... أي : انتظروا يوماً ينطوي فيه الكون بسماواته وأرضه تماماً كما يطوي الكاتب الصحف والكتب ليعود الكون بالانسحاق العظيم إلى حيث بدأ .. هذا الانسحاق واضح أيضاً في قول الله تعالى:(وحّملت الأرض والجبال فدكتا دكةّ واحدة )[ الحاقة]...
وقوله سبحانه وتعالى:(ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً )[ طه]...
ويكرر القرآن الكريم التأكيد على هول هذه اللحظة، التي يسميها العلماء " الانسحاق العظيم" (Big Crush)،ويسميها الله : الساعة والحاقة والصاخة والطامة الكبرى والقارعة وكلما تقرع الأذن وتهز القلوب والوجدان من هول يوم يتبدل فيه الكون.. كما في قوله تعالى :(يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار)[إبراهيم]...
ويتساءل العلماء: هل سنلاحظ إزاحة زرقاء في طيف المجرات بمجرد بدء الانكماش في المستقبل؟؟؟ .. والجواب: نعم... فهذه الإزاحة علامة فيزيائية من علامات القيامة... ويتساءلون أيضاً، هل تستحيل الحياة في طور الانكماش مستقبلاً لأن الظروف لن تكون ملائمة لوجود كائنات حية حيث تكون كل النجوم ميتة وقد انتهى وقودها وتحولت إلى أجرام متكورة كالثقوب السوداء؟؟؟ وهل (على سبيل الفرضية) سيموت الناس قبل أن يولدوا في زمن معكوس عند الانكماش؟؟؟ وهل ستعود الكواكب المكسورة لتجمع نفسها المضاد، أي كلما ازداد الكون انكماشاً؟؟؟
والجواب المنطقي والعلمي الموافق للقرآن أن هذا الانقلاب الزمني لن يحدث في طور الانكماش لأنه لا تماثل بينه وبين التمدد.. لأن طور الانكماش ستسيطر عليه الثقوب السوداء التي ستطحن وتسحق كل شيء سحقاً.. وسوف تستحيل الحياة في هذا الطور لأن الكون سيكون ـ كما يقول العالم "ستيفن هوكنج" في حالة اضطراب كامل... فطور الانكماش سيكون مصحوباً بأحداث كونية هائلة، كما ورد بالقرآن الكريم، كتكور الشمس وابتلاع كواكبها في باطنها، وبالتالي اختفاء الكواكب وانتثارها وتسجير البحار واشتعالها وزوال الجبال، كما في قول الله تعالى : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ {1} وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ {2} وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ {3} وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ {4} وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ {5} وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ {6} وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ {7} وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ {8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ {9} وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ{10} وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ {11}[سورة التكوير]. وقال الله تعالى:(إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ {1} وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ {2} وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ {3} [ الانفطار].وقال الله تعالى:( إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ {1} وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ {2} وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ{3} وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ {4} وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ)[ الإنشقاق].
وقال الله تعالى:(يوم يكون الناس كالفراش المبثوث* وتكون الجبال كالعهن المنفوش ) [القارعة ].
فالحقيقة إن مرحلة الانكماش قيامة صغرى قبل الانسحاق العظيم ، ولن تبقى حياة على وجه الأرض، بل سيقول الإنسان يومئذ أين المفر، كما ورد في قول الله تعالى : (فإذا بر البصر * وخسف القمر * وجمع الشمس والقمر * يقول الإنسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر* إلى ربك يومئذ المستقر ) [القيامة]...
إنها تغيرات كونية هائلة ستبرز عند انكماش الكون مؤدياً إلى نهاية الزمان والمكان..وعلينا أن نؤمن بالآخرة لأنها ضرورة حتمية وفيزيائية لهذا الكون.. بل وضرورة نفسية راسخة في الضمير البشري طمعاً في الثواب والحياة الخالدة في العالم الآخر..
وقد يسأل البعض: لماذا الدنيا دار الفناء والآخرة دار خلود؟ والجواب: إن البداية والنهاية في الدنيا قائمة لأجل محدود مسمى عند الله، يعلمه سبحانه، والنهاية حتمية علمياً وقرآنياً، لأن هذا الوجود محدود بالمكان والزمان، ولقد علمنا كيف أن الانحلال الإشعاعي الذري والقانون الثاني للديناميكا الحرارية، وغير ذلك من ظواهر، تؤكد كلها أن للكون نهاية.. أما وجود زمن آخر يسميه البعض( زمن العرش) قبل بدء "الانفجار العظيم" من جهة.. وزمن آخر موصوف بالدوام في الآخرة من جهة ثانية.. فهذا موضوع آخر، لأنهما زمانان الهيان لا تسري عليهما قوانين الفيزياء الموافقة لقدرات حواسنا المحدودة .. وليس أمامنا سوى القرآن الكريم نرجع إليه لبيان الغيب الزمني ... المعروف بالخلود، سواء قبل البداية أو بعد النهاية... فيصف الله تعالى العرش بلا بداية ولا نهاية محيطاً بالمكان والزمان، بمثل قوله تعالى : (... وسع كرسيه السماوات والأرض .. ) [ البقرة]...
بل ويصف النبي صلى الله عليه وسلم كرسي العرش في الحديث الصحيح، مبيناً نسبة حجم الكون إلى حجم العرش كالصفر إلى (ما لا نهاية ) بقوله: (ما السماوات السبع وما فيهن، والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن، في الكرسي، إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة).
وقول الرسول الكريم عما قبل بداية الكون:( كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء)، وقول الله سبحانه:( وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء )[ هود]...
فالآية والحديث هنا لا يعطيان زمناً لوجود العرش على الماء قبل خلق الكون.. لأن الفعل (كان) هذا يأتي بمعنى الكينونة مؤكداً الأزلية والدوام، وليس معنى الفعل الماضي.. بل كان ومازال وسيظل، أي وهو دائماً كذلك.. كما في وصف الله تعالى الفعل لنفسه في قوله سبحانه: ( وكان الله بكل شيء محيطاً) (وكان الله بكل شيء عليماً) أي وهو عز وجل دائماً كذلك.. فإذا قال سبحانه (وكان عرشه على الماء) فإن العرش دائماً على الماء قبل وأثناء وبعد الكون.. فالعرش في معناه والله وحده اعلى واعلم ليس الكون.. وليس كرسياً مجسداً كما يتخيل البعض محدود بالمكان والزمان.. بل مفهوم يمثل مطلق القدرة والسيطرة والتحكم الإلهي في مقدرات هذا الكون.. كما في قوله تعالى : (ثم استوى على العرش)، (وسع كرسيه السماوات والأرض).. بل إن كل شيء يتم خلقه في الأرض بعد نهاية هذا الكون سوف يقع أيضاً في رحاب عرشه، كما في قوله تعالى في وصف يوم القيامة :(وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الزمر]...فا
ولقد أخضع الله سبحانه وتعالى مخلوقاته للزمن ولكنه سبحانه تنزه عن جريان الأزمنة عليه.. فكل شيء بالنسبة لعلمه قد حدث فهو عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.. والدليل على ذلك أنه سبحانه يصف أحداث المستقبل (كيوم القيامة) بالفعل الماضي، لأنها جميعاً في علمه، كما في قوله سبحانه : (أتى أمر الله فلا تستعجلوه )[ النحل].. أي لا تستعجل يا ابن آدم ما قد حدث في علم الله... فالأمر بالنسبة إلى الله معلوم ومحدد بمكان وزمان، أما بالنسبة لك فهو مجهول لأنه مستقبل.. بينما الله متعال فوق الزمان والمكان.. ورغم هذا التعالي إلا أنه بلطفه وعنايته موجود دائماً مع المخلوقات جميعاً على اختلاف وتفاوت أنظمتهم الزمنية. والله أعلم بهم جميعاً، يستجيب لهم ولا يشغله شأن عن شأنه.. فالله عالم الغيب والشهادة وهو سبحانه خالد سرمدي محيط بالمكان والزمان، وهو الأول بلا بداية والآخر بلا نهاية.. وكل شيء هالك إلا وجهه، وهو حي لا يموت، ولا بقاء على الدوام إلا لمن له الدوام، وطبقاً لهذا المفهوم الديني فلن يوجد أي شيء يشارك الله تعالى في أبديته...
بل وحتى زمن الآخرة غيبي لا نعرف مداه ولا وسيلة لقياسه بعد أن تبدلت الأرض والسماوات وخلود الجنة أو النار غير مشارك ابدا لله في أبديته.. لأن خلود الآخرة مرهون بإدارة الله ومشيئته ومدته متجددة ومحاطة بعلمه سبحانه طبقا لقوله تعالى : (خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) [ هود]....
لكن الأوجب بالسؤال.. ماذا أعددنا للآخرة؟؟؟
يؤكد القرآن الكريم التسبيح والذكر واغتنام الزمن وعدم تضييع العمر والتحذير من الغفلة..وخاصة مع اقتراب احداث النهاية واشراطها الكبرى والتي حذرنا منها رسول الله عليه الصلاة والسلام انه عند وقوعها لن ينفع نفس ايمانها مالم تكن قد آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيرا.. وقوله سبحانه : (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور ) [الملك ] .. هذه هي الحكمة من عمرنا لفترة زمنية محددة.. ما مضي منها لا يعود ولا يعوض وكما يقول الحسن البصري: (ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي : يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى علك شهيد، فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة )..
وللأسف فإن أكثر الناس عن هذا غافلون.. فالمؤمنين الطائعين المسبحين والمستغفرين يستطيعون..ـ إذا تطهرت نفوسهم..ـ أن يرتفعوا إلى منزلة أعلى ماديا وروحانيا.. بل يعدهم الله بالنصر والثبات والجزاء في الآخرة... ولنتذكر هنا حديث الرسول صلى الله عليه عليه وسلم قبل أن نفاجأ بيوم تنتهي فيه المعذرة ولا تنفع فيه تذكرة : (لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عمره فيم أفناه وشبابه فيم أبلاه، وماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه، وعلمه ماذا عمل به) رواه الطبري عن معاذ بن جبل بإسناد صحيح... وقوله صلى الله عليه وسلم : (اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك)... ومن دعاء أبو بكر رضي الله عنه: (اللهم لا تدعنا في غمرة، ولا تأخذنا على غرة، ولا تجعلنا من الغافلين) ولنتذكر أيضاً قول الإمام الشافعي رضي الله عنه:( الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، ونفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر)... جعلنا الله من الذاكرين الخاشعين الثابتين على دينه الحق ووقانا الله فتنة المحيا والممات...
تعليقات
إرسال تعليق