
منطقتنا ترقص فوق كف عفريت أو فوق صفيح ساخن , هذه حقيقة, لكن دخولها في حرب إقليمية كبرى يبقى تنبأ متذبذبا بين الحقيقة الساطعة والوهم الجامح, ولا يفوت المراقب تسجيل معطيات عديدة تشعره أن الحرب قادمة , فإن لم يكن في الأسابيع القادمة ففي الأشهر القليلة القادمة . دلائل الحرب كثيرة نذكر منها النقاط التالية:
- استنفار "إسرائيل" لحوالي أربع فرق عسكرية. وبالعادة لا تتحمل الجيوش حالة الاستنفار طويلة الأمد.
- المناورات الإسرائيلية في الجولان وبالقرب من مصر.
- تشكيل العدو لحكومة وفاق وطني متعددة الألوان السياسية, قد يفهم منه النية في التوجه لاتخاذ قرار جماعي خطير تتحمل مسؤوليته شتى الأحزاب القائمة.
- المناورات متعددة الجنسيات الغربية والعربية التي تجري في الأردن.
- صمود سورية الأسطوري شعبا وجيشا ونظاما أمام الهجمة المعادية التي تتعرض لها.
- انتقال أعداء سورية لتنفيذ عمليات إرهابية كبرى كتفجيرات العاشر من أيار بهدف إشاعة الرعب في نفوس أبناء الشعب السوري أملا في تقويض سورية من الداخل.
- إقامة قاعدة أميركية جوية جديدة في دولة الإمارات تضم أحدث الطائرات المقاتلة وأكثرها فتكا.
- نشر ثلاث حاملات طائرات وعدد من المدمرات الأميركية في منطقة الخليج وفي البحار المجاورة له.
- اللجوء للحرب لوضع حد لتمدد النفوذ الروسي والصيني في العالم.
- عودة نبرة التهديد القوية التي اتصف فيها خطاب السيد حسن نصر الله الأخير, والتي ذكر فيها أن جميع الأهداف الإسرائيلية تحت مرمى صواريخ حزب الله بما فيها أهداف محددة جدا. مما قد يفهم منه رصد حزب الله وحلفاؤه لتحضيرات أعداء الأمة لحرب إقليمية وشيكة .
- تكثيف وتكرار تصريحات قادة إيران العسكريين والمدنيين بحتمية زوال إسرائيل, وتحذيرهم المتكرر أيضا بعواقب أي عدوان أميركي أو إسرائيلي على بلادهم .
- عدم توقف إيران عن تنفيذ شتى أنواع المناورات العسكرية في البحر والبر والجو.
أما ما يجعل المراقب مستبعدا لحرب قريبة قادمة فيمكن تلخيصه بالآتي:
- خوف العدو الإسرائيلي من تداعيات الحرب لعدم ثقته بتحقيق الأهداف المرجوة منها.
- عدم اطمئنان أميركا لما يمكن أن تسفر الحرب عنه لوقوعها تحت تأثير نتائج حروبها الخاسرة في كل من العراق وأفغانستان.
- قرب الانتخابات الأميركية الرئاسية التي ستجري في نهاية هذا العام والخشية من نتائج كارثية للحرب قد تؤدي لسقوط الحزب الديمقراطي وسقوط الرئيس اوباما.
- تيقن أميركا و"إسرائيل" بأنه بيدهما بدء الحرب لكن ليس بيدهما إنهاؤها .
ولا يفوتني أن أذكر وجود إمكانية أن "إسرائيل" في مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية تقوم باستعمال جميع وسائل الضغط القوية التي بحوزتها لجر الرئيس الضعيف اوباما للحرب التي تريدها اليوم وليس غدا , ملوّحة أو مهدّدة له بمحاربته انتخابيا الأمر الذي قد يعني له سقوطا مدويا.
وبخصوص الأزمات الاقتصادية والمالية التي تعاني منها أميركا ويعاني منها الغرب عموما فقد تجيّر لصالح الاحتمالين , أي أن الحرب وبرغم جميع الأزمات المالية الكبيرة وبرغم جميع العوامل المذكورة هي بتقديري قدر لا مفر منه , قد تداهمنا قريبا أو يطول انتظارها , فالمتأزم نفسه أمارة بالسوء , وقد يقدم على العدوان من أجل الخروج من أزمته وقد ينكمش ويتراجع طلبا للسلامة. لكن أميركا هذه الدولة العظمى المتغطرسة لا تنكمش بيسر , وإسرائيل التي قامت على العدوان والسلب يقتلها الإنكماش بدون حروب , والمثل يقول : "غلطة الشاطر بألف" . فهل ترتكب إسرائيل خطأ استيراتيجيا قاتلا فتشن الحرب أو تجر أميركا لارتكاب خطأ مثله ينزلها عن منصة قيادة العالم التي تتربع فوقها؟