إذا نظرنا إلى التاريخ الذي تتناوله الشعوب المختلفة ، نلاحظ أن كل أمّة تنظر إلى التاريخ من الزاوية المناسبة لها ، قد يكون هذا احيانا أمر طبيعي إذا قمنا بالنظر إليه من الناحية الاستراتيجية .او من أجل إرساء الوحدة الوطنية و غيرها من أفكار تعمل على دغدغة مشاعر الشعوب ، تعمل المؤسسات الثقافية على إيجاد أبطال تاريخيين منسوبين لهذه الأمة و شاركوا في صنع أمجادها الغابرة...اما ان يزيف التاريخ لطمس جرائم او سرقة امجاد او صناعة امس براق او تهيئة الاجيال لمنهج مخطط...فهذه جريمة
فإذا ألقينا نظرة مثلا على التاريخ الذي تدعي به حكومات الولايات المتحدة الأمريكية ، و الذي لا يتردّدون في الإعلان عنه و إدخاله في المناهج المدرسية و يعلّمون التلاميذ كيف كان أجدادهم الأبطال يحاربون الهنود المتوحشين ! و يجب أن لا ننسى الدور الذي لعبته الأفلام الهوليودية في ترسيخ تلك الأكاذيب في عقول الشعوب !. نكتشف حينها ذلك المستوى من الانحطاط الأخلاقي و التجرّد من الإنسانية الذي يمكن أن يصل إليه الإنسان في عملية تزويره للتاريخ !...يدعي التاريخ الأمريكي بأن الأوروبيين الأوائل قد خاضوا مئات من الحروب ضد الهنود . لكنها في الحقيقة لم تكن سوى مجازر دموية لا أخلاقية ارتكبها الأوروبي القوى المدجج بأسلحة فتاكة ضدّ شعب مضياف مسالم شبه أعزل يكره الحروب...ناهينا عن الاكتشافات والاختراعات التي سرقت ونسبت لعلماء امريكا والغرب ومكتشفيهم... وفبركة الصعود على القمر..والقوة الغاشمة التي لا تقهر..والهولوكوست...وتأريخ
وكما ذكرنا..تزوير التاريخ .... حالة طبيعية .. تعتبر إحدى أهم الضروريات الاستراتيجية في عملية إدراة الجماهير ... لكن لصالح من ؟...أنظروا إلى ما وصلت إليه البشرية ... أنظروا إلى التوجّه الفكري و الأخلاقي الذي تسلكه الشعوب ..من المسئول عن هذا الوضع المرعب الذي نعاني منه الآن ؟.. لماذا لا تعلن الحقيقة ؟.. حقيقة أن التاريخ المكتوب صنعه مشعوذون استراتيجيون .. هدفهم هو توجيه الشعوب كما يشاؤن .. و التحكم بهم كما يشاؤن .. و تسخيرهم لتنفيذ أهداف قلّة شريرة من الناس .. و أهوائهم السخيفة .. فتاهت الشعوب .. و ابتعدت عن الحقيقة تماماً .. و راحوا يخوضون الحروب على الآخرين معتمدين على التاريخ المكتوب .. و راحوا يشعلون النيران و يقطعون الأشجار ... كما هو مكتوب ... راحوا ينهلون من المعلومات التاريخية المزوّرة حتى أصبحوا كائنات شريرة !!!! لا تستطيع العيش دون قتال ..فلم يعد للخير بينهم مكان ... و بدلا من تبجيل الخير و لعنة الشرّ ، راحوا يعبدون القوة و يحتقرون الضعف و الهوان !.. انقرض الخير و سادت القوة ..فحكم الشرّ !.. و نسب السيف للمجد !.. و نسبت القوّة للعظمة !. و المجرم السفاح أصبح بطلاً !. و الضعيف الذي خسر المعركة هو دائماً الشرير !.. أما المنتصر ، فهو القديس الذي اسمه يسود المشهد !...بالتزييف طمسنا تاريخ مشرف وقدسنا تاريخ شائن !..صنعنا ابطال من ورق وردمنا على صناع الحضارة والعلم والفن والحق...من قال أن الإنسان على صواب ؟!.آن الأوان أن ندع التاريخ جانباً ... و نبدأ بتلقين أولادنا من جديد...ان نعلم قيمتنا وقيمنا واعدائنا الحقيقيون...وممارساتهم وخدعهم عبر التاريخ... هل هذا المطلب كبير علينا كشعوب و جماهير؟.. أم أن هناك من يقف عائقاً في هذا التوجّه الإنساني العظيم ؟؟؟؟؟