الإنسان كائن غامض .. وما نعرفه عن أنفسنا كبشر لا يتعدى أن يكون قشوراً ظاهرية دون الجوهر .. وكلما ساق لنا العلم كشفاً عن أنفسنا وأصابتنا الدهشة والتعجب من تلك الإمكانيات والقدرات البشرية التي أودعها الله فينا.. كلما ازدادت دهشتنا وتعجبنا لظواهر وقدرات أخرى نراها في أنفسنا دون أن نجد لها تفسيراً أو كشفاً... فالإنسان مخلوق مركب من روح وجسد، متعدد القدرات والإمكانيات، خلقه الله في كون متميز بالكائنات التي يتمتع كل منها بقدرات خاصة تمكنه من السعي والعبادة، فمنها ما يتمتع بجناحين يحلق بهما في أجواء السماء، ومنها من له القدرة على التنفس تحت الماء ومن يشعر بالخطر عند اقترابه ومن يملك القدرة على الاتصال بأفراد عشيرته مهما كان البعد بينهم... والعديد والعديد من القدرات المختلفة والمتنوعة التي يتمتع بها الكائنات... هذا وقد جعل الله الإنسان سبباً على هذه الكائنات وسخرها له هذا الإنسان المتمتع بالعقل والقلب وما سواهما على هذه الكائنات ولاشك أن الزعامة والسيادة لابد لها من سند ودليل فما كان لعاجز أن يحكم سليماً ولا ضعيفاً أن يحكم قوياً....
وبطبيعة الحال لا أقصد القدرات الجسمية والعضلية الظاهرة فهذا أمر تجاوزه الإنسان بعقله من أمد بعيد فقد تخطى سرعة الكائنات باختراعه المعدات كالسيارة والقطار وحلق في الجو كالطير باختراعه الطائرات وغاص في أعماق البحار كالأسماك بالغواصات وكل ذلك نتاج العقل البشري الملهم من ربه.... إنما أقصد القدرات الخفية والتي تبدو لنا من الوهلة الأولى عند ظهورها كأشياء خارقة في الطبيعة البشرية وإن كانت في حقيقة الأمر قدرات يتمتع بها العديد من الكائنات الأدنى من حولنا في هذا الكون العامر... وهذه القدرات أعني منها الظواهر التي تناقلها الناس عن آحاد الناس ولا يقدر عليها غيرهم كظاهرة التخاطر وتوارد الأفكار والانتقال الروحي والتنويم المغناطيسي وقدرات غريبة أخرى نسبت إلى الصالحين كالطير في السماء بدون آلة أو المشي على الماء وقدرات البعض في التأثير على المعادن بثنيها دون الاقتراب منها أو تحريك الأشياء المادية دون لمسها وأشياء أخرى عديدة... وليس أسهل على الإنسان عندما يقف عند هذه الأمور عاجزاً عن التفسير أو الفهم أن يفكر كل هذا جملة واحدة ويرمي أصحابها بالدجل والتحايل وما أصعب أن يقوم الإنسان بدراستها والكشف عن مصدرها والوصول إلى التبرير العلمي والمنطقي لوجودها....
ولقد منَّ الله علينا بأن أمدنا في كتابه العزيز بالعديد من البيانات والمعلومات التي توضح لنا بعض الظواهر التي يعجز العقل عن الوصول إليها وحده، وكذلك فتح لنا العلم باباً لمعرفة بعض الظواهر الأخرى ومازال أمامنا الكثير لمعرفة البعض الآخر... وفي البداية .. يجب أن نعلم أن القدرات البشرية الخارقة للطبيعة لها أكثر من مصدر، فمنها ما يرجع إلى موهبة خاصة في الإنسان نفسه وتنبع من ذاته ومنها ما يرجع إلى استخدام علم من العلوم غير المتداولة عند العديد من الناس، وبعضها يرجع مصدرها إلى الاكتساب عن طريق بذل الجهد والعمل... كما أن بعضها ينسب إلى الروح البشرية وأخرى تنسب إلى القدرات العقلية والبعض الآخر يرجع إلى الاستعانة بمخلوقات غيبية لا يمكن الاتصال بها إلا عن طرق ووسائل خاصة غير متداولة عند الكثير وتدخل غالبيتها نطاق الحرمانية... فما هي هذه القدرات دونما مبالغة أو حط من شأنها، مستعينين بالله عز وجل في محاولة الكشف عنها وإيجاد المبرر السليم لها مع ربطها بالعلوم الدنيوية التي كشف عنها العلم الحديث؟؟؟؟
أولاً : القدرات الذاتية
والقدرات الذاتية نعني بها القدرات التي تصدر عن نفس الإنسان وروحه سواء اكانت سالبة ام موجبة، وهذه القدرات ترجع إلى قدرات الروح والتي يولد بها الإنسان، ونعني منها ظاهرة الانتقال الروحي والوحي الحلمي والحسد والعين والتحكم البالغ في أعضاء الجسد الخارجي والداخلي كذلك العلاج الروحي....
ثانياً : القدرات العقلية
ونعني بها ظاهرة التخاطر وتوارد الأفكار والتأثير على الأشياء المادية دون لمسها...
ثالثاً : القدرات المعتمدة على الاتصال بكائنات اخرى
وهى إلاستعانة بمخلوقات أخرى كالسحر والاتصال بالجن وقراءة الفنجان والكف والتنجيم وهي في نطاق الحرمانية..
رابعاً : قدرات تعتمد على الاكتساب
وهي جامعة لمختلف القدرات والإمكانيات السابقة جميعها...
وهذا التقسيم السابق لا يمنع تداخل أكثر من مصدر في الظاهرة الواحدة، إنما هو يغلب بعض هذه المصادر على الأخرى.. وفي بداية الأمر نلقي الضوء على بعض العلوم المتعلقة بها والتي يحرص على دراسة ما بقى منها قلة قليلة للاستعانة بها في الحصول على قدرات خاصة تميزهم عن غيرهم من الناس... والسبب يرجع لما يحيط بها من غموض مما جعلها تتأرجح بين الحقيقة والخيال والتشكك في كونها علماً أو خرافة او دجل..
علم نفس الخوارق
العلم اثبت ان كل شئ في هذا العالم يتكون من ذرات ، جزيئات ، الكترونات و بروتونات سابحة ومهتزة... اي ان القانون العام هو اهتزاز الذرة بما فيها وكذلك نعرف جميعا ان كل اهتزاز يهتز ضمن رتبة معينة وضمن موجة معينة (وهذا يقودنا الى ان الكون برمته عبارة عن موجات تختلف فقط في طول موجتها... وكلما زاد اهتزاز الشئ كلما زاد رقة و اكتسب شفافية (كالغازات مثلا) .....وحواسنا البشرية لا تستطيع ان تستوعب الا مدى معين من الرتب فمثلا حاسة السمع مقيدة بين عتبة السمع وعتبة الالم (من 20 الى 20000 ذبذبة في الثانية) اي ان الاذن البشرية لا تدرك الا احد عشر سلما ونصف من اصل بلايين السلالم الصوتية واي شي ذو رتبة اقل او اعلى فاننا لا ندركه .... وهذا يدل على ان الانسان لا يستوعب الا الاحداث الظاهره فقط!!... وما هو جدير بالذكر ان هذه النظرية سمحت للعلماء ان يفترضوا وجود اكوان متداخلة مع بعضها اي يخترق بعضها الاخر دون ان يشعر احدها بوجود الاخر نظرا لتغاير رتبته في التردد...
ايضا الرؤية عند الانسان فهي محددة بمدي معين من الطول الموجي للضوء اكبر منه او اقل منه لا يري بالعين المجردة
كالأشعة فوق البنفسجية او الاشعة تحت الحمراء وما سواهما من الموجات غير المنظورة...مع انها موجودة و تقاس و تحدد بواسطة اجهزة.. هذا ما سمح لعلم ما وراء الطبيعة ان يخرج للافق ..او علم الباراسيكولوجي .. و يعني بعلم ماوراء النفس .. او ماوراء الفيزياء .. مع انه متعلق بشدة بعلم الفيزياء..
ان ما أثبته علم نفس الخوارق من الحقائق التالية يمكن ان يفتح للانسان ابوابا اخرى من المعرفة :
- فقد ثبت ان بإمكان العقل ان يتصل بعقل آخر دون واسطة مادية
- وان بامكان العقل الاتصال بموجودات او مخلوقات أخرى يشعر بها دون واسطة
- وان بامكان العقل تخطي المسافات الشاسعة
- وان بامكانه التأثير في حركة الجماد والحيوان ..
هذه بعضٌ من الأمثلة (الباراسيكولوجية) Parapsychology ...وقد أُقر هذا العلم في القرن التاسع عشر في العديد من البلدان واقيمت له الكليات والمعاهد .. سواء في الولايات المتحدة .. أو في روسيا في حقبة الأتحاد السوفيتي ..
للباراسيكولجي عدة فروع .. منها
Telepathie:التلباثي .. وهو كلمة مزجية من تعبير يوانني وتعني في الأصل الشعور عن بعد .. ويتعارف على هذا المصطلح بالعربية بـ " التخاطر "
وينقسم أيضاً إلى عدة فروع ..
Telekinsis: التيليكينيزيا .. أي التحريك عن بعد بقوة العقل .. أو ما يعرف بـ " العقل فوق المادة ".
Clair-audiance: الجلاء السمعي
Clairvoyance:الجلاء البصري ( ما تسمى بالمكاشفة عند علماء المسلمين )
Astral projection: الطرح الروحي أو الخروج من الجسد الذي يحصل بواسطة الجسد الأثيري Corps Astral
Spiritism:الأتصال بكائنات غير منظورة.
Extrasensory per ception:الأدراك عن غير طريق الحواس .
وهناك الكثير مما يدرسه هذا العلم ..
كانت هذه مجرد بداية بسيطة للتعرف على هذا العلم الغير غريب على علماء المسلمين ومنهم العالم ابن القيم الجوزية -رحمه الله- ويتضح اطلاعه على هذا العلم في كتابه ( الروح ) وايضا كانت هذه من كرامات صحابة الرسول -رضي الله عنهم- و أولياء الله الصالحين .. والذي لا يزال علماء الغرب يتعمقون في مسائله ....
الموجات الفكرية
الموجات الفكرية .. هي الركيزة الاساسية لما يسمى الشعور عن بعد .. ( التخاطر ..Telebathy )
وهي أيضاً ركيزة أساسية في Telekinesis .. تحريك الاشياء المادية عن بعد بدون أي وسيلة مادية .. فقط بقوة الفكر...( العقل فوق المادة) وتعتبر الموجات الفكرية .. أساس علم الباراسيكولوجي ...
موطن الموجات الفكرية
Pineal giand
هذه الغدة تدعي الغدة الصنوبرية أو كما سمها ( ديكارت) مكمن الروح .. لهذه الغدة نشاطات بيولوجية .. كتحكم بالجوع والعطش .. ونشاطات روحية .. وهذا ما يهمنا....
هذه الغدة هي بمتثابة جهاز اتصال لا سلكي ( مرسل ومستقبل ) تعمل على اصدار الموجات الفكرية واستقبالها .... وبهذا يقول العالم علي عبد الجليل راضي (تتشعع من هالة الإنسان عن طريق مستوياته السبع إشعاعات أو أمواج في جميع الجهات ... فهو كأي كائن له ذاتية أو بمعنى آخر له سرعة اهتزاز أو تردد معين . فمثله كمثل الشمس عند ما تشع الضوء أو كمثل الموقد الذي يشع الحرارة أو كالزهرة التي تشع الرائحة )... وهنا عبر راضي عن طبيعة الفكر باسلوب سهل ومريح ومفهوم ....
يمكن أن نشبه العقل البشري بجهاز الهاتف النقال ..العقل عندما يفكر يقوم بأرسال موجات فكرية ... واذا فكرت في صديق لك . فإن المخ يقوم بإرسال موجات فكرية إلى الشخص الذي تفكر فيه . فالمخ هنا بدا كالجاهز النقال .. وصورة الشخص تمثل رقم الهاتف ...ربما الكثير منا حصل معه حالات تخاطر لا ارادية .. وثمة عدة طرق لارسال موجات فكرية إلى شخص معين ... والتأثير عليه عن بعد .... منها لتأثير على شخص تعرفه ويعرفك . ومنها لا تعرفه ولا يعرفك . ومنها أيضاً تسمع عنه ولا تعرف مظهره الخارجي ... فالذبذبات الفكرية .. تصدر من الغدة الصنوبرية .. وهذه الغدة يسيرها العقل اللاواعي(الباطن ) عندما يفكر الانسان بامر ما .. فأن هذه الغدة تصدر موجات فكرية تحمل طبيعة التفكير إلى الهالة (Auro) والهالة تصدر هذه الموجات إلى الفضاء الخارجي .. وطبيعة الافكار تقرر مصيرها...
الموجات الفكرية والتخاطر Telebathy
تعتبر الرسائل التخاطرية ( الروحية ) من أجمل ما يمكن أن يقدمه لنا الباراسيكولوجي... اذ نستطيع أن نتواصل من خلالها مع من نحب بدون تدخل أي حاسة من حواسنا المادية اواستعامل وسائل الاتصال التكنولوجية .
واذا أردت أن تجرب بنفسك فن التخاطر .. الامر سهل جداً ..
ولكن قبل ذكر الطريقة .. كل ما كنت طيب وقلبك صافي وروحك شفافة ستكون رسائلك قوية .. واذا كنت من الناس كثيرون الغضب أو بمعنى آخر الذين يحقدون كثيراً .. أنصحك أن تبدل شعور الحقد والكره في عملية ارسال الرسالة لان الاحتفاظ به سيحول دون وصولها... سنذكر آلية لارسال رسالة روحية لشخص تعرفه :
وهذه النوع من التخاطر يعد أسهل نوع ..لانك تعرف الشخص ويمكنك أن تراه شكله الخارجي بذهنك .
ويلزمك عملية استرخاء جيدة .. وصفاء عقلي ..ويحبذ أن تكون وحدك في الغرفة وتكون الانوار خافتة ..الآن استحضر صورة الشخص في ذهنك .. وناديه باسمه في ذهنك .. ركز على تفاصيل الصورة .. وخصوصاً ملامح الوجه .. الان.. تكون قد انطلقت من الغدة الصنوبرية عن طريق الهالة موجات فكرية أيقظت اللاشعور في الشخص المُستقبل .
ابدأ ببث رسالتك .. قل له ما تريد .. مثلاً قل له اتصل بي الان .. أو تعال الي ..أو أعدل عن رأيك في القضية الفلانية .. أو وافق على طلبي الفلاني.. أي شيء تريده.. وينصح أن تكون مدة ارسال الرسالة لا تقل عن ثلث ساعة ...
آلية ثانية .. وهي أشد تأثير
قف مقابل مرآة كبيرة نواعاً ما .. أشعل على جانبي المرآة ضوء خافت .. تخيل صورة الشحص المُستقبل في ذهنك .. حاول ( ويجب أن تنجح) أن ترى صورة الشخص المستقبل في المرآة بدل من صورتك..وبعد أن تراها بقوة تركيزك وذهنك .. يمكنك أن تعتقد أنه يقف أماك بالفعل... جرب وأنت الحكم .
فالغدة الصنوبرية موجودة عند كل إنسان .. ولكنها تضمر نظراً لقلة استعمالها... وكل ما عليك هو نفض الغبار عنها .. وإن فعلت فسترى العجائب ..
منطقة الانذار المبكر
منطقة الانذار المبكر للحاسة السادسة تقع في الجزء الخاص من حل الصراعات من مخ الانسان... قال تقرير نشر في مجلة "ساينس" إن الحاسة السادسة لدى الانسان الخاصة بالاحساس بالخطر التي رفضها بعض العلماء على اعتبار أنها خرافة توجد فعليا في جزء من المخ يتعامل أيضا مع حل الصراعات.... وقال الباحث جوشوا براون من جامعة واشنطن في سانت لويس بولاية ميسوري في بحث خاص إن منطقة المخ المعروفة بالقشرة الداخلية الطوقية تطلق بالفعل الانذار بشأن الاخطار التي لا تستطيع النفاذ إلى المخ الواعي... وتقع القشرة الداخلية الطوقية قرب قمة الفصوص الامامية وإلى جانب الفواصل التي تفصل بين قسمي المخ الايسر والايمن...
كما اثبت الباحثين باستخدام برنامج كمبيوتر على شباب أصحاء للرد على نشاط على جهاز متابعة وقياس نشاط أمخاخهم على فترات كل 2.5 ثانية بجهاز أشعة الرنين المغناطيسي.. إن النتائج أظهرت أن "أمخاخنا تلتقط إشارات التحذيرات بشكل أفضل مما كان يعتقد في الماضي".... فالقشرة الداخلية الطوقية مرتبطة بشدة مع مشاكل عقلية خطيرة من بينها الشيزوفرينيا أو انفصام الشخصية والاضطراب العدواني القهري...
الفرق بين السحر والخوارق
مفهوم الخوارق:
إن كثيرًا من الناس يخلطون بين السحر والخوارق سواء كانت معجزات أو كرامات ولا يكادون يفرقون بينهما...
والخارق في اللغة: من الخرق وهي الفرجة والشق في الحائط والثوب ونحوه ...أي ما انخرق من الشيء وبان منه، والخرق محركة: الدهش من خوف أو حياء وأن يبهت فاتحًا عينه بنظر.
وفي الاصطلاح: هو الأمر الذي يخرق العادة ج:خوارق وفي الكليات الخارق معجزة إن قارن بالتحدي وإن سبقه فإرهاص وإن تأخر عنه بما يخرجه عن المقارنة العرفية فكرامة فيها يظهر، وإن ظهر بلا تحد على يد ولي فكرامة أو على يد غيره فسحر أو استدراج أو شعبذة أو إهانة.... فكل ما خرج عن العادة فهو خارق.
الفرق بين السحر والمعجزة:
1- مفهوم المعجزة لغة:
مشتقة من عجز أي ضعف وعجز عجزًا من باب تعب .... وأعجزه الشيء فاته وأعجزت زيدًا وجدته عاجزًا وعجزته تعجيزًا جعلته عاجزًا وعاجز الرجل إذا هرب فلم يقدر عليه، ومعنى الإعجاز: الفوت والسبق..يقال عجز عن الأمر إذا قصر عنه يقول تعالى حكاية عن ابن آدم: ﴿أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ الْنَّادِمِينَ﴾ سورة المائدة، الآية: 33. ويقول أيضًا ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِى اللهِ﴾ سورة التوبة، الآية:2. ﴿وَمَا أَنْتُم بِمُعْجِزِينَ﴾ سورة الشورى، الآية: 29. والمعجزة بفتح الجيم وكسرها: مفعلة من العجز: عدم القدرة...
2- مفهوم المعجزة اصطلاحًا:
عرفها النبهاني بقوله: {المعجزة فعل خارق للعادة مقرون بالتحدي يقوم مقام تصديق الله تعالى النبي بالقول} حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين/ ص:10. وعرفها الشيخ محمد متولي الشعراوي بأنها: {خرق لقوانين الكون يؤيد الله سبحانه وتعالى بها رسله بينما يعجز المكذبون بهذا الرسول أن يأتوا بمثلها}. معجزات الرسول/ ص:4.
فالمعجزة أمر خارق للعادة يظهرها الله على يد الرسل والأنبياء تكون مقرونة بالتحدي للدلالة على صدقهم مع عدم المعارضة وقد سماها الأئمة المتقدمون بالآيات يقول ابن تيمية: {وإن اسم المعجزة يعم كل خارق للعادة في اللغة وعرف الأئمة المتقدمين كالإمام أحمد بن حنبل وغيره -ويسمونها الآيات- لكن كثيرًا من المتأخرين يفرق في اللفظ بينهما فيجعل المعجزة للنبي والكرامة للولي وجماعها الأمر الخارق للعادة} مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية/ م:22 ص:311.312.
3- الفرق بين السحر والمعجزة:
يظهر هذا الفرق من عدة وجوه:
أ- أن المعجزة لا تظهر إلا على يد نبي صادق فيما يخبر به أما السحر فيظهر على يد كاذب فاسق، يقول ابن خلدون: {الساحر لا يصدر منه الخير ولا يستعمل في أسباب الخير وصاحب المعجزة لا يصدر منه الشر ولا يستعمل في أسباب الشر وكأنهما على طرفي النقيض في أصل فطرتهما} مقدمة ابن خلدون/ م:2 ص:200.
ب- أن أعمال السحرة يمكن إبطالها ومعارضتها بمثلها أما معجزات الأنبياء فلا يمكن إبطالها ولا معارضتها، ويذكر ابن خلدون في مقدمته: أن زركش كاويان -وهي راية كسرى- كان فيها الوقف المئيني العددي منسوجًا بالذهب في أوضاع فلكية رصدت لذلك الوقت ووجدت الراية يوم قتل رستم بالقادسية واقعة على الأرض بعد انهزام أهل فارس وشتاتهم، وهو فيما تزعم أهل الطلسمات والأوراق مخصوص بالغلب في الحروب وأن الراية التي يكون فيها أو معها لا تهزم أصلاً إلا أن هذه عارضها المدد الإلهي من إيمان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمسكهم بكلمة الله فانحل معها كل عقد سحري ولم يثبت ﴿وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ سورة الأعراف، الآية:118.).
ج- أن السحر علم مكتسب تعين فيه الشياطين السحرة، أما المعجزة فهي هبة من الله تعالى لأنبيائه يقول ابن خلدون: {المعجزة قوة إلهية تبعث في النفس ذلك التأثير فهو -النبي- مؤيد بروح الله على فعله ذلك والساحر إنما يفعل ذلك من عند نفسه وبقوته النفسانية وبإمداد الشياطين في بعض الأحوال} مقدمة ابن خلدون/ م:2 ص:199.
ح- أن السحر يكون مقدورًا لكل الإنس أما المعجزات فلا يقدر عليها سوى الأنبياء يقول القرطبي: {السحر يوجد من الساحر وغيره، وقد يكون جماعة يعرفونه ويمكنهم الإتيان به في وقت واحد، والمعجزة لا يمكن الله أحدًا أن يأتي بمثلها وبمعارضتها} الجامع لأحكام القرآن/ ج:2 ص:47.
خ- أن المعجزة مقرونة بالتحدي عكس السحر يقول ابن خلدون: {فالذي ذكره المتكلمون أنه راجع إلى التحدي وهو دعوى وقوعها على وفق ما ادعاه، قالوا: والساحر مصروف عن مثل هذا التحدي فلا يقع منه، ووقوع المعجزة على وفق دعوى الكاذب غير مقدور لأن دلالة المعجزة على الصدق عقلية لأن صفة نفسها التصديق فلو وقعت مع الكذب لاستحال الصادق كاذبًا وهو محال فإذاً لا تقع المعجزة مع الكاذب إطلاقاً} مقدمة ابن خلدون/ م:2 ص:200.
الفرق بين السحر والكرامة:
1- مفهوم الكرامة لغة: من الكرم محركة: ضد اللؤم كرم بضم الراء وكرامة وكرمًا وكرمة محركتين فهو كريم ومكرم ومكرمة وكرام كغراب ورمان ورمانة ج. كرماء وكرائم والكريم: الصفوح.
2- مفهوم الكرامة اصطلاحًا: هي ظهور أمر خارق للعادة من قبل شخص غير مقارن لدعوى النبوة، يقول ابن تيمية: {من أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات الأولياء وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات وأنواع القدرة والتأثيرات كالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين وسائر قرون الأمة وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة} مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية/ م:3 ص:156.
3- الفرق بين السحر والكرامة: يظهر هذا الفرق من الوجوه التالية:
أ- أن الكرامة لا تظهر على يد فاسق وإنما تظهر على يد ولي أما السحر فلا يظهر إلا على يد فاسق يقول ابن حجر: {ينبغي أن يعتبر بحال من يقع الخارق منه فإن كان متمسكًا بالشريعة متجنبًا للموبقات فالذي يظهر على يده من الخوارق كرامة وإلا فهو سحر لأنه ينشأ عن أحد أنواعه كإعانة الشياطين} فتح الباري شرح صحيح البخاري/ ابن حجر ج:15 ص:273-274.
ب- أن السحر علم مكتسب يحصل بالتعلم والصناعة أما الكرامة فلا تكون بالتعلم بل بالطاعة والعبادة.
ج- {أن السحر يكون ناشئاً بفعلها وبمزجها "أي بأفعال وطقوس معينة" بينما الكرامة لا تفتقر إلى ذلك وفي كثير من الأوقات يقع ذلك اتفاقاً من غير أن يستدعيه الولي أو يشعر به} صحيح مسلم بشرح النووي/الإمام النووي م:7 ج:14 ص:176.
ح- {الكرامة لا يتحدى بها الولي} حجة الله على العالمين في معجزات سيد المرسلين/ النبهاني ص:10. أما الساحر فيتحدى بأفعاله الآخرين.
خ- أن السحر يحصل بعون من الشياطين أما الكرامة فتحصل بمدد إلهي، يقول ابن خلدون: {وقد يوجد لبعض المتصوفة وأصحاب الكرامات تأثيرًا أيضاً في أحوال العوالم، وليس معدودًا من جنس السحر وإنما هو بالإمداد الإلهي خط على قدر حالهم وإيمانهم وتمسكهم بكلمة الله، وإذا اقتدر أحد منهم على أفعال الشر فلا يأتيها لأنه متقيد فيها يأتيه ويذره للأمر الإلهي} مقدمة ابن خلدون/م:2 ص:199.
والله تعالى اعلى واعلم
تعليقات
إرسال تعليق