القائمة الرئيسية

الصفحات

نحن لسنا قطعان ماشية...وابداُ لن نكون؟؟


نحن لسنا قطعان ماشية...وابداُ لن نكون؟؟

لقد حان الوقت، ومنذ آماد بعيدة لانزعاج القلوب، وما زال في الوقت مُتسع للإنتباه، وما زال في الأمة قدرة على القومة والنهوض برغم عمق الجراح والتصادمات والخلافات والاطماع وغزارة الدماء النازفة...

إن هناك جيش نفاق لم يكتفوا بتكريس فقه الذل وثقافة الخنوع..بل يقودون مجتمعاتنا قهرا الى الانهزامية والقنوط...ولقد بات من الواضح جداً أن سياسة خبيثة جرى ويجري تطبيقها في المجتمعات العربية تحديداً، هدفها مسخ الناس وصرفهم عن قيمهم النبيلة الموروثة، وجعلهم أشبه ما يكون بالماشية، همهم العيش وحسب، وليس المهم اليوم معرفة من يُطَبقها من الحكام رغبة ومن يطبقها منهم رهبة، ما دامت النتيجة واحدة، لكنها جريمة لا تعادلها جريمة، أن يُهيء حكامُ المسلمين أمةَ الإسلام للاستعباد، وهي في الأصل من اختارها الله لنشر قيم الحرية في الأرض. ...نعم.. إن من أصدق التعبيرات عن دين الإسلام أنه دين الحرية والعزة والكرامة (ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله)..

لقد دفع حبُّ العدل العربَ (في الجاهلية) إلى تأسيس حلف لنصرة المظلوم سُمِّي (حلف الفضول)، وسمي فضولا كونه يوجبُ على المشترك فيه دفع الظلم عن غيره، ويتحمل تبعات النصرة، فإذا كان ذاك هو حال العرب في الجاهلية، ففي أي قاع تخنع الأمة اليوم وقد أرسل الله إليها رسولاً بيّن لها صراطه المستقيم وتركها على المحجة البيضاء لَيلُها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك؟؟؟
وعندما انتقل نبي الله إلى جوار ربه، رأينا كيف تعامل خليفتُه مع رعاياه، وكيف استمرت قيم العدل والعزة والإباء التي لم يزدها الإسلام كما قلنا إلا ترشيداً وبهاء: (أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله لا يدع أحد منكم الجهاد في سبيل الله فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، فإني متبع ولست مبتدعا).
وتستمر قيم العزة والإباء في مجتمع الصحابة: (سأل عمر الناس يوماً: أرأيتم لو ترخصت – أي لو تهاونت – في بعض الأمور، ما كنتم فاعلين؟ قال بشر بن سعد: لو فعلت ذلك لقوّمناك تقويم القدح، فرد عمر: أنتم إذاً، أنتم إذاً)، (الخلافة والملك للمودودي، نقلاً عن كنز العمال)، والقدح هو السهم قبل تسويته، هكذا يحرص القائد على عزة وإباء رعيته، لأنه يعرف جيداً الفرق الكبير بين أن يكون قائداً لأحرار أو قائداً لعبيد، أما اليوم فحدِّث عن إذلال الرعية من قبل حكَّامها ولا حرج، حتى أن المتأمل في هذه المسألة لَيجد صعوبة في تصور أن يكون حكام هذه الأمة من أبنائها.
ولقد أصبح للقوى المناهضة للإسلام اليوم في جميع أنحاء العالم الإسلامي جيشاً جراراً من العملاء...واخطرهم من ينتسبون اليه... في صورة رجال سياسة وشيوخ دين وأساتذة وباحثين ونشطاء وفنانين وصحفيين ...هذا الجيش الجرار من العملاء مُوجه لخلخلة العقيدة في النفوس بشتى الأساليب.. وتوهين قواعدها...وتأويلها وتحميلها ما لا تطيق.. وإبعادها عن المجال الاساسي للحياة السوية المنفتحة الحرة التي ارادها الاسلام بالاساس..بل ويشوهون التاريخ كله ويحرفونه كما يحرّفون النصوص...
لقد شاع بيننا فقه ذل وثقافة خنوع ...لانهم جعلونا نعتقد ان اختياراتنا محدودة..او لا خيار لنا...وهذا خطأ..فالشعوب هي من تحدد مصائرها..والشعوب هي من تستبصر خطاها وتضع اهدافها...فلسنا ضعافا ولسنا قطعان ماشية..ولسنا كما نعتقد لا خيار لنا...فقط اذا استطعنا ان نغير ما بنفوسنا حتى يغير الله ما ارتضيناه على انفسنا..فالله تعالى خلقنا احرارا...فلا تجعلوا من انفسكم عبيداً لزمرة من عباده الذين طبع على قلوبهم وطمس على ابصارهم...
هل اعجبك الموضوع :
التنقل السريع