رجاء القراءة للنهاية بالرغم من طول الموضوع...
احبابي في الله..المصفوفة أو الماتكريس مصطلح رياضي من رموز رقمية يدلل على امور متعددة تستخدم في مجالات مختلفة.. لعل اشهرها هو ما دعي ب"المصفوفة المقدسة" والتي اتخذها المتنورون ذريعة لايجاد تعبير منطقي خادع يبتلع به العلم الاساسيات الإيمانية والروحانية لدى البشر باعتبارهم جزء في عالم وهمي يتبع حواسهم المحدودة والتي ساعد على محدوديتها كل من الأديان والمعتقدات والتراث والأعراف ومعطيات التاريخ.. ويمكنهم إذا ارادوا الخروج من هذا العالم الى ابعاد مختلفة.. تتدرج بها مستويات الوعي والاتصال بكيانات اعلى.. وهي ضلالة تستند على حقائق علمية اقرتها الأديان وأوضحت منهجها في الإرتقاء بالإنسان فوق حدود المادة.. لكن بدلاً من ان يكون الهدف التقرب روحانيا من الخالق... استخدمها حزب الشيطان وجند لها العلماء والمراكز البحثية للترسيخ لخديعة الانفتاح الكوني وامكانية تغيير الوعي الانساني عن طريق العلم وأسرار الجينوم لتدمير اساسيات الدين واقناع البشر انهم يمكن بدورهم الترقي للإتصال بالآلهة أو حتى اكتساب خواص إله والعياذ بالله...وأن لن يتم ذلك إلا بالتحرر من جميع القيود التي فرضتها العقائد "الوهمية" بحسب زعمهم لجعل الانسان كالعبد لمنظومة زائفة...
لكن مصطلح المصفوفة يستخدم كثيرا ايضا في المناحي العسكرية والمخابراتية وما سواها.. ومنها موضوعنا الخاص ب "مصفوفة الهجوم العالمي الشامل" او ما يمكن تسميته "الفضيحة العالمية" التي اتخذت من المصفوفات الرقمية رمزا ومشروعا لها في تنفيذ مسلسل الاغتيالات المنظمة... والتي خططت لها ومولتها حكومة العالم الخفية.. فقررت من عقود طويلة تنفيذها على النطاق العالمي الواسع... واستعارت اصطلاح (ماتركس) لحقيقة التعامل مع الناس كرموز رقمية لا قيمة لها...
فالمصفوفة من الناحية العلمية عبارة عن تنظيم رقمي مستطيل الشكل من صفوف رقمية واعمدة يمثل كل صف دوال لمتغيرات ثابته... اي يمثل مجموعة من المتغيرات العددية المتتالية المرتبطة معا والمتماثلة في النوع والنمط.. وقد شاع استعمال اصطلاح المصفوفة (ماتركس) في الجهات المخابراتية كدالة للتعبير عن صفوف ومجاميع العلماء والقادة الذين تم التخلص منهم وتسفيرهم إلى العالم الآخر عن طريق إزهاق أرواحهم... وبالطبع بأحدث تقنيات الموت المُدبّر وبأساليب مخطط لها بعناية بحيث لا تترك ورائها أي اثر.. وباستخدام أقصى درجات الخبث والنذالة في التدليس والتلفيق.. تمهيدا لإلصاق تهمة الاغتيال بجهات أخرى لا علاقة لها بالحدث.. وقد تكون تلك الجهات المتهمة كذلك جزء في سيناريو له اكثر من هدف مستقبلي أثمن.. أي ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد..
وأول من أماط اللثام عن هذه النوع من الفضائح هو الضابط السابق في وكالة الأمن القومي الأمريكي (وين مادسن)... والذي يعود له الفضل في سرد تفاصيل الملف السري لمسلسل الاغتيالات السياسية التي تحمل عبارة (Worldwide Attack Matrix) وتعني مصفوفة الهجوم العالمي الشامل...
من هو "وين مادسن" ؟؟؟؟
عمل (وين مادسن) في القوات البحرية الأميركية, ووكالة الأمن القومي الأمريكية خلال إدارة الرئيس ريغان... وتخصص في برمجة وتنظيم المعلومات السرية في الوحدات القتالية ثم صار خبيرا في تنظيم ومعالجة وتشفير بيانات وزارة الخارجية.. وامتدت خبرته في المجالات التعبوية والأمنية لأكثر من عشرين عاما.. ثم انتقل بعد تقاعده إلى العمل الصحفي, وصار متخصصا في تغطية نشاطات الدفاع والأمن القومي, ومتابعة سير العمليات الاستخباراتية مستعينا بخبرته الميدانية في هذا المضمار, ويدير حاليا موقع (وين مادسن ريبورت) على الشبكة الدولية...
ولادة مصفوفة البطش والمطاردة
تأسست أحدث مصفوفات الاغتيالات (الماتركس) عقب أحداث سبتمبر 2001 على يد مدير الاستخبارات المركزية (جورج تينيت).. وهي مصفوفة عملاقة تتضمن مجموعة من الخطط والخيارات المتشعبة لتنفيذ سلسلة من الاغتيالات بذريعة مكافحة الإرهاب، وتوصي الخطط باجتياح بعض الأقطار الإسلامية لتدميرها والاستيلاء على ثرواتها والتحكم بمستقبلها، وتحدد هذه الخطط أكثر من ثمانين دولة سبق أن اختارها (تينيت) لتكون مسرحا مفتوحا لعمليات البطش والمطاردة, وتضم مصفوفة (جورج تينيت) أسماء الدول التي يمكن أن يهرب إليها أعدائها, وتشتمل على استخدام أساليب قاسية وفتّاكة من أجل متابعة الناشطين وملاحقتهم والانقضاض عليهم.. وإغراء الدول الأجنبية وأجهزتها الأمنية بحوافز مالية كبيرة...
أرسلت المخابرات الأمريكية أعدادا كبيرة من عناصرها لتأمين الاتصال مع عملائها, ومساعدة مخابرات الدول المتواطئة معها... وقد أبدى الرئيس الأمريكي (جورج بوش) موافقته القطعية على مجموعة من العمليات الاستخباراتية غير المسبوقة في هذا المجال, واستخدمت المصفوفة على الفور في التخلص من كل المعارضين للسياسة الأمريكية.. وتنفيذ مشاريع (بوش – تشيني) الاقتصادية في مجالات النفط والغاز.. واشتملت أيضا على تراخيص وسيناريوهات واسعة لقتل الذين تمردوا على الإدارة الأمريكية وتحرروا من قبضتها...
مصفوفة الموت المُدبّر
تؤكد تصريحات "وين مادسن" على إن القائمين على تنفيذ برنامج (مصفوفة الهجوم العالمي الشامل) يتعمدون نشر لقطات مفزعة من صور الضحايا.. وهم في أوضاع مزرية.. ويتعمدون توزيعها على عواصم العالم ووكالات الأنباء لتخويف خصومهم السياسيين وتحذيرهم من مغبة الخروج عن طاعة أمريكا أو التمرد عليها.. ويشير (وين مادسن) إلى بعض صور الاغتيالات القديمة التي قرر مدير البرنامج إعادة نشرها من جديد.. مثل: صور رئيسة وزراء الهند السابقة (أنديرا غاندي)، وصور الرئيس الأمريكي الأسبق (جون كنيدي), وصور الزعيم الأمريكي (مارتن لوثر كينغ)، وصور الثائر اليساري (تشي غيفارا)...
يقول (مادسن) المعروف بصلاته الواسعة داخل دوائر الاستخبارات الأمريكية, إن هذه المصفوفة أتاحت للاستخبارات الأمريكية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.. واغتيال النائب الأول لرئيس الجمهورية في السودان الدكتور (جون قرنق), الذي انفجرت طائرته في ظروف غامضة.. وتعرض للموت المُدبّر بسيناريو استخباراتي عالمي خطير.. ويشير (مادسن) في أكثر من تصريح له إلى تورط أمريكا باغتيال مسؤول جهاز الأمن في القوات اللبنانية (إيلي حبيقة)، الذي فجرت سيارته في ديسمبر 2002 بعبوة ناسفة، بسبب معارضته العلنية للمخططات الأمريكية في لبنان, ثم تعرض مساعده (مايكل نصّار) للقتل في البرازيل مع زوجته...
بداية المصفوفة عام 1935؟؟؟؟
يجزم (مادسن): إن مصفوفة الاغتيالات المبرمجة هي التي اغتالت معظم رجال السياسة وأصحاب النفوذ في العالم العربي، وليس من المستبعد أن تكون غربانها القديمة هي التي طاردت العلماء والمفكرين العرب وأزهقت أرواحهم في مسلسل رقمي مميت يعيد إلى الأذهان تلك التحذيرات التي أثارها (وين مادسن) عن تورط وكلاء حكومة العالم الخفية في تلك الجرائم الدولية ابتداء من عام 1935.. وهو العام الذي قتلوا فيه العالم العربي الكبير (حسن كامل الصباح) بعد أن سجل أكثر من (176) اختراعا في العلوم الفيزياوية والكهربائية... وكان أول مدير فني لشركة (جنرال إلكتريك), لكنه تلقى سلسلة من التهديدات قبيل اغتياله لمنعه من مواصلة تجاربه في حقل الطاقة الشمسية, فاسقطوا سيارته في منخفض عميق, وفارق الحياة يوم 31/3/1935.. وسُجلت الجريمة ضد مجهول, وبعد مرور (15) عاما على تلك الجريمة البشعة, عثروا على جثة العالم الفيزيائي الكبير (علي مصطفى مشرفة) مقتولا في شقته بطريقة بدائية مقززة, وكان رحمه الله من خيرة العلماء الذين تتلمذوا على يد (ألبرت اينشتاين), وسُجلت الجريمة ضد مجهول, ثم لاحقوا تلميذته الدكتورة (سميرة موسى) والتي كانت تعد من أفضل علماء الذرة في منتصف القرن الماضي, فدبروا لها خطة لاغتيالها, ونفذوا جريمتهم في الخامس عشر من اغسطس 1952, بشاحنة كبيرة اصطدمت بها, ورمتها في الوادي الذي اسقطوا فيه العالم اللبناني الكبير (كامل الصباح), وسُجلت الجريمة ضد مجهول, وبعد مرور (15) عاما على تلك الجريمة المروعة, أي في العام 1967, جاء الدور على عالم الذرة (سمير نجيب), فصدمته شاحنة كبيرة كانت تطارده بلا هوادة, واردته قتيلا خارج ضواحي ديترويت, وسُجلت الجريمة ضد مجهول, وفي عام 1975 كانت مخالب الشر تتربص بعالم الذرة (نبيل القليني), الذي كان في زيارة علمية لمختبرات تشيكوسلوفاكيا, فاختطفوه من شقته في براغ, ولم يعد إلى أسرته حتى يومنا هذا, وسُجلت الجريمة ضد مجهول, وبعد خمس سنوات من اختفاء (القليني) جاء الدور على مهندس المفاعلات النووية, الدكتور (يحيى أمين المشد), فوجدوه مهشم الوجه عام 1980 في غرفة من غرفات فندق المريديان بباريس, وسُجلت الجريمة ضد مجهول..
وفي عام 1984 عثروا على جثة عالم الذرة الدكتور (نبيل أحمد فليفل) مرميا خارج ضواحي مدينة (بيت عور) في الأرض المحتلة, وسُجلت الجريمة ضد مجهول, وفي عام 1989 عثروا على جثة عالم الصواريخ, الدكتور (سعيد نجل الفنان سيد بدير) مقتولا في الإسكندرية بمصر, وسُجلت الجريمة ضد مجهول, وعثروا عام 1991 على جثة العالم اللبناني (رمال حسن رمال) ميتا في ظروف غامضة بباريس, وسُجلت الجريمة ضد مجهول, ثم عثروا عام 1993 على جثة الباحث الاستقصائي (الدكتور جمال حمدان) وقد ظهرت عليها آثار الحرق والتعذيب, وسُجلت الجريمة ضد مجهول,
ثم رصدوا تحركات عالم الآثار العراقي (دوني جورج), فنصبوا له الكمائن... ووزعوا الأدوار على مرتزقتهم, وانتظروا حتى صباح العاشر من مارس من عام 2011.. وهو اليوم المقرر لسفره بالطائرة إلى كندا ليلقي محاضرته في جامعة تورنتو, والتي كان ينوي فيها كشف الدوافع الحقيقية لتدمير أثار العراق!!!!!...
وما أن هبطت الطائرة في المدرج, وتوجه الركاب نحو قاعة المسافرين حتى سقط (دوني جورج) ميتا من دون أن ينبس ببنت شفة. فأعلنت إدارة المطار عن وفاته بالجلطة القلبية.. وهو التبرير المتوقع لعمليات الاغتيال, التي تنفذها الخلايا الإرهابية الدولية الضالعة بالإجرام, لخنق الأصوات الوطنية الناطقة بالحق.... ثم جاء الدور على النساء فذبحوا الدكتورة (سلوى حبيب), وسُجلت الجريمة ضد مجهول, وخنقوا الدكتورة اللبنانية (عبير أحمد عيّاش), وسُجلت الجريمة ضد مجهول, ثم خنقوا الدكتورة السعودية (سامية عبد الرحيم ميمني), ورموا جثتها في شوارع المدينة, وبمناسبة الحديث عن الفقيدة (سامية), نذكر إنها لم تكن عالمة بالذرة, ولا علاقة لها بهندسة المفاعلات النووية, ولا شأن لها بتكنولوجيا التسليح, بل كانت طبيبة متميزة في عملها, سجلت باسمها باقة من الاكتشافات الطبية الباهرة, وقطعت شوطا كبيرا في تبسيط جراحة الجملة العصبية, ولها عدة ابتكارات موثقة باسمها, فطلبوا منها التنازل عن بعضها, وعرضوا عليها مبالغ مغرية, لكنها رفضت العروض كلها, وواصلت دراساتها الطبية والمختبرية, حتى جاء اليوم الذي عرضت فيه قناة (CNN) صورا لجثة الطبيبة الشهيدة, وعلى الرغم من إنهم توصلوا لمعرفة هوية الجاني هذه المرة, وتأكدوا انه سرق أبحاثها, ووثائقها, ومصوغاتها وأثاثها, وألقى بجثتها في ثلاجة عاطلة, إلا إن التحقيق في حيثيات الجريمة لم يسفر عن شيء, ولم يعترف الجاني حتى الآن بسرقته لبراءة الاختراع التي حصلت عليها الدكتورة من المجلس الطبي الأمريكي, وطويت ملفات القضية, ونال الجاني حكما مخففا على جريمته الشنعاء...
وحاليا لا يشمل القتل العلماء وحسب.. بل العقلاء وحتى رجال الدين المعتدلين الذين بقدرتهم اصلاح الفوضى الحالية أو لم شمل ابناء أية دولة في الوطن العربي... ناهينا عن رجالنا العسكريين وافراد المخابرات المميزين...
ختاما لابد لنا أن نتحدث بألم ومرارة عندما نستعرض ما فعلته خناجر الغدر بعلمائنا ومفكرينا وابنائنا وسط هذا الصمت العربي الذليل المذل, بيد ان الأكثر مرارة هو عندما جعلت حكوماتنا العربية من أصحاب الكفاءات طيورا مهاجرة.. لا تتوفر لهم أبسط مستلزمات الأمن والأمان في أوطانهم.. حيث تتم اعادة برمجتهم في الخارج بما يوافق المصالح الغربية.. وحتى طلبة العلم عندنا قطفوا ثمار نجاحاتهم في محطات الغربة والاغتراب, ولم يجدوا من يحتضنهم في أوطانهم, ولم يجدوا من يوفر لهم العناية والرعاية, فهل سنستمر في وأد الكفاءات.. ونتجاهل مأساة هذه الدماء الزكية المهدورة ظلما وعدوانا؟؟؟؟... ثم ألا يحق لنا ان نتساءل عن هوية القوى الغامضة, التي تقف وراء تلك الخناجر الغادرة ولو بالهمس على أقل تقدير ؟؟. وكيف نصنع مستقبلنا إذا كنا نفرط بأصحاب هذه العقول المنيرة والهامات العالية, الذين هم عدتنا وعتادنا في مواجهة المستقبل المجهول؟؟؟؟؟؟ وهم سواعدنا في مشاريع البناء والتعمير, وأدواتنا لإرساء قواعد النمو والتنمية؟؟؟... وكيف نضمن التقدم والازدهار إذا كان المستهدفون بالاغتيال هم علماؤنا وبناة نهضتنا وضمانة وجودنا على خارطة العصر وهم سبيل إسهامنا في صنع نهضتنا المستقبلية؟؟؟؟؟؟؟؟
تعليقات
إرسال تعليق